توقيت القاهرة المحلي 00:34:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من تجليات أزمة الثقة

  مصر اليوم -

من تجليات أزمة الثقة

فهمي هويدي

اعتبرت جريدة الوفد فى عددها الصادر يوم الثلاثاء الماضى (24/4) ان إلغاء عقد تصدير الغاز لإسرائيل بمثابة «فرقعة سياسية»، كما ذكر عنوان الصفحة الأولى الذى أبرز باللون الأحمر. وأوردت الصحيفة ما ذكرته بعض مواقع التواصل الاجتماعى من أن القرار ليس سوى «تمثيلية لرفع شعبية العسكرى». هذه اللغة التى انطلقت من التشكيك فى دوافع اتخاذ القرار ترددت أصداؤها فى بعض الكتابات والتعليقات المصرية. التى لم تفترض البراءة فى مقاصده. بالمقابل فإن الإعلام الإسرائيلى كانت له قراءة أكثر جدية وأشد توجسا، حيث أشارت معظم التعليقات إلى أن الأمر يدل بشكل جاد على ان ثمة تغيرا فى السياسة المصرية بعد الثورة. حين يدقق المرء فى الصورة ويتتبع تطورات الحدث، يدرك ان خطاب التشكيك والتهوين ظلم القرار كثيرا ولم يعطه حقه، حيث أزعم انه يمثل نقطة مضيئة وصفحة مشرفة فى سجل الثورة المصرية، وسجل المجلس العسكرى والحكومة أيضا. وتلك شهادة ينبغى ألا نضن بها إذا أردنا أن نكون منصفين، وحين تذكرها فإننا لا نطوى صفحات أخرى محسوبة على الاثنين، لأننا لسنا فى وارد المحاكمة وإنما نلتمس الانصاف واحقاق الحق. إذ ليس سرا ان موضوع تصدير الغاز لإسرائىل ظل يشكل صداعا للمجلس العسكرى من ثلاث زوايا على الأقل. من ناحيته، لأن العقد فاسد من الأساس وسبق ان حكم القضاء الإدارى ببطلانه فى عام 2008، ولكن النظام السابق احتال لاستمراره. من ناحية ثانية فإنه كان مجحفا بحق مصر وظالما لها حيث كان يبيع الغاز لإسرائيل بثمن بخس لا علاقة له بالأسعار العالمية. من ناحية ثالثة فإن عملية تأمين خط الغاز أصبحت تشكل عبئا على السلطات المصرية بعد تعرضه إلى 14 عملية تفجير حتى الآن. لهذه الأسباب فقد اتجهت النية لإلغائه فى أول فرصة، مع الحرص على ألا يؤدى ذلك إلى تحميل الطرف المصرى بأية تعويضات. ومعلوم أن إسرائيل لجأت إلى التحكيم الدولى مطالبة بتعويضات قدرها 8 مليارات دولار  عن فترات انقطاع الغاز المصرى عنها. إلا أنه تبين ان العقد الموقع فى سنة 2005 يتضمن نصا يقضى بأنه إذا لم يسدد الطرف الإسرائيلى التزاماته المالية لمدة خمسة أشهر، فإن ذلك يعطى مصر الحق فى فسخه من جانبها. وهو ما حدث هذه المرة، إذ ظل الطرف الإسرائيلى يسوِّف ويماطل فى الدفع طوال تلك المدة، غير متوقع ان تلجأ السلطات المصرية إلى فسخ العقد. وحين تراكمت الديون على الإسرائيليين ووصلت إلى مائة مليون دولار وبعدما مرت الأشهر الخامسة المحددة فى الاتفاق، اتخذت القاهرة قرارها الذى ترقبته. وحين قالت السيدة فايزة أبوالنجا وزيرة التعاون الدولى ان مصر على استعداد لبيع الغاز لإسرائيل من خلال توقيع اتفاق جديد، فإن كثيرين لم ينتبهوا إلى دلالة الكلام ومغزاه. ذلك ان الاتفاق الجديد ــ إذا تم ــ فإن بيع الغاز سيكون بالأسعار العالمية، وليس فيه أية تضحية من جانب مصر. الأهم من ذلك ان الاتفاقية فى هذه الحالة ينبغى أن تعرض على البرلمان لإقرارها كما نص الدستور، وهذه هى العقدة التى نستطيع أن نقول من الآن أنه سيصعب تجاوزها، لأن البرلمان بتركيبته الحالية لا يمكن أن تمرر اتفاقا مع إسرائيل من ذلك القبيل. وهذا التحليل يسوغ لنا ان نقول انه بفسخ عقد البيع فإن باب تصدير الغاز لإسرائيل قد أغلق تماما، فى الأجل المتطور على الأقل. إذا صح هذا الذى ذكرت فهو يضمن أن حسابات إصدار القرار اتسمت بالجدية والرصانة، وان فكرة الفرقعة أو التمثيلية لم تكن واردة فى العملية، وان كنت أسلم بأن صدوره رفع من شعبية المجلس العسكرى، وهو أمر ينبغى ألا نضيق به أو نستهجنه. بل من ناحيتى أضيف انه حتى لو كان الأمر فرقعة أو تمثيلية فإنه يستحق الترحيب أيضا، طالما انه يؤدى إلى تصحيح العلاقة المختلة مع إسرائيل. ثمة بعد فى المشهد ينبغى الانتباه إليه، وهو أن أصداء التشكيك فى القرار تدل على وجود أزمة ثقة بين بعض عناصر النخبة وبين المجلس العسكرى، فتحت الباب لإساءة الظن فى ملابسات ومقاصد القرار. وتلك أزمة عامة تعانى منها مصر الآن، واستفحل أمرها حتى أصابت علاقات مختلف القوى السياسية ببعضها بعض. وهى مشكلة تحتاج إلى حل، ولا يتسع المجال للتفصيل فيها، ولذلك سأكتفى بتشخيصها هذه المرة، آملا أن تناقش مقترحات علاجها فى وقت لاحق. نقلاً عن جريدة "الشروق"  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من تجليات أزمة الثقة من تجليات أزمة الثقة



GMT 23:33 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الجولة السادسة

GMT 23:32 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

ابن حسن الصباح

GMT 23:28 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

فى كتاب الكرة المصرية «فصل كرواتيا»!

GMT 07:55 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

رائحة الديمقراطية!

GMT 07:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

نصرة.. ونعمة.. وصدفة

GMT 07:49 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

صراع النجوم.. ومن (يشيل الليلة)!!

GMT 07:46 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

من حكايا دفتر المحبة.. التى لا تسقط (٤)

GMT 07:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon