عماد الدين أديب
عندنا أزمة كبرى فى إدارة أى أزمة، تبدأ بعدم الاستعداد لها وتمر بالمفاجأة والشلل التام عند حدوثها وتنتهى بالفشل فى السيطرة عليها.
وليس سراً أن العالم كله يشهد منذ أكثر من خمس سنوات تغييرات مناخية وليس سراً أن هيئة الأرصاد المصرية لديها تنبؤات موسمية وشهرية وأسبوعية ويومية لطقس البلاد.
وليس خافياً على المشاهد العادى لقنوات التليفزيون والمتابع اليومى لنشرات الأخبار أن دول الخليج العربى شهدت منذ أسبوعين سيولاً جارفة، وأن هيئات الأرصاد فى دول شرق البحر المتوسط، مثل سوريا ولبنان وقبرص وفلسطين وإسرائيل، أنذرت بأن هذه المنطقة بما فيها مصر سوف تشهد فى الفترة من 12 ديسمبر وحتى نهاية الشهر طقساً بارداً ممطراً بشدة تصاحبه سيول وثلوج.
إذن، من البديهى والمنطقى أن تكون هناك خطة كاملة للتعامل الأولى مع هذا النوع من الطقس.
وما شهدته البلاد أمس الأول وأمس يؤكد أننا لم نستعد لمواجهة هذا الحدث.
وأمس الأول، كنت فى مهمة عمل فى القاهرة اضطرتنى لأن أجوب العاصمة من شمالها إلى جنوبها وأدى ذلك إلى بقائى فى السيارة أكثر من خمس ساعات بسرعة بطيئة فى شوارع غارقة فى المياه ومرور شديد البطء والتكدس.
وكشاهد عيان -محايد- لم أرَ سيارة محافظة من الجيزة إلى التجمع الخامس، وما بينهما تقوم بشفط المياه، ولم أرَ عامل نظافة يحاول تنظيم المياه أو إزاحة الثلوج الصغيرة بعيداً عن المارة أو السيارات.
لم أرَ بيانات مرورية، تنصح الناس بكيفية التعامل مع أسلوب القيادة فى ظل الأمطار.
لم أشاهد جمعيات العمل التطوعى للنزول بشبابها إلى الشارع.
لم أرَ سيارات الإسعاف فى الميادين الكبرى للتعامل مع أى طارئ مرضى أو مواجهة حادث ينشأ عن الطقس.
لم نسمع عن جمعيات خيرية تنصب خياماً لمتضررى الأمطار من سكان العشوائيات لأصحاب المنازل شبه المتداعية.
لم نسمع أو نشاهد من يحمل البطاطين أو المدافئ للأطفال أو كبار السن الذين لا يملكون قوت يومهم.
فقط، شاهدت جنود وضباط الأمن المركزى، وهم يقفون بكامل عتادهم دون مظلات أو وقاية من البرد فى تقاطع الميادين التى يتوقع أن يتم فيها التظاهر المعتاد عقب صلاة كل جمعة.
هذا المشهد، أصابنى بألم شديد وتعاطف كبير مع هؤلاء الذين يدفعون فاتورة حماقات جماعات الإرهاب.
متى نفيق من الغيبوبة ونكون على مستوى الحدث؟!
نقلاً عن "الوطن"