عماد الدين أديب
هناك مساحة كبرى بين الرغبة فى تحقيق الحلم والقدرة الفعلية على تنفيذه ووضع كل خيوطه على أرض الواقع.
أزمة النخبة فى مصر أنها لا تحلم، وإذا حلمت يكون حلمها متواضعاً، وإذا كان حلمها كبيراً بلا حدود فهى لا تضع خطة تنفيذية لإنجازه، وإذا وضعت الخطة كانت غير علمية وغير عملية!! أزمة الهوة الواسعة بين «الرغبة» و«القدرة» لدى المصريين هى أزمة الأزمات.
نحن قوم إذا قلنا نكتفى بذلك وكأننا قد فعلنا! والمذهل أن مصر التى قامت بثورتين فى 3 سنوات أنهت فيها أنظمة مبارك والمجلس العسكرى وجماعة الإخوان، ونعيش الآن مرحلة صراع الفترة الانتقالية، ننجح فى «استبدال» النظام السياسى وخلعه من مكانه دون أن نبنى فى هذا الفراغ نظاماً بديلاً له يعبّر عن الأحلام والطموحات.
ما أغرب ذلك الشعب العظيم الملىء بالمفارقات غير المعقولة!
إنه الشعب الذى بنى معجزة العمارة الأبدية فى منطقة أهرامات الجيزة، لكنه يعجز بعد 6 آلاف سنة عن ترميم عمارة آيلة للسقوط بسبب سوء الصيانة!
إنه الشعب الذى هزم الهكسوس والتتار والصليبين والفرنسيين والإنجليز وعبر قناة السويس، لكنه فشل فى هزيمة السحابة السنوية السوداء! إنه الشعب الذى طالب ببقاء محمد على الألبانى بدلاً من عمر مكرم المصرى وخرج يوم 9 يونيو 1967 يطالب بعدم تنحى جمال عبدالناصر بعد 72 ساعة فقط من فقدان سيناء والقدس والضفة وغزة والجولان.
إنه الشعب الذى لديه قاعدته الخاصة فى الإقدام على الفعل فى الزمن والمكان والأسلوب الذى لا يتوقعه أى إنسان، وهو أيضاً الشعب الذى لا تعرف كيف ومتى وبأى وسيلة يقدم على رد الفعل.
إنه شعب له قانونه الخاص جداً به، وهو أمر مميز للغاية يصعب على الفهم ويستحيل تدريسه فى كليات العلوم السياسية أو مراكز الأبحاث المتخصصة.
شعب مصر من يفهمه عن عمق يستطيع أن يقوده بنجاح إلى إدارة شئون العالم كله!
المهم أن تفهمه فعلاً!
نقلاً عن "الوطن"