توقيت القاهرة المحلي 01:54:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السيمفونية المشروخة للديكتاتور العادل

  مصر اليوم -

السيمفونية المشروخة للديكتاتور العادل

وائل عبدالفتاح

الأزمة أن خطاب «شد الحزام..» ليس جديدًا. قصتنا معه طويلة طول الاستبداد وسنواته التى تصورنا أننا لن نخرج منها.. و«شد الحزام» من دون تغيير سياسات والثورة على العفن الكامن فى أجهزة الدولة والأهم بناء علاقة جديدة بين الفرد والدولة تقوم على حق الفرد وحريته وسعادته، لا على خضوعه لتسلط ووصاية الكهنة وفرعونهم فى الأعالى. اليوم نسمع من جديد نفس الخطاب وندرك أنه يثير القلق من حيث يريد صاحبه (المشير السيسى) أن يثير الإبهار والإعجاب وإثبات القدرات والكفاءة. هذا خطاب تتقنه الدولة وسلالات «الدولتيين» أى موظفى الدولة الذين يحصلون على السلطة بالأقدمية أو الترقى الوظيفى أو القرب من مركزها الأعلى. مشكلة «الدولتى» أنه ابن مخلص ومؤمن بقدرات دولته/ لا يقترب منها/ وعلاقته بها نوع من التوحد الذى يقارب التوحد مع العائلة أو السلالة. هذا التوحد يفقد «الدولتى».. القدرة على تخيل «دولة..» أخرى أى شكل علاقة مختلف بين الفرد والدولة/ فالخلافة دولة نمطها قديم والمماليك كانوا ناجحين من منظور زمنهم/ إعادة إنتاج إنماط الدولة التى انتهى زمنها/ لا يضعها فقط خارج التاريخ/ لكنه يمثل عجزًا وقلة كفاءة وفقدان فاعلية لا يمكنها أن تحل المشكلات.. وستضطر إلى استخدام القمع والقهر والتزييف فى الوعى.. كأداة وجود/ خاصة عندما يصبح تزمين الحاكم الفاشل فى الاستجابة هو شغل الدولة الشاغل. هذه الدولة فشلت/ والثورة عليها لم تكن ترفًا ولا مؤامرة/ وهذا ما لا يريد أبناء الدولة الفاشلة الاعتراف به وهم يعيدون خطاباتها المستهلكة ويصفقون لأنفسهم لأنهم يعيدون إنتاج «معجزة الفشل». لا يرون أبعد من خطوتهم الضيقة و.. يفتشون فى الدواليب القديمة.. ولهذا يوجد شخص مثل فريد الديب مبررًا لكى يقول «لو بُستم إيد مبارك لن يترشح للرئاسة» يقول ذلك لأنه يرى «المباركية» من دون مبارك/ يراها بحلولها الفاشلة وأفقها المسدود ونظرتها إلى الشعب على أنهم عبء/ والسلطة على أنها قدر.. لماذا تعيدون الكارثة المباركية بعد أن ثار الشعب عليها؟ يظهر خطاب «شد الحزام» ليدخل الشعب فى متاهة.. الدفاع عن نفسه.. وإذا رفضنا المنطق الذى يدين شعبًا منهوبًا من دون أن يحاسب النهابين أو يعيد رسم السياسات لكى لا يسمح بالنهب.. فإننا ندافع عن الكسل والتمبلة. هذه مفاهيم السلطوية الفاشلة التى تعلن بوضوح أنها لن تتغير لن تحقق العدالة ولا الحرية.. وستبقى مقدسة فوق المحاسبة كما يطبل الطبالون ويعزف المنافقون سيمفونية الديكتاتور العادل الذى مثل الخليفة والمملوكى لا يصلح لزمان الدولة الحديثة/ والطنطنة به من جديد هو استدعاء للخرافة والدجل والشعوذة حيث سيتبخر عدله (العدل نظام لا منحة من فرد) ولن تبقى سوى ديكتاتوريته. خطاب «شد الحزام..» هو استعراض بديل عن خطة وبرنامج إصلاح الدولة من عفنها الذى يقدمونه على أنه قدر «عاجبك ولاّ موش عاجبك..»، و«اقبل بنا.. وإلا الإخوان سيقفزون للسلطة..»، و«شفتوا حصل إيه لما حصل تغيير.. لقد أتى إليكم الإخوان فى غزوة الصناديق..». هذا الخطاب لا يعنى بالإصلاح أو خطط التنمية، لكنه يلوم «الشعب» كأن المصريين كلهم كتلة كسالى باختيارهم (لا يعانون البطالة) ويعيشون فى رفاهية (يذهبون إلى الجامعات والمصالح بالأوتوبيسات..) إنه خطاب «شد الحزام» نفسه الذى سخر منه عادل إمام فى الثمانينيات فى «شاهد ماشفش حاجة».. سخرية من استمرار «شد الحزام..» مع استمرار انتفاخ الكروش فى السلطة والحسابات فى البنوك والمعاناة فى الشوارع. وكان مبارك بدلًا من مواجهة فشل حكوماته يوجه اللوم إلى المواطنين «تأكلون 3 أرغفة عيش وتضعون 4 ملاعق سكر فى الشاى»، يقول هذا لمَن يعتبر العيش والسكر متعته الوحيدة، بينما طبقات الفساد المتوحش التى تربت على أبواب نظامه وأغلقت على مصر كلها بانايتها المفرطة النوافذ والشرفات وخنقت الشعب.. فلم يوجه إليها كلمة بعد أن أصبح واحدًا من«الأغنياء الذين يحكمون بلدًا فقيرًا». خطاب «شد الحزام» هو إعلان عن عدم الاقتراب من مغانم الشريحة التى احتكرت الثروة مع السلطة/ وتحاول منذ 25 يناير أن تستمر الماكينة التى تلقى بالفتات للملايين، بينما «الغنيمة» من حق شريحة صغيرة من المتحلقين حول مركز السلطة أو البابا الراعى لهذه المصالح. الدولة بهذا الخطاب لا تريد الإصلاح أو التغيير، بل تريد تغيير الشعب .. الذى يطالب بالعدالة فيكون الرد بخطاب اللوم للضحية/ ضحية الفساد والاستبداد.. لوم للشعب على أنه «لا يستيقظ مبكرًا» وبالنسبة إلى مواطن عادى يعمل فى أكثر من جهة ليكمل شهره مستورًا ماذا سيفهم من هذه الخطابات؟ وبالنسبة إلى العاطل؟ أو الطبيب/ العامل/ المهندس الذى طالب بمرتبات محترمة فقيل له إن البلد فى أزمة بينما زادت مرتبات الأجهزة الأمنية ثلاث مرات؟ هذا الخطاب يتجاهل عن عمد الحقوق والحريات باعتبارهما أساس بناء العلاقة بين الفرد والدولة.. دولة مواطنين لا دولة وصاية باسم الوطن والدين. نقلاً عن "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السيمفونية المشروخة للديكتاتور العادل السيمفونية المشروخة للديكتاتور العادل



GMT 21:26 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي.. آلة الزيف الانتخابي

GMT 21:24 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

فلسطين بين دماء الشهداء وأنصار السلام

GMT 21:06 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الشكلانية والتثعبن

GMT 19:52 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

في حب العمدة صلاح السعدني

GMT 19:50 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

‎فيتو أمريكى ضد الدولة الفلسطينية.. لا جديد

GMT 04:56 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المستفيد الأول إسرائيل لا إيران

GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon