عماد الدين أديب
دائماً هناك الحل السهل لتفسير أى أزمة يعانيها الإنسان المصرى!
هذا الحل السهل وهذا التفسير المريح يكمن فى اتهام الحاكم والحكومة بالتقصير وتحميلهما مسئولية كل أخطاء وخطايا شعب بأكمله.
الحاكم مجرد قائد، والحكومة مجرد سلطة تنفيذية، لكن العبرة دائماً تكمن فى الشعب الذى يمثل الأغلبية الكاسحة من القوى البشرية الفاعلة والمؤثرة.
وحده الشعب هو الذى يخلق حالة التقدم أو حالة التخلف فى أى مجتمع فى أى وطن فى أى زمان.
لم يكن ممكنا لليابان أن تحقق الطفرة الاقتصادية الهائلة عقب هزيمتها فى الحرب العالمية الثانية لولا الالتزام الصارم للعامل اليابانى بقيم العمل والسعى المقدس إلى رفع إنتاجية العمل.
ولم يكن ممكناً للصين الشعبية أن تحول أكبر زيادة سكانية فى العالم من حالة «العبء» البشرى الضاغط على التنمية إلى مصدر تطور وإنجاز وتخفيض قيمة اليد العاملة حتى أصبح المنتج الصينى من أكثر المنتجات تنافسية فى العالم بسبب رخص اليد العاملة.
ولم يكن ممكناً للشعب الهندى العظيم أن يحول أكبر حالة فقر عرفها التاريخ إلى اقتصاد ينافس على صدارة اقتصادات العالم المعاصرة ويحتل مراكز متقدمة فى صناعات الصلب، والأدوية، والسلاح، والسيارات والقطارات، ولديه أكبر صناعة أفلام فى العالم وأكبر وادى تكنولوجيا إلكترونية على ظهر كوكب الأرض.
هذا بالطبع تم إنجازه فى ظل حكومات رشيدة وواعية وفى ظل حكام لديهم قدر عظيم من الاستنارة والوعى والفهم، لكنه تم أيضاً من خلال تفاعل شعب يتوكل على الله ولا يتواكل، يقدر مسئوليته ولا يعلق خطاياه على شماعة الحاكم والحكومة، يحترم قيمة العمل بدلاً من أن يبحث عن الأعذار للتهرب من العمل.
إن الإحصاءات التى تتحدث عن أن الموظف الحكومى المصرى يعطى عمله 35 دقيقة عمل يومية وأنه من أكثر الموظفين فى العالم الذين يتغيبون عن دور أعمالهم بأعذار أو بدون. طبعاً لا نريد أن نفتح ملف الفساد الإدارى الذى أصبح أسلوب حياة فى الإدارة الوسطى والدنيا فى جميع مجالات الجهات الرسمية.
وأصبح الشعار المعروف «أبرز حتى تنجز» والإبراز هنا هو إبراز الرشوة حتى يتم الإنجاز وهو مجرد أداء المهمة المفروض أن الموظف يتقاضى -فى الأساس- راتبه عليها.
نحن نلوم الحكام والحكومة ولكن متى توقفت النخبة السياسية فى مصر بشجاعة أمام مسئولية المحكومين بدلاً من قصر المسئولية فقط على الحاكم.
لن تنهض مصر بحكومة وحكام، ولكنها سوف تنهض بالدرجة الأولى بوعى وقدرة وصدق وتفانى شعبها.
نقلاً عن "الوطن"