توقيت القاهرة المحلي 10:55:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رسائل الاستفتاء - طريق السيسى

  مصر اليوم -

رسائل الاستفتاء  طريق السيسى

وائل عبد الفتاح

بعد «العرس الديمقراطى» حسابات أخرى. السؤال الأساسى شعبيا وسياسيا: هل سيكمل السيسى مسيرته إلى قصر الرئاسة؟ أم أنه سيحتفظ بالشعبية فى عزها وينسحب إلى «مؤسسته»؟ وهو سؤال من حزمة أسئلة مربكة تضع العربات دائما قبل الحصان وتسحب الواقع إلى مناطق الضباب.. لا الوضوح.. لأنها مثلًا تضع «شعبية» السيسى فى مواجهة بناء نظام ديمقراطى. هذه المواجهة.. ليس المهم فيها اختيار السيسى/ ولكن قطع الطريق على استكمال مسار إعادة البناء.. ليصبح مجرد إصلاح أو ترميم (تنكيس) لنظام.. والعلامات على اتجاه قطع الطريق لا تنتهى، بداية من نسبة التصويت بـ«نعم» التى تقترب من النسبة الكاملة وتذكر باستفتاء الأنظمة الشمولية التى عرفناها منذ يوليو ١٩٥٢ والتى لا تحتمل إلا الإجماع أو ما يقترب منه، لأن هذا قرين الإذعان أو إعلان الولاء أو ما يسمى «مبايعة» وهى أسلوب الحكم الذى استُدعى من عصور الدولة الأموية وما بعدها. ليس فى الديمقراطية بيعة/ ولا ينتخب رئيس بتفويض شعبى/ وهكذا فالمطلوب من ترشيح السيسى عند من يريدون مبايعته هو استغلال شعبيته لتتجمع صفوفهم حوله. ولأنهم ورثة دولة أمنية فاشلة وعصابات فساد أكلت بأنانيتها الدولة فإنهم بدون خطاب سياسى ولا رؤية للمستقبل.. وكل مهارتهم اللعب على غريزة الخوف لتخرج الجماهير تطلب منقذها. هناك قطاعات شعبية أخرى ترى السيسى حلًّا/ لأنها تنتظر مخلصا أو منقذًا لديه الحل السحرى للخروج من النفق/ وهو حمل فوق قدرة شخص بمفرده/ فالدولة لا تحتاج أبطالا/ ولا البطل قادر على صنع المعجزات. مصر تحتاج الآن إلى مؤسسات ودولة، لا بطل ولا منقذ ولا مخلص.. تحتاج إلى إرادة بناء حقيقية وشراكة من القوى السياسية والاجتماعية التى لها مصلحة فى التغيير، لا فى «الترميم» ولا فى «الرمرمة» بتجميع نفايات الاستبداد والفساد ليتحلقوا حول بطل له شعبية يورطونه ويورطون البلد كلها فيه.. ويدفعونها إلى كارثة لا إفاقة منها. فليس المهم من سيترشح.. المهم كيف؟ وهذا على ما يبدو سر تحفظات يتسرب صداها من المؤسسة العسكرية، مضمونها يقول بأنه «آن الأوان لتسليم الدولة إلى مدنيين والحفاظ على الدولة من بعيد...» وسر التحفظ هو «عدم انجراف المؤسسة إلى مغامرة الحكم.. تلك التى تهدد فقط استعادة مكانة الجيش فى المجتمع بعد فترات الصدام مع المجلس العسكرى وإدارته للمرحلة الانتقالية الأولى..». الخوف من المغامرة قد يصطدم بالطموح الشخصى/ فمن يمكن أن يفلت من سحر هذه الشعبية الجارفة؟ وهناك أيضا مؤشرات شعبية/ فالاكتساح فى الاستفتاء كشف عن الرغبة فى «الإجماع» لدى ٣٨٪ من الذين لهم حق التصويت/ وهذا يعنى أن التعبير السياسى عن الترشح لا يتجاوز هذه النسبة/ كما أن هناك قوى غاضبة (مثل قطاع كبير من الشباب الذى نزل الشوارع يوم ٢٥ يناير.. لإسقاط نظام مبارك) وقوى نائمة منتظرة (تريد حلولا لكنها عادت إلى بالوناتها الشخصية لتبحث عن الخلاص الفردى) وقوى أخرى مضادة (بمظلوميتها الكبرى...). ما القوى الاجتماعية التى ستدعم ترشيح السيسى (ليس كمرشح عادى، ولكن كبطل سوبر؟). وكيف سيشكل الجنرال جهازه السياسى للحكم؟ فالحاكم لا يحكم بالهامة ولا بوحْى منه ولا بجسده الممتد/ والمجتمع ليس ثكنة عسكرية تحكمها هيراركية القرار العلوى. فى الدول الشمولية جهاز الحكم هو تكوين سياسى كبير يمثل امتدادا لجسد الحاكم/ هو حزب واحد يبتلع الأحزاب/ ويختصر الحكم فى السلطوية لا فى الإدارة المدركة لطبيعة أنها مؤقتة عابرة/ قيد التنافس الانتخابى، كما يحدث فى الدول الديمقراطية، حيث يمثل كل حزب جهازا سياسيا يسعى للحكم.. ولأن ديمقراطية ما بعد عبد الناصر لم تكن ديمقراطية/ لكنها شمولية مقنعة. فقد دمر السادات الاتحاد الاشتراكى واستخدم جزءًا منه فى الحكم عبر حزب مصر العربى الاشتراكى الذى دمره أيضا وشكّل بدلا منه الحزب الوطنى الديمقراطى الذى ورثه مبارك، لكنه لم يثق به، فلم يكن حزبًا، لكنه نادٍ لطلاب الحظوة/ ولهذا لجأ إلى جهاز أمن الدولة ليحكم. بأى جهاز سيحكم السيسى؟ هل سيحكم بالأجهزة الأمنية؟ أم بتكوينات سياسية جديدة؟ وهل سيبنى سلطة أم سيبنى نظاما؟ هذه أسئلة تتعلق ببناء النظام.. إذا ترشح السيسى أو غيره.. أما حفلات الغلوشة الكبرى التى تقيم الجدل حول الترشح من عدمه/ فإنها خطر ليس على الرئاسة فقط، ولكن على السيسى نفسه، فهذه هى المرة الأولى التى يثار فيها جدل على «صاحب شعبية» قبل أن يتمكن من السلطة/ وعبد الناصر نفسه لم يتقدم إلا بعد سنتين من طرد الملك/ ولم يقف فى البداية ضد الديمقراطية، وبدا بعيدًا عن ترتيب مظاهرات تهتف بسقوط الديمقراطية. باختصار.. هل تريدون السيسى رئيسًا أم ديكتاتورًا يحمى مصالحكم؟ الفرق كبير جدًّا. نقلاً عن "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسائل الاستفتاء  طريق السيسى رسائل الاستفتاء  طريق السيسى



GMT 23:33 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الجولة السادسة

GMT 23:32 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

ابن حسن الصباح

GMT 23:28 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

فى كتاب الكرة المصرية «فصل كرواتيا»!

GMT 07:55 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

رائحة الديمقراطية!

GMT 07:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

نصرة.. ونعمة.. وصدفة

GMT 07:49 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

صراع النجوم.. ومن (يشيل الليلة)!!

GMT 07:46 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

من حكايا دفتر المحبة.. التى لا تسقط (٤)

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon