عماد الدين أديب
من الحوارات التى تعلمت منها واستمتعت بها ذلك الحوار الذى تشرفت بإجرائه هذا الأسبوع مع الدكتور يوسف زيدان على قناة الـ«سى. بى. سى».
وأعظم ما فى الحوار مع شخصية باستنارة وعمق وثقافة الدكتور «زيدان» هو القدرة الفائقة على التصوير الدقيق لمعانى الاستياء وتفسير الأحداث وتعميق النتائج وصفاء الرؤية.
ورؤية الفيلسوف ورجل التاريخ ذى الوعى المعرفى والفكر الثقافى، تساعد الدارس الحائر الذى يبحث عن إجابات موضوعية عن أسئلة صعبة مثلى على الاهتداء إلى تفسير وتوضيح لكل ما يحدث حولنا من صراعات وأزمات.
وقد توقفت طويلاً أمام رؤية الدكتور يوسف زيدان لشكل نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك الهرمى ذى الثلاثة أضلاع الذى وضع فيه المعارضة ومنها المعارضة المدنية والإخوانية كحجر أساسى وأصيل فى تركيبة ذلك النظام.
من هنا حرص الدكتور زيدان على أن يوضح أن أحد أسباب تعثر ثورة 25 يناير 2011 يرجع إلى اكتمال الوعى وعدم فهم ماهية وطبيعة النظام الذى هتف الشباب يطالبون بإسقاطه.
من هنا نفهم إشكالية عدم قدرة من قام بالثورة على جنى ثمارها، ونفهم أيضاً ثورة الإخوان للحصول على جائزة ثورة يناير بالوصول إلى سدة الحكم.
ولعل العبارة البليغة التى رددها الدكتور زيدان التى تقول «إن الوعى هو وقود الثورة» هى كاشفة لما سبق وأيضاً هادية لما نعيشه الآن حتى لا تدفع بنا «السذاجة السياسية» و«العاطفة البريئة» إلى تسليم إنجازات ثورة 30 يونيو 2013 إلى قوى لا تستحقها أو غير أمينة عليها.
وأسعدنى قول الدكتور زيدان إن ثورة 30 يونيو مكملة لثورة يناير، وإن ثورة يونيو أكثر نضجاً من ثورة يناير بسبب تراكم الخبرة التى حصلت عليها.
إننا فى زمن أحوج ما نكون فيه لأن نسعى إلى فهم مجريات الأمور بشكل فيه وعى وعمق.
الأحداث التى نحياها أكثر من مجرد أخبار وأعمق من مجرد شريط صور.
إن سرعة وتلاحق الأحداث اليومية والتطورات الجسيمة فى حياتنا تسرق الوعى الجمعى للناس وتجعلهم يلهثون حول تفاصيل الخبر يتابعونه بشكل لحظى وكأنه فيلم مصرى طويل ملىء بالمشوقات والمشهيات الإنسانية والتراجيدية والدموية والسياسية.
إننا فى فيلم مصرى طويل شاهدنا فيه رئيساً يحاكم وجيشاً يحكم والهاربين من المعتقل يصلون إلى حكم البلاد ثم يفقدونه فى 12 شهراً.
إننا فى فيلم شاهدنا فيه دماء على الأسفلت وفض اعتصامات ومظاهرات طلبة، وشباباً يتم إلقاؤه من على أسطح المنازل.
إننا فى فيلم مصرى طويل فيه صراع بين الجيش والإخوان على قلب البطلة المسماة بـ«مصر المحروسة».
نقلاً عن "الوطن"