عماد الدين أديب
هل أصيب الإنسان المصرى العادى بحالة من الإرهاق والإنهاك السياسى؟
هذا السؤال يفرض نفسه هذه الأيام بقوة على علماء الاجتماع السياسى، وهم يحاولون تقديم تحليل علمى لحالة اندماج المصريين عقب ثورة 30 يونيو مع التطورات السياسية.
هذا الشعب الصبور دخل فى حالة صعود وهبوط حادة، وفورات متقلبة بشدة من 25 يناير 2011. هذا الشعب حكمه الرئيس مبارك، ثم المجلس العسكرى، ثم الدكتور مرسى، ثم الرئيس عدلى منصور فى أقل من 3 سنوات. هذا الشعب شاهد الجيش ينزل إلى الشارع مرتين لنصرة المتظاهرين، وشاهد رئيسين يدخلان قفص الاتهام، وتابع 3 دساتير ما بين قديم وسابق ومقبل!
هذا الشعب عاصر 8 حكومات فى 3 سنوات، وتحولات حادة فى علاقات بلاده الإقليمية والدولية، وفى كل مرة يقال له إن هذه هى الاختيارات الأفضل له. هذا الشعب شاهد فى وسائل إعلامه الرسمية والخاصة الصعود والهبوط فى المديح والهجوم من مقدمى البرامج للساسة الذين وصفوا فى 48 ساعة بأنهم أبطال ثم بعدها أصبحوا خونة أو العكس!
هذا الشعب تعب من كثرة الاحتجاج والتظاهر وقطع الطرق واللجان والتفتيش وحظر التجول، وحرق الكاوتش ورائحة المولوتوف وكثرة الكتابة على الجدران. هذا الشعب «زهق» من كثرة الوعود الزائفة والأحلام المتكررة، والشكاوى المتعددة، والتوقيتات التى لا يتم الالتزام بها. هذا الشعب أعياه اليأس وكثرة الدماء وأنهار الدموع وضياع الحناجر من كثرة الاحتجاجات والصراخ على الأحلام الضائعة واللبن المسكوب. هذا كله دفع الناس إلى الرغبة الجارفة فى الوصول إلى لحظة سكون وهدوء واستقرار لأوضاع البلاد والعباد.
هذا كله دفع جموع الشعب إلى الشعور بالقرف والغضب من الذين يصرون على تعكير صفو حياتهم والتأثير على أرزاقهم.
هذا كله يدفعنى إلى السؤال: إذا استمر غضب الناس وشعورهم بالإنهاك من السياسة والساسة، فماذا سيفعلون؟
سؤال يحتاج إلى التأمل والإجابة.
نقلاً عن "الوطن"