عماد الدين أديب
المحادثة الهاتفية التى تمت هذا الأسبوع بين وزير الخارجية نبيل فهمى، وبين نظيره الأمريكى جون كيرى هى محطة بالغة الأهمية فى العلاقات بين القاهرة وواشنطن.
فى هذه المحادثة وجه كيرى 3 رسائل تعكس الرؤية المضطربة للسياسة الأمريكية:
الرسالة الأولى: استنكار العملية الإرهابية التى تمت ضد مديرية أمن الدقهلية وضرورة معاقبة الجناة.
الرسالة الثانية: الإعراب عن القلق الأمريكى من اعتبار مجلس الوزراء المصرى جماعة الإخوان جماعة إرهابية وأثر ذلك على حرية العمل السياسى فى مصر.
الرسالة الثالثة: ضرورة استكمال مصر لخارطة المستقبل مع التأكيد على عدم قيام واشنطن باتخاذ أى قرار عقوبة تجاه مصر بسبب قرار اعتبار الإخوان جماعة إرهابية.
والمذهل أن حديث «كيرى» عن الحريات يتجاهل السلوك الأمريكى والسياسات المضادة للحريات التى اتخذتها واشنطن فى الآونة الأخيرة منذ 11 سبتمبر 2001.
تعطينا واشنطن محاضرات فى احترام حقوق القوى السياسية الأخرى والرأى الآخر، متجاهلة ما قامت به الإدارات الأمريكية من قانون الأمن الوطنى الذى يتيح للحكومة الأمريكية القبض والاعتقال لفترة تصل إلى 6 أشهر دون محاكمة لمجرد الاشتباه فى أى أمريكى أو زائر للبلاد.
ولا يتحدث «كيرى» عن 4200 طلعة لطائرات «وردنز» المقاتلة التى اغتالت معارضين للولايات المتحدة فى اليمن وباكستان وأفغانستان دون محاكمة ودون احترام للسيادة الوطنية لهذه الدول.
ولا يتحدث «كيرى» عن 120 مليار عملية تنصت قامت بها الإدارة الأمريكية على الأصدقاء والأعداء، منهم مستشارة ألمانيا والرئيس الفرنسى ورئيس الوزراء الإسرائيلى.
وأمس الأول كشف «موفق الربيعى» الذى كان يشغل منصب مستشار الأمن القومى العراقى الأسبق أن الرئيس الأمريكى السابق جورج دبليو بوش، سأل رئيس الوزراء «المالكى» عما سيفعلونه مع الرئيس الأسبق صدام حسين؟ وحينما رد «المالكى» بحسم «سوف نعدمه» ولم يكن حكم الإعدام قد صدر بعد، أبدى «بوش» تأييده وإعجابه وقام بعلامة التأييد والإعجاب «بإبهامه» وكأنه يقول «أوكى»!!
واشنطن مع حقوق الإنسان والحريات حينما يكون ذلك فقط ضد مصالحها، أما إذا كان ذلك التجاوز والقهر والاستبداد مع مصالحها، فإنها تتجاوز عنه تماماً.
قيمة أى مبدأ أنه لا يتحمل أى معايير مزدوجة.
وقيمة أى مبدأ أنه يطبق بلا تمييز أو تفرقة.
لذلك كله علينا أن نفهم كل رسائل واشنطن إلينا على أنها تعبير عن مأزق أمريكى فى صناعة القرار الداخلى وفى تركيبة التوازنات المعقدة داخل هذه العاصمة المأزومة التى تعانى من حالات ارتباك وتضارب غير مسبوقة فى التاريخ الأمريكى المعاصر.
نقلاً عن "الوطن"