توقيت القاهرة المحلي 16:16:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يشبهنا

  مصر اليوم -

يشبهنا

وائل عبد الفتاح

الدستور يشبهنا.. لكن الاستفتاء ليس على الدستور. الهستيريا فى أجهزة السلطة تعبر عن ذعر حقيقى ورعب من خسارة المعركة، وبالتحديد نسبة الحضور والتصويت بـ«نعم». من أجل هذا يفعلون كل شىء، بما فى ذلك ضرب النار على أقدامهم، فماذا يعنى أن تلقى أجهزة الأمن القبض على أشخاص لأنهم يدعون الناس أن يقولوا «لا»؟ وماذا يعنى أيضا حالة الإسهال فى أفلام وكليبات وأغان، تذكرنا بموالد الدولة المستبدة القادرة على تحويل الديمقراطية إلى رقص على الصاجات وحفلات غسيل دماغ أو ما يسمونه تغييبا. الناس ستقول «لا».. لأنها مذعورة، وهناك أجهزة فى الدولة عطلت العقل عندها لتبقى غريزة الخوف وحدها تتكلم. هؤلاء فى حرب دفاعية عن «مصر» التى كانت ستضيع على يد الإخوان والمرسى. الهستيريا ليست جديدة تصاحب كل استفتاء، لأن السلطة أو بالتحديد كل سلطة تدرك شرعيتها المجروحة، ولإثبات عكس ذلك تسعى إلى شرعية زائفة، وهذا سر الـ٩٩٪ الشهيرة فى نتائج الاستفتاء. الهستيريا تصنعها جوقة مصاحبة، تبحث عن مصالحها، وتدعو إلى الدستور بأدوات ما قبل دستورية، أو سياسية، أو ديمقراطية أو حديثة، فالحديث عن المبايعة لا علاقة له بالتفاصيل. الديمقراطية والكلام المقزز من فرط ابتذاله عن حب مصر الذى يقترن بالموافقة على الدستور هو «ضد الدستور»، فالحب لا تنفيه «لا» أبدا، كما أن الحب ليس بالأغانى ولا بالعواطف الملقاة فى الطرقات. وهذه عقلية لا تخص مؤيدى التركيبة الحاكمة بعد ٣٠ يونيو، ولا موردى الموالد الانتخابية، ولا فرق الطبالين وكدابى الزفة، وكل من له دستور يهيص ليه. إنها عقلية مسيطرة وحاكمة وكاشفة.. يحضرنى هنا ما كتبه المستشار طارق البشرى قبل الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى ١٩ مارس ٢٠١١.. المستشار اعتبر أن التصويت بـ«لا» على التعديلات هو «خوف من الديمقراطية»، لم يشعر بالحرج ولا بأن شهادته مجروحة، عندما يصف فى مقال منشور بصحيفة «الشروق»، من يرفض تعديلاته بأنهم «خائفون من الديمقراطية». ورغم أن «النعم» انتصرت فإن خوف السلطات التى كتبت التعديلات وأعدت الاستفتاء عبر صفقات ومصالح خدمة تحالف مسبق بين الجيش والإخوان لم ينته.. إلا أن العقلية مستمرة، لأنها مثل الإيمان بالأقدار، تتصور أن ما تؤمن به لا يمكن مراجعته، ولا التفكير فيه، ولا حسابه نسبة إلى الواقع. الأستاذ فهمى هويدى هو الآخر وفى نفس الصحيفة وعلى نفس الاستفتاء اعتبر أن «لا»، تعمل لخدمة مصالح أمريكا وإسرائيل، كيف؟ ولماذا؟ ومن أين أتى بهذه السهولة فى الاتهام والتخوين؟ هى عقلية من يتداولون الوصاية علينا، مرة بالحكمة، ومرة بالطبول الراقصة. لا أحد يفكر فى الدستور ولا فى إيجابياته أو سلبياته، ربما باستثناء حملة نظمها شباب حزب الدستور تحت عنوان «حكّم عقلك». إنها ثقافة حشود.. تختار الأردَأ ليقود الأسوَأ لتسير خلفه فقط لأنه يشبههم. والدستور يشبهنا. فيه من كل شىء.. شىء.. أفكار تخص الحريات والحقوق، وتحصينات لمؤسسات سلطوية، وحريات فردية، ونظرة إلى الفرد على أنه جزء من قطعان تقودها مؤسسات دينية. كان يمكن أن يكون مجرد وثيقة عبور المرحلة الانتقالية.. تحقق نوعا من إرضاء أطراف التحالف، خوف السلطات العسكرية من ضياع هيبتها «هذا هو سر الإصرار على مادة المحاكمات العسكرية» ورغبة قادة السلفيين فى الإعلان عن وجودهم رمزيا «بوضع توابلهم الهوياتية فى بعض المواد..».. وأخيرا مواد حريات وحقوق أصرت عليها شخصيات وتيارات فى لجنة الخمسين، ونجحت فى إقرارها قبل أن يتم توزيع الأنصبة فى الغرف المغلقة. والمدهش أننى أتوقع أنه بعد الاستفتاء سينفجر صراع بين من يريدون تحويله إلى ورقة، مجرد ورقة إثبات شرعية لا تنفذ أو يمكن تعديلها، وبين من يريدون تفعيل مواد الحريات أو تلك التى تقلص صلاحيات الرئيس ليكون مثل دستور ١٩٢٣، الذى كان ضد من كتبوه ومرروه، ولصالح من عملوا ضده. إنها السياسة يا عزيزى. نقلاً عن "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يشبهنا يشبهنا



GMT 03:13 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

تواصل جاهلي

GMT 03:10 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

«عاشوراء» إيرانية في سماء إسرائيل

GMT 03:04 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

الحلّاق الإيراني ورقبة السلطان

GMT 02:57 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

هل تمنع أميركا حرباً إقليمية؟

GMT 02:54 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة

GMT 02:52 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

مَن صاحب هوية القاهرة البصرية؟

GMT 02:47 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

كتاب لم يتم

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:13 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

مقتل مراسل عسكري لصحيفة روسية في أوكرانيا
  مصر اليوم - مقتل مراسل عسكري لصحيفة روسية في أوكرانيا

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon