توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السياحة إلى مبارك

  مصر اليوم -

السياحة إلى مبارك

وائل عبد الفتاح

إنهم ينظمون رحلات إليه. يلتقطون صورا بجواره/ قطعة حية من زمن يموت/ ومبارك لا يخذلهم يضع الصبغة على شعره ويكمل مكياجه القديم/ ليبدو فى صورة نظره مع نظرته نصف المنهكة. يتكلم مبارك كثيرا/ ويحدث مساعديه الذين خرجوا حديثا من مزرعة طرة.. وقبل أن يختم مكالمته يضحك وهو يقول: «..أنا عارف إنهم بيسجلولنا..». يظهر مبارك كأنه خبير أنتيكات قديمة/ يتخيل أن عالمه لا ينتهى/ أبدى/ وأنه «العالم..» وليس مجرد زمن مضى/ دفع الآلاف حياتهم ثمن الخروج منه. يبدو مبارك فى رحلاته تمساحا عجوزا/ غمز للزمن بعينه اليمنى/ نظرة تحدٍّ تائهة بين شعور بالنصر/ وشعور أقوى منه بالخيبة والهزيمة/ فكيف يكون الإله الذى تتحرك مصر كلها بتوجيهاته هناك فى صندوق زجاجى/ يثير تعاطف جمهوره المشتاق إلى ساحة سياسية تشبه مسلسلات رمضان/ دراما مسيطر عليها تثير المشاعر بدرجات تحقق فى النهاية شعورا بالرضا وتطهيرا من الخوف. المناخ الآن يجعل السياسة فيلم عنف/ أكشن/ وهذا ما يثير الحنين إلى بطل المسلسل الأطول فى تاريخ مصر/ الذى يشبه حلقات التليفزيون الطويلة التى تسمى أوبرا الصابون، حيث كانت شركات صناعة الصابون فى أمريكا تدعمها بالإعلانات لتسيطر على جمهور البيوت من آكلى السباجيتى ويحتاجون إلى الدخول فى قصص يتخلصون بها من إرهاق الحياة بل ويستبدلون بها الحياة. جماهير أوبرا الصابون اشتاقت إلى بطلها الذى خرج بحكمته وصبغته ورؤيته التى لم تغيرها أحداث تشبه يوم القيامة… مبارك ما زال فى موقعه النفسى/ موظف يستف الورق من أجل أن يستمر ملتصقا فى مكانه/ سواء كان كرسيا فى القصر أو سريرا طبيا فى زنزانة. وفى الرحلات إليه يتكلم مبارك كثيرا ودون أن يلح أحد. يروى بطولاته فى الحروب/ وينظر فى عين زواره ليذكرهم بتلك اللحظات التى صنع منها جسره إلى كرسى السلطة.. وزوار مبارك يحكون عن رحلاتهم إليه.. والروايات تحول مثل حافظة حكايات/ أو الوعى المخزون لزمن لا يريد أن يغادر مصر.. رغم أن الثورة أحدثت فجوة زمانية… لكن هناك ما لم تتم روايته… أو ما خفى من ذاكرة لم يملكها سواه. الرحلات إلى مبارك هى نزهة أجيال… أو مخزونها المحفور فى ذاكرة لم تعد تحت سيطرة الوعى اليقظ/ لكنها رهن مزاج دفاعى عن النفس. مومياء… تتكلم… هذا هو مبارك أو الوعى الرابض فى ليل الأنظمة/ الذاكرة المؤرقة…يدافع عن نفسه: «..بيقولو إن أنا الحرامى، أنا؟ يدوروا فى ممتلكات الـ40 بتوع الأمانة..(ويذكر اسم تكوينات فى هيئات عسكرية وسرية).. ليروا القصور والمزارع والحسابات….». ذاكرة منفلتة تبدو أحيانا فاضحة/ وتروى بالتفاصيل أو تخزن فى ذاكرات عابرة تفاصيل حكايات لم يكن ليعرفها سوى الرجل القابض بقبضة موظف.. أى أنه هاوى أضابير وعاشق تستيف أوراق… ويعرف أين تخبئ الثعالب التى رباها… صيدها… هو خبير بالرجال الذين تركهم فى مقاعدهم عشرين سنة… وبينهم المشير طنطاوى.. «..عرضت عليه منصب النائب….(يقصد فى أيام الثورة الأولى)… لكن رده كان نهنهة…(يقلده..) وطلب (خلينى بالميرى)…. وهو بالفعل يدرك أن قوته فى الميرى.. وهو لن يمس ما دام السيسى موجودا… فطنطاوى أبوه الروحى، أما السيسى نفسه فالتعليق الذى يردده دائما عنه: (لم يحارب..)». لا تعرف المسافة بين الحقيقة والخيال فى الروايات المنقولة عن الرحلات إلى مبارك.. لكنها تقال فى جلسات اجتماعية وسياسية… لتثير شيئا بين الضحك.. والرهبة من فتح هذه الصناديق، وإلى أى مدى ستؤرق تلك الذاكرة… شخصيات يراها مبارك فى غير ما أصبحت عليه الآن، فهذا المرشح الثرثار الذى عمل بجانبه طويلا يراه: «..صاحب ناب أزرق..». عنده حكايات عن كل شخصية قديمة/ وخزينة أسرار يترك محتوياتها وديعة لزواره وربما لمن هم قريبون منه/ وهذه على ما يبدو نصيب المومياء فى مستقبل قريب... أو التى تبدو زيارتها والدوران حولها... سياحة من نوع جديد. نقلاً عن "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السياحة إلى مبارك السياحة إلى مبارك



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 03:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

GMT 03:33 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

اكتشافات أثرية تحت المياه بالسعودية

GMT 03:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«الإبادة» ليست أسمى

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon