توقيت القاهرة المحلي 04:09:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نِمنا محزونين وصحونا مفجوعين

  مصر اليوم -

نِمنا محزونين وصحونا مفجوعين

فهمي هويدي

  يناسبه تماما وصف «السبت الأسود». إذ نمنا فى الليل محزونين وصحونا مفجوعين. حتى صار الأفق مجللا بالدم ولم تر أعيننا فى الحالين سوى صور الأشلاء ومشهد الجنازات، وما سمعت آذاننا سوى أنين المكلومين وأصوات الملتاعين. كأنه كان سباقا على الموت، فى غزة التى عانى شعبها من وحشية العدوان الإسرائيلى. وفى أسيوط التى عانت بدورها من عبثية الاستهتار بحياة المصريين. لا أهمية لكون ما أقدمت عليه إسرائيل يعد جريمة مع سبق الإصرار والعمد، وما إذا كان الذى جرى فى أسيوط إهمالا فرديا وخطأ جسيما أقرب إلى العمد. أو أن الطائرات كانت أداة القتل عندهم فى حين كانت الحافلة المدرسية عربة الموت عندنا، لأن البشر هم الضحية فى الحالتين. إلا أننى أزعم أن الجرم فى حدث أسيوط أفدح. فالقتل فى غزة مارسه عدو باطش لا يستغرب منه ذلك، إلا أن القتل فى أسيوط تسببت فيه بيروقراطية يفترض أنها «صديقة»، لكنها مستهترة وعفنة، الأمر الذى دفعها إلى الاصطفاف تلقائيا إلى جانب العدو. حتى أوقعت من القتلى أكثر مما أوقعت الغارات الإسرائيلية على غزة. أصداء الجريمتين فيها ما هو جدير بالرصد. وكنت قد عرضت أمس لبعض الجوانب الإيجابية التى أمكن استخلاصها من مشهد العدوان على غزة الذى لايزال مستمرا. لكن تطورا إيجابيا جد فى مساء السبت (17/12) وجدت فيه شعاعا من الأمل جديرا بالإثبات. أتحدث عن اجتماع وزراء الخارجية العرب الذى أعرف أن أحدا لم يكن يعول عليه أو ينتظر منه خيرا. ولذلك فحين يخرج منه شعاع ــ مجرد شعاع ــ من الأمل فإن ذلك يعد خبرا يستحق التسجيل والحفاوة. وسواء كان ذلك بتأثير من أجواء الربيع العربى أو من أصداء الانقضاض الوحشى على غزة، فالشاهد أن وزراء الخارجية العرب وافقوا على اقتراح الأمين العام بإعادة النظر فى جميع المبادرات التى أطلقت للتوصل إلى تسوية سلمية مع إسرائيل، بما فى ذلك مبادرة قمة بيروت التى تبناها القادة العرب فى عام 2002، وتعاملت معها إسرائيل بازدراء شديد فى حين تعلق بها بعض أولئك القادة. وهى خطوة إذا ما أخذت على محمل الجد فإنها يفترض أن تؤدى إلى سحب المبادرة، كما ستؤدى إلى إنهاء دور الرباعية الدولية التى أقحمت على مسار التسوية ولم تحقق شيئا يذكر. وإذ أذكر مجددا بأننى أتحدث عن شعاع من الأمل، إلا أننى لست واثقا من أن دول الربيع العربى يمكن أن تحث الجامعة وبقية الدول العربية على أن تصبح عنصرا ضاغطا لصالح الفلسطينيين، يسهم فى فتح معبر رفح ويؤيد التصويت لصالح عضوية دولة فلسطين كمراقب فى الأمم المتحدة. كما أننى لست متأكدا مما إذا كان بمقدورها أن تدعم موقف مصر فى مطالبتها المرجوة بتعديل الملاحق الأمنية المتعلقة باتفاقية السلام، بما يسمح لها باستعادة سيادتها على سيناء، بعدما ثبت أن غيابها كانت له تداعياته الضارة بأمنها القومى. مثيرة للاهتمام والدهشة أيضا أصداء كارثة أسيوط، التى تسبب الاستهتار والإهمال فيها فى مصرع أكثر من خمسين طفلا قتلوا بعد إطاحة قطار الصعيد بالحافلة التى كانوا يستقلونها فى ذهابهم الصباحى إلى مدرستهم، ذلك أننا إذا كنا قد وجدنا شعاعا من الأمل فى أصداء الانقضاض الإسرائيلى على غزة، فإننى أزعم أن أصداء حادث أسيوط كانت كارثية إلى حد كبير. ذلك أننى فوجئت حين تابعت تلك الأصداء فى وسائل الإعلام بأن عددا غير قليل من مقدمى البرامج التليفزيونية والمعلقين تصيدوا الحدث للتشهير وتصفية الحسابات والمرارات مع رئيس الجمهورية والحكومة. إذ وقف هؤلاء فوق جثث عشرات التلاميذ لكى يوجهوا أصابع الاتهام وعرائض الادعاء إلى الرئيس الذى تولى منصبه منذ أربعة أشهر وإلى الحكومة التى لم يمض على تشكيلها ثلاثة أشهر، وسمعت إحدى مذيعات التليفزيون وهى تصرخ بصوت عال مطالبة رئيس الجمهورية بأن يرحل هو ورئيس الوزراء، طالما أنهما فشلا أو عجزا خلال تلك الأشهر عن تحمل مسئولية إصلاح الخلل المتراكم فى أداء الحكومة منذ ثلاثين أو أربعين عاما. وأعطت الفرصة كاملة لسيدة ادعت أن ذلك لم يحدث فى عهد مبارك (!!) فلا غرقت العبارة ولا أحرق قطار الصعيد ولا تسببت المزلقانات وحوادث الطرق فى قتل آلاف المصريين. وفى حوار تليفزيونى آخر شن أحد المعارضين هجوما شديدا على التصريحات الرسمية التى أشارت إلى أن الإهمال الجسيم الذى تسبب فى الكارثة من مخلفات ورواسب النظام السابق. رغم أن تلك بديهية لا يستطيع أن ينكرها منصف. استغربت أيضا لما سمعت وقرأته عن الادعاء باهتمام رئيس الجمهورية والحكومة بما حدث فى غزة، وتقصيرهم فى الاهتمام بكارثة أسيوط. حتى قال أكثر من واحد إن رئيس الجمهورية كان متحمسا ومنفعلا عندما تحدث عن غزة. فى حين أنه كان هادئا وقليل الانفعال إزاء ما حدث فى أسيوط (!) وهو خيط التقطه آخرون لكى يؤيدوا مزاعم الادعاء بأن الحكومة والنظام الجديد فى مصر مشغولان بحماس فى غزة بأكثر من انشغالهم بمصالح الشعب المصرى.. إلى غير ذلك من الأصداء السمجة التى حولت الكارثة التى هزت مشاعر المصريين إلى فرصة للكيد والتشهير والاغتيال الأدبى والسياسى. كانت تلك فجيعة ثانية، شممت فيها رائحة الانحياز إلى النظام السابق المسكونة بالحرص على إعفائه من المسئولية عن انهيار الخدمات وشيوع الفساد فى البلد. كما وجدت فيها انصرافا مذهلا عن قضية تدهور الخدمات التى تهم الجماهير، واهتماما بشىء واحد هو محاكمة الحكومة والتأكيد على إدانتها لإسقاطها وذلك سلوك مستهجن وطنيا وأخلاقيا ومهنيا أيضا. الأمر الذى يعمق من الشعور بالحزن والفجيعة. نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نِمنا محزونين وصحونا مفجوعين نِمنا محزونين وصحونا مفجوعين



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 03:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

GMT 03:33 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

اكتشافات أثرية تحت المياه بالسعودية

GMT 03:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«الإبادة» ليست أسمى

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon