توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من ذاكرة زمن «القمع» الجميل

  مصر اليوم -

من ذاكرة زمن «القمع» الجميل

وائل عبد الفتاح

بين سائقى التاكسى تنظيم خفى. قُل إنه يتبع المخابرات.. يحملون رسائل يقطعون بها المدينة وينقلونها عبر ماكينات شفاهية بين ركاب من كل صنف ولون. وقُل أيضا إنهم إذاعات متنقلة لأصحاب مصالح يدفعون ثمن دعاياتهم التى تبدو من فرط تشابهها أحيانا «خطابا مكتملا فى اتساقه». الخطاب المتسق يتناقل عبر أسرع وسيلة تعرفها شركات الدعاية «من الفم للفم».. ولأن خلف سائق التاكسى دائما قصة ترتبط بالأوضاع الاقتصادية «بطالة - المعاش المبكر لعمال القطاع العام - فقدان الأب - ضياع الوظيفة» فإنهم جميعا يتميزون بالشجن والأسى، يتحدثون عن ماض جميل. هذا الماضى الجميل يتمثل الآن فى عصر مبارك، رغم أنهم وقت حكم مبارك نفسه كانوا يستعيدون جمالَ ماضٍ آخر، لكن مبارك أصبح «زمنهم الضائع» فى آخر أيام المرسى، خصوصا أن ابن الجماعة احتل القصر بعد ذهاب الجنرالات وانسحابهم من مركز القيادة، حيث كان الأمل كل الأمل فى «رجل قوى» يمسك ف البلد بالحديد والنار. ورغم أن أعضاء تنظيم التاكسى ضحايا متوقعون من كل حديد ونار، فإن فكرة الضبط والربط بمعناها العسكرى هى جوهر النظرة إلى فتنة الأنظمة المستبدة. ودون وهْم أنهم تنظيم فعلا تستخدمه المخابرات أو مراكز القوى، فإن مهنة التاكسى عدوة الفوضى «غير المنظمة» الهاربة من قبضة «الدولة» حتى لو كانت حديدية ونارية، ومثل قطاعات تشبههم من المجتمع فإن الأمن بالنسبة إليهم هو عودة «الكمين». الكمين.. هو آخر موروث من موروثات هندسة القمع، يقطع الكمين أى شارع ويحوله إلى ممر صغير، تشعر فيه بالحصار، والمراقبة وتنتظر الكارثة مع إطلالة ضباط وعساكر يلخصون الأمن فى استعراض قوتهم. ضابط برتبة رائد فى أيام المرسى الأخيرة أوقف سيارة فى الليل ركابها كان مدير شركة وموظفة فى نفس الشركة، سأل عن الرخصة، وعندما اكتشف أنها منتهية الصلاحية أنزله ودفعه إلى «بوكس» الشرطة بينما قاد هو السيارة بجنون إلى الطريق الصحراوى بين القاهرة والعين السخنة واغتصب الموظفة.. ثم عاد إلى موقعه فى الكمين. الضابط التقط لحظة الجنون، وأكمل استعراضه إلى مداه الوحشى، فالأمن غائب رغم حضوره، والشرطة عادت فقط لتحمى الرئاسة. الجنون هنا لحظة التقاط الذبذبة الهاربة من سطوة قديمة للأجهزة تجعل «كل شىء مباحا» وفق فلسفته: إدارة الجريمة لا منعها، وقمع المجرمين والضحايا فى نفس الوقت. السلطة هنا دون احتراف ولا خبرة، ولهذا فالشرطة يتيمة دون ديكتاتور مستقر، هو مركز الكون، والضابط الذى خطف واغتصب أيام المرسى له زميل يتجول فى المدينة فعلا بحثا عن المجرمين والمغتصبين. كلاهما المجنون والمتجول ضحايا/ ومجرمون من زمن «القمع» الجميل.. حيث القانون هو ما يرى «سيدى فى العالى». نقلاً عن "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من ذاكرة زمن «القمع» الجميل من ذاكرة زمن «القمع» الجميل



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 03:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

GMT 03:33 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

اكتشافات أثرية تحت المياه بالسعودية

GMT 03:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«الإبادة» ليست أسمى

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 02:41 2016 الأحد ,15 أيار / مايو

الألوان في الديكور

GMT 15:53 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

إقبال على مشاهدة فيلم "Underwater" فى دور العرض المصرية

GMT 15:43 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

مجلس المصري يغري لاعبيه لتحقيق الفوز على الأهلي

GMT 14:25 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تُوصي بالنوم للتخلّص مِن الدهون الزائدة

GMT 17:44 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يستغل الخلاف بين نجمي باريس سان جيرمان

GMT 03:56 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

عبدالله الشمسي يبتكر تطبيقًا طبيًا لمساعدة المرضى

GMT 14:00 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

أودي تطرح أفخم سياراتها بمظهر أنيق وعصري

GMT 17:49 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

مدير المنتخب الوطني إيهاب لهيطة يؤجل عودته من روسيا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon