عماد الدين أديب
النخبة المصرية عاشت، وما زالت، تقع تحت مطرقة وسندان التكفير أو التخوين؟
فى زمن ما بعد 23 يوليو كان الخلاف يعنى أن تتهم خصمك بخيانة الوطن، ووصلنا إلى اتهام البعض بالخيانة العظمى.
وفى زمن حكم الإخوان وأنصارهم كان من يخالفهم كافراً، خان الله ورسوله وكتابه وسنته المطهرة!
الإخوان والمؤسسة العسكرية صراع تقليدى يحتدم ما بين صعود وهبوط، وما بين مد وجزر ومن تحالفات مؤقتة وصدامات دموية تنتهى إلى أن نصل إلى الطريق المسدود فى الحوار، وهو طريق التخوين أو التكفير.
ولم يبدع العقل المصرى حتى الآن أى طريق ثالث للخروج من ثنائية التخوين أو التكفير.
لقد دخلت مصر فى هذا النفق العدمى العبثى الذى لا يمكن أن يؤدى إلا إلى أن يسعى كل طرف دائماً وأبداً إلى إقصاء الآخر كلما أصبح فى الحكم وأصبح الطرف الثانى فى المعارضة والعكس صحيح.
إن هذا المنطق المدمر سوف يظل يؤثر بشكل سلبى على أى مستقبل للحوار والاستقرار فى البلاد.
لم يحدث استقرار فى أى مجتمع ما بعد ثورة أو انتفاضة فى ظل مشاعر سلبية للثأر والثأر المضاد، والعنف اللفظى والعنف اللفظى المضاد.
إن هذا المنطق القائم على الإقصاء الفكرى ثم الإقصاء المادى هو منطق تدميرى للنخبة وللمؤسسات وللوطن.
وقد يبدو كلامى هذا نظرياً أو رومانسياً وأن الحل من منظور أى طرف هو ضرورة الإجهاز الكامل على الخصم أو العدو مهما كان الثمن ومهما كانت الفاتورة باهظة التكاليف.
الكلمة السحرية التى لم نسمعها منذ أكثر من نصف قرن فى مصر هى «التعايش» أو وضع الأسس والقواعد المنظمة للتعايش السلمى الإيجابى فى ظل دولة قانون مدنية.
إن الحكمة الوطنية العصرية هى حلم كل عاقل ما زال فى عقله بعض من الحكمة، وما زال فى قلبه كثير من العشق لهذا الوطن الطيب وهذا الشعب الصبور.
نقلاً عن "الوطن"