عماد الدين أديب
يستقبل رجب طيب أردوغان العام الجديد وهو فى أسوأ حال سياسى وفى أتعس مشاعر إنسانية.
سوء الحال السياسى يرجع إلى تلك الفضيحة التى هزت أركان حكمه وصبغته بالفساد المالى والإدارى والتى شملت أكثر من 70 شخصية رئيسية محسوبة على حزب «أردوغان» الحاكم.
جاء «أردوغان» وحزبه وتسلموا الحكم فى أنقرة منذ عشر سنوات تحت شعار «الطهارة والكفاءة» وتحت وعود قهر وكشف الفساد الذى كان يستشرى فى البلاد فى ظل رعاية المؤسسة العسكرية التركية.
ومرت السنوات وطالت اتهامات الفساد أقرب المقربين من حكومة «أردوغان»، ومن الحلقة الضيقة القريبة من مركز صناعة القرار.
أما التعاسة الشخصية التى يعانى منها «أردوغان» هذه الأيام فهى أن الاتهامات طالت ابنه «بلال» الذى اتهم بالتطاول على أجهزة القضاء، وتلوح حوله الاتهامات بتسهيل دخول أموال مشبوهة إلى البلاد.
ويبدو أن مسألة غسيل الأموال الإيرانية التى كانت تعانى من الحصار الاقتصادى، هى أخطر ملفات الحكومة الأردوغانية.
ويبدو أن المال الإيرانى كان يخرج عبر جمهوريات الاتحاد السوفيتى القديمة وأبرزها فى تركمانستان وجورجيا إلى القنوات التركية ويتم تدويره داخل عجلة الاقتصاد التركى النشط.
ويعيش «أردوغان» هذه الأيا م كابوس المعركة التى يقودها خصمه الحالى وحليفه السابق «فتح الله جولن»، الذى وصفه «أردوغان» بأنه يدير مؤامرة كبرى ضده من خلال رجاله الذين يكونون دولة داخل الدولة. وبدأت المظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية التى يقودها الشباب الرافض لحكم «أردوغان» بالتحالف مع أحزاب المعارضة تؤرق رئيس الوزراء التركى الذى يخشى عودة مظاهرات حديقة «جيزى» بإسطنبول ولكن على نطاق واسع بحيث تتحول إلى ميدان تحرير آخر لا ينفض إلا بعد إسقاط الحكومة.
ولأن «أردوغان» باع الجيش والمؤسسة العسكرية عدة مرات وأهان رموزها عندما اضطر إلى محاكمة أكبر رموزها بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم فإن هذه المؤسسة تتابع ما يحدث بـ«تشفى وسعادة» وأيضاً بانتظار وشغف لسقوط الحكومة.
وفى ذات الوقت دخل «أردوغان» فى معركة سياسية ولفظية مع الشرطة والنيابة العامة والقضاء ومن يؤيدونهم من وسائل الإعلام.
ألا يذكرنا خلاف «أردوغان» مع الشرطة والجيش والإعلام والقضاء والنيابة والرأى العام بذات الخطأ التاريخى الذى وقع فيه الدكتور محمد مرسى؟
يبدو أنها صفة إخوانية لكل قيادات وأنصار الجماعة!
كلاهما -مرسى وأردوغان- رفع شعار الديمقراطية وأخفق فيها!
كلاهما -مرسى وأردوغان- رفع شعار الديمقراطية واستبد بالمعارضة!
كلاهما رفع شعار محاربة الفساد، بينما كان عهده أكبر راعٍ للفساد حتى وصل إلى أعتاب بيته!
كلاهما أراد إهانة الجيش واختراق الشرطة، وفشل فشلا ذريعاً!
فى 30 يونيو 2013 سقط حكم الدكتور مرسى، وفى مارس 2014 سوف تبدأ الانتخابات المحلية التركية لتعلن الوفاة السياسية لـ«أردوغان» وحزبه وجماعته.
الديمقراطية والفساد لا يجتمعان!
نقلاً عن "الوطن"