عماد الدين أديب
أستطيع أن أجزم أن طريقة اختيار أول حكومة بعد إقرار الدستور الجديد وعقب اختيار البرلمان المقبل عبر انتخابات سوف تشهد عقبات كبرى.
لماذا أقول ذلك؟
أدعو الجميع إلى قراءة نصوص المواد فى مشروع الدستور الجديد التى تتحدث عن طريقة اختيار الحكومة الجديدة.
ودون أن ندخل الناس فى متاهات فإن خلاصة المواد ذات الصلة تتحدث عن أن اختيار الحكومة سيكون قرارا مشتركا بين البرلمان ورئيس الجمهورية بشكل يعبر عن الأغلبية البرلمانية.
هذه الصيغة تصلح فى دول شمال أوروبا، لكنها فى الحالة المصرية هى صيغة ملغومة تهدد بانفجار الموقف السياسى أو الوصول بمسألة تشكيل الحكومة إلى أزمة تصبح بمثابة حائط صد دستورى.
فى الحالة المصرية دائماً لا بد أن يكون واضحاً فى مسألة اتخاذ القرار، أى قرار، هو ضرورة تحديد صاحب المسئولية.
من يختار الحكومة المقبلة؟ هل هو الرئيس المنتخب أم البرلمان المنتخب أم الأغلبية فى البرلمان أم «صيغة التشارك» المفترضة؟
فى مصر لا ينفع هذا الكلام شديد الميوعة من مبدأ «يشترك الرئيس مع البرلمان فى تشكيل حكومة تعبر عن الأغلبية».
إننا بحاجة إلى وضع يصبح فيه الرئيس الذى يعبر عن رأس السلطة التنفيذية فى نظام رئاسى باختيار حكومته أو أننا مع قيام الأغلبية البرلمانية باختيار حكومة تعبر عن الشعب فى نظام برلمانى.
أما نظرية «الكوكتيل» المصرية الشهيرة التى تقوم على التوفيق والتلفيق لإرضاء الجميع فهى تحمل فى طياتها بذور تفجير للموقف السياسى حينما تصل إلى التجربة العملية الواقعية.
المسئولية التائهة، والعبارات المطاطة، والصيغ التى تسعى إلى إرضاء الجميع تنتهى إلى أن تصبح صيغة فاشلة بلا لون ولا طعم ولا رائحة.
وللأسف فإن البعض يرى أن الظروف الحالية تستدعى عدم اللجوء إلى اختيار واضح إما رئاسى أو برلمانى، ولكن تحتاج -حسب رأى هؤلاء- إلى ما يسمونه النظام المختلط البرلمانى والرئاسى.
هذه الصيغة تثبت فشلها عند التطبيق فى لبنان التى تعانى اليوم من عدم وجود حكومة لفترة 8 أشهر ووجود رئيسين للحكومة أحدهما مكلف وغير قادر على تشكيل الحكومة والثانى رئيس حكومة مستقيل وغير قادر على إنفاذ القرار.
وهذه الصيغة تثبت فشلها فى حالة تونس عقب ثورة يناير 2011، حينما تم استحداث لصيغة «الترويكا» أى الحكم الثلاثى المعبر عن كافة القوى السياسية.
المصريون بحاجة دائماً إلى نظام واضح يحدد الإجابة عن الأسئلة الجوهرية التى تقول: من؟ يفعل ماذا؟ بأى طريقة؟ بأى سلطات؟ فى أى توقيت؟
مصر لا تحتمل، مرة أخرى، أى صيغ مطاطية غامضة.
الوطن