توقيت القاهرة المحلي 03:53:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حواة ومفترسون

  مصر اليوم -

حواة ومفترسون

وائل عبد الفتاح

مبروك.. لقد عادت الماكينات الهادرة للأمن، عادت ومعها الأمن والأمان، والدراما المعتادة للانتهاكات والضرب والشتائم والتحرش الجنسى وإهدار الكرامة والمرمطة، عاد ما يوحى بالأمن، فالضباط والجنود وأمناء الشرطة كشروا عن أنيابهم وجربوا الزى الجديد، واختبروا إمكانية أن يحميهم قانون التظاهر. نعم، قانون التظاهر لم يصدر ليمنع أو يوقف أو ينظم التظاهر، فهناك قانون صدر سنة 1919 وعدّل سنة 1924، لكن الغرض الأساسى هى المواد التى تحمى الشرطة وتمنحها تصاريح بارتكاب جرائم من إهدار الكرامة وحتى إهدار الحياة، وهو ما لن تتنازل عنه الشرطة، هديتها التى سقطت لها من الرئاسة عبر مستشار الرئيس الدكتور مصطفى حجازى أو من النظام الانتقالى كله الذى بدأ فى خارطة الطريق بأولويات من بينها العدالة الانتقالية مثلًا. ماذا حدث فى هذه الأولوية؟ ألم تكن من ضمن حزمة خارطة المستقبل؟ الصدمة هى إن الحوارات والنقاشات حول قانون ومفوضية عدالة انتقالية تعنى بملف العبور من الاستبداد للديمقراطية، أصيبت بالسكتة، القادمة من مكان مجهول أو قوة غير مرئية تدير البلاد كلها بما يخالف خارطة 30 يونيو. ما حدث أمام مجلس الشورى هو انقلاب على 30 يونيو التى أراد فيها أكثر من 30 مليون مصرى التخلص من المستبد الجديد، الإخوان ومندوبهم فى القصر، ليس لأنهم يكرهون الإخوان، ولا لأنهم لا يحبون طريقة المرسى فى الكلام، لكن لأن المرسى نسخة ركيكة من مبارك، والنظام الذى كان يبنيه إعادة ترميم لسلطوية مبارك، وإعادة تشغيل لماكينات القمع. هناك إذن قوى تتمتع بالصلف والغباء، تتصور أنه يمكن إعادة تركيب مباركية بدون مبارك، وهذا ما جعلهم يظهرون أمس بكل بجاحتهم. لا يرون فى أى خلاف سوى مؤامرة أو خيانة على اعتبار أن كلام صاحب القرار هو الوطنية والخلاف معه عمالة، أو مؤامرة ضد الدولة. هذه النظرة تتعامل بمنطق لويس الرابع عشر: أنا الدولة. وهنا يلتقى مستشار الرئيس بخطابه المتأنق، وهو يعتبر وقفة احتجاجية ضد المحاكمات العسكرية عملًا لهدم الدولة، وهدمًا لدولة القانون، مع مصدر الجهة السيادية الذى لف كل القنوات ليقول إن الاعتراضات على الدستور وقانون التظاهر مؤامرة مدفوعة الثمن من دول لم يذكرها، ورصدت مبلغًا خرافيًّا هو 50 مليار دولار، وكل الصحف والفضائيات نقلت الخبر دون أن تفكر لحظة فى التفاصيل ومنطقها. وكلاهما يلتقى مع الضابط وأمين الشرطة والجندى الذين كانوا ينظرون إلى الكاميرات، وهى تصورهم فى أثناء الاعتداءات الجسدية واللفظية وإهدار الكرامة لمواطنين قرروا التعبير عن رأيهم بالوقوف أمام لجنة كتابة الدستور، هل هذه دولة القانون يا سيادة المستشار؟ ومن دفع لهذه القوة الأمنية ليعطلوا مسار 30 يونيو، يا سيادة المصدر السيادى؟ قانون التظاهر كان نقطة الزيت التى ستشغل ماكينات السيطرة التقليدية كما تصورت كتل الدولة الأمنية، ومن تحالفهم من أثرياء الدولة، أو المنتظرين للقفزة الأخيرة فى طريق عودتهم إلى ربعاتهم التى سلبها الثوار منهم فى 25 يناير ثم سلبها من الذى أرادوا احتلالها فى 30 يونيو. لم يكن التحالف الذى أسقط المرسى وجماعته قائمًا على النوايا المعلنة، لكنه قام على التقاء مصلحة الثوار وقطاعات من الصامتين على الكنبة مع مؤسسات الدولة، إن إعادة تركيب نظام مبارك بنسخته الإخوانية سيدمر الدولة.. الآن لماذا تعيدون تركيب النظام القديم الذى لن يعود، لأنه انقرض كما تنقرض الديناصورات (وعلى رأى صديقى هانى فوزى فالمعنى الوحيد لإصرارك على أن تكون ديناصورًا هو أن تنقرض)؟ والمدهش أن هناك من يتصور أنه عندما يمارس نفس تسلط مبارك أو المرسى لن نعتبره تسلطًا، أو الذى تصور نفسه هو أو مؤسسته أوصياء على الدولة أو فوق الدولة لن نواجه ذلك لأن من يفعل ذلك كان معنا فى الميادين ضد المرسى، ولهؤلاء نقول لهم، إننا لم نعد نحتمل، استعراضات الحواة المفترسين. نقلاً عن "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حواة ومفترسون حواة ومفترسون



GMT 03:53 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الأهرامات مقبرة «الرابرز»!!

GMT 03:51 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الشعوب «المختارة»

GMT 03:49 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

اللاجئون إلى رواندا عبر بريطانيا

GMT 03:48 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

المقاومة الشعبية والمسلحة

GMT 03:38 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

خطر تحت أقدامنا

GMT 03:35 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عصر الكبار!

GMT 03:33 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بشارة يخترع نفسه في (مالمو)

GMT 03:30 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الغواية وصعوبة الرفض!

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 06:52 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي يقضي على التهاب المفاصل بأطعمة متوافرة

GMT 03:14 2021 الجمعة ,03 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تنتقد التبذير في جهاز العرائس

GMT 14:30 2021 الأحد ,04 إبريل / نيسان

"مايكروسوفت" تؤجل إعادة فتح مكاتبها بالكامل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon