توقيت القاهرة المحلي 02:35:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل عادت الثلاجات؟

  مصر اليوم -

هل عادت الثلاجات

وائل عبد الفتاح

حاوِلْ أن تخرج من صندوقك لتفكر قليلا... ماذا ستكسب إذا عدت إلى وحشيتك.. إلى التعذيب.. والقتل باسم حفظ الأمن... ولكى تحمى البلد قبل أن تقع...؟ السؤال للضابط الذى تَصوَّر أن دولته عادت/ وستحميه/ وسيستمر فى الضحك على الشعب الذى يغنى لبطولات ضباطه وجنوده حُماة الأمن أسود الوطن... لكن الضابط لن يجيب... إنه مشغول بما يتصور أنه تعويض ما فات منذ يوم الهروب الكبير أو الاختفاء الكبير فى ٢٨ يناير... الضابط مشغول بمحو تلك الأيام من الذاكرة... ويلبس ملابس البطولة متصورًا أنه المنقذ/ قاهر أعداء الوطن... نعم، الوطن الذى لا يعرف أنه يقوده إلى كارثة أو دمار جديد بإعادة فتح الثلاجات ومسارح التعذيب فى الأقسام... الضابط مشغول لأن كباره مشغولون أيضا بتمتين سلطاتهم وتكريس قبضتهم من جديد/ مشغولون بالدفاع عن «الوضع القائم وشرعنته...»/ وفى هذا الانشغال لا يستطيع مسؤول من هؤلاء أن يمنع ضابطًا عن القتل والتعذيب/ فى نفس الوقت الذى يبذل فيه كل ما يمتلك من مهارات وألاعيب سلطوية ليحاصر حريات التعبير، من الرسم على الجدران إلى التظاهر، ويمعن فى وضع أصول الرقابة على الإنترنت معتمدا على ما يتصوره تأييدًا من الخائفين والمذعورين من الإخوان، ولا يدرك أن هذا الخوف والذعر مؤقَّت ومرتبط بالقدرة على تحقيق الأمن، وهو ما لم تحققه الوحشية والقهر والعودة إلى أسلوب إدارة الجريمة لا منعها/ وقهر المجرم والضحية معًا/ وتكريس هيبة الضابط لا هيبة القانون. لا يستوعب الضابط والمسؤول الذى يحميه أن هذه لحظة انتقالية/ عابرة لن تستقر فيها السلطوية والقهر والدولة الأمنية إلا بفاتورة لا يقدر جهاز الأمن كله عليها. كما لايدرك الضابط ومسؤوله أيضا أن لحظة التحالف/ أو سمِّها استجابة جهاز الشرطة لإرادة الشعب ورفض طاعة الإخوان فى قهر المواطنين لا تعنى أبدًا قهرهم من أى نظام آخر/ أو خصخصة القهر لصالح مجموعات من ضباط ساديين/ فاشلين مهنيًّا/ ويخدمون جهة أو شريحة لا نعرفها/ بينما يوجهون جريمتهم لشرائح يتصورون أن لا ظهر لها. مَن له المصلحة فى عودة التعذيب والقتل على يد الشرطة؟ من يحمى المجرمين بالملابس الرسمية؟ سيقولون حالات فردية... وسنردّ: إذا كانت فردية فلماذا لا توقفونها؟ لماذا تقدرون على حصار الحريات ولا تقدرون على هؤلاء المرضى الذين يتجولون فى الشوارع أو يحولون الأقسام إلى سلخانات...؟ لماذا عادت فيديوهات التعذيب؟ لماذا يتصور شخص ضعيف أنه وحش بما يمتلكه من سلطة مطلقة فى القسم أو الكمين/ لايحاسبه أحد/ والقانون أداة فى يده..؟ فكروا قليلا/ تمرُّدكم على الإخوان لا يمنحكم الحق فى تحويلنا إلى أسرى ساديتكم... ولا إلى ضحايا محتمَلين لوحشيتكم... الضحايا لها صوت، نسمعه فى كل مكان، صرخاتهم لم تعُد أسيرة الزنازين وحجرات التعذيب و«ثلاجات» يمارس فيها الضباط ساديتهم الساخنة، خرجت الأصوات تتجول وتقلق المدينة وتؤرق نومها على حكايات التعذيب. يحكى السجناء عن الغرفة بخيال ضحايا يدهشهم التعاطف معهم بعد حفلات التعذيب، لم يكن فى الحسبان قبل خروج صوت الضحايا وعودتهم إلى الحياة، أن يقلق التعذيب مجتمعًا يرى أن «قلم الحكومة خير». الجسد أسير فى السجون، بلا حقوق، ملعب لاستعراضات الساديين أصحاب الذكورة المنقوصة، استعراضات يغطُّونها بالشعارات النبيلة: نعلمهم الأدب ونعيد تربيتهم. السادى تَلذّذ بانتهاك الجسد، يراه بلا قيمة ما دام وقع تحت يده، جسد الضابط يهتزّ نشوة من تعذيب الآخرين، جولة أو غزوة أو مهمة عمل ينتظر عليها مكافأة. غرف التعذيب مسرح، له طقوس مدهشة من الأسماء إلى الأدوات مرورًا بملامح تتشكل نفسيًّا بإيقاع هذه الغرف المقبضة. كيف ينام؟ هل تزوره الكوابيس؟ إسلام نبيه، الضابط الذى عذب عماد الكبير فى ٢٠٠٧، قال له: إنت زائر دائم فى كوابيسى. صوت صرخة عماد وهم يضعون عصا فى مؤخرته، هزّ مصر كلها، الميديا الحديثة نقلت صوت الضحية إلى المحكمة ليدخل الضابط بكوابيسه إلى السجن ٣ سنوات. من يومها وصوت الضحايا لا يُدفَن مع أجسادهم المهانة وأرواحهم المكسورة. من يومها وصوت الضحايا يجمع حوله عشرات ومئات وآلافًا لمناهضة جريمة كان المجتمع يمررها ما دامت تتم فى الغرف والزنازين المغلقة على جلّاديها. الصورة نقلت مسرح الجريمة إلى العلن، لم يعد خالد سعيد رهن حزن أمه وعائلته، كما لم يشعر كل ضحية للتعذيب بالخجل حين ترك صرخته أمانة فى عنق مجتمع كامل، مجتمع يسدل أمتارًا كثيرة حول الجسد حرًّا، ولا يحميه حين يقع أسير الدولة. علاقة مرتبكة بالجسد، وقبول بالتعذيب مريب، خوفًا أو رعبًا أو استدعاءً لسلطة لا ترى فى الجسد غير مساحة للإدانة أو الإهانة. عندما انتشرت قبل سنوات صور ضحايا التعذيب فى مراكز الشرطة، بينها صورة شابّ فى العشرين يصرخ وهو يتوسل للضابط أن يرحمه، والضابط يشعر بلذة إدخال العصا فى مؤخّرته، وكلما صرخ زاد هياج الضابط وفرقة التعذيب المعاونة، وبرع الشرطى، الذى صوَّر التفاصيل، فى التقاط ملامح الألم والعذاب، وتصوّر أنه أخفى المجرمين، حين اكتفى بتصوير أحذيتهم وبناطيلهم السوداء، عندها لم يتخيل المصوِّر وضابطه أن الضحية ستظهر وتحكى وتشير إلى المجرمين.‎ لم يتخيل أنه سيكون للضحية صوت غير الصراخ. عادت الضحية إلى الحياة، وخرج صوتها الهامس إلى العلن. صوت واهن، لكنه يزلزل المطمئنّين إلى استقرار جبروتهم. صوت أقرب إلى النشيج، لكنه يخدش الحائط الصلب الذى تقام خلفه حفلات التعذيب.‎ هكذا أصبح «صوت عماد الكبير» علامة على طريق، وأصبح للضحايا منصَّات متعددة خارج سيطرة السلطة. "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل عادت الثلاجات هل عادت الثلاجات



GMT 23:33 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الجولة السادسة

GMT 23:32 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

ابن حسن الصباح

GMT 23:28 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

فى كتاب الكرة المصرية «فصل كرواتيا»!

GMT 07:55 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

رائحة الديمقراطية!

GMT 07:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

نصرة.. ونعمة.. وصدفة

GMT 07:49 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

صراع النجوم.. ومن (يشيل الليلة)!!

GMT 07:46 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

من حكايا دفتر المحبة.. التى لا تسقط (٤)

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon