توقيت القاهرة المحلي 12:18:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأيادى والأصابع

  مصر اليوم -

الأيادى والأصابع

وائل عبد الفتاح

وقفت الحشود الباقية من أطلال التنظيم تقطع الطريق على التلامذة.. أطلال يبكون أحلامهم الضائعة فى سلطة، ودولة يحكمونها ٥٠٠ سنة، بهذه الطليعة المؤمنة التى لا تؤمن بغير أنها «كِريمة الكِريمة» وأن حكمها لنا دليل على صلاحنا. هذه الحشود رفعت الأصابع الأربعة.. مثل شاهد قبر على جماعة عاشت على الابتزاز ٨٥ سنة، وعندما وصلوا إلى الحكم لم يفعلوا سوى ما فعله كل مستبد بائس.. احتلوا الدولة.. وليس هذا فقط بل فشلوا فى احتلالها. الأصابع الأربعة رُفعت فى وجوه أطفالنا وشبابنا.. لا ضد السلطة. السلطة التى لها عبيد فى كل مكان، عبيد انتظروا نفس الأطفال والشباب بأغنية «تسلم الأيادى».. ملحمة الابتذال التى وضعت تيمات موسيقى الأفراح والرقص الخاطفة لتعلق بالأذهان.. ثم تقول كلمات إنشاء.. وتتحول إلى رمز للإذعان لا للفرحة.. نعم هرب التلامذة من الأصابع ليجدوا الأيادى، كأنهم أسْرى الثنائية اللعينة. إما جماعة تبتزك بمظلومياتها.. وإما سلطة تحتل عقلك بأناشيدها. ولا شىء بعد ذلك.. لا شىء فعلا.. لا تعليم محترما يقوم على الحرية، ففى اليوم الأول تصور مدير مدرسة منفوخ أن النظافة هى منع التلاميذ من الجرافيتى.. كما اقتحمت قوة أمنية لتقبض على تلامذة فكروا فى القيام بمظاهرة. لم يعرف المسؤول عن هذه المدرسة أنها حرم للحرية، لا بد أن يحمى فيه طلابه وحرياتهم فى التعبير، فالحق الضائع يتحول إلى دافع للإرهاب بعد قليل.. المدارس ليست معتقلات أو معسكرات ترويض.. كما يراها العقل القديم لسلطة حرمت الخروج عن صفوفها وأغلقت النوافذ والشرفات لكى لا يدخل إلا الضوء الصناعى الذى يزيد عتمة ويخلق عبدا صغيرا مهملا ليكون مواطنا صالحا لتستقر السلطة على مقاعدها. وكما أن جماعة الأصابع لم تر من التعليم سوى التوجيه وخلق جيل سمع وطاعة يصبح جيشا للجماعة يرفع الأصابع.. دون أن يفكر: «من قادنا إلى المذبحة»؟ لا يعرف أصحاب الأصابع أن قطعهم طريق المدارس سيجعل «تسلم الأيادى» رمز مقاومة الجماعة المحتلة، قاطعة الطريق، سارقة الثورات، المتحالفة مع الإرهابيين. كما أن أصابع رابعة أصبحت عند المتمردين رمزا لمقاومة تجييش المدارس وتحويلها إلى مصانع لمواطنين صالحين لاستخدام المستبد الكامن فى مكان ما، وسيظهر كما الوحش فى الكوابيس المرعبة. لا يعرف «الأصابعيون» ولا «الأياديون» أن هذه لحظة عابرة.. فالتعاطف مع الضحايا لا يصنع مستقبلا ولا تحية المنقذ من الوحش يمكن أن تكون أساس عقد اجتماعى جديد.. المستقبل رهن التخلص من التعاطف والرعب. رهن التحرر من الأصابع والأيادى ومن جعلهما عنوان مرحلة حالية.. وهناك من يصر أن يوقف الزمن والأحلام والآمال، وحتى اليأس عند هذه اللحظة. هذه لحظة عابرة.. ومستقبلنا إذا كانت إرادتنا تتجه للمستقبل، هو العبور من تلك اللحظة بما اكتسبناه من رحلة الثورة، والتخلص من عفن سنوات الاستبداد الطويلة. مستقبلنا رهن تحرير أطفالنا من هذه اللحظة، ومن مرض كل سلطوى فى تحويلهم إلى كائنات صالحة للترويض والسير بجوار الحائط. ابتسامات أطفالنا أقوى وأحلى، وحريتهم فى حياة بلا بعبع السلطات أهم ألف مرة من كل الأصابع والأيادى.. أهم مليون مرة من مخططات الجماعة ومرشدها أو المقاتلين من أجل العودة إلى مربع الاستبداد العادل. المستقبل رهن بأن يعرف أطفالنا كيف يفرقون بين عدم قبول إهدار الدماء والوقوع فى فخ الابتزاز السياسى. ورهن بقدرتهم على أن يحترموا الجيش لأنه احترم الإرادة الشعبية.. وليس لأن هناك من يخطط لتحويل هذه الإرادة إلى صك قبول بالعسكرة أو تحويل المجتمع كله إلى ثكنة يتحول فيها النشيد الجمهورى إلى أغنية نفاق رخيص. أبعدوا أصابعكم وأياديكم عن مستقبلنا.. هكذا سندافع عن أطفالنا. نقلاً عن "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأيادى والأصابع الأيادى والأصابع



GMT 23:33 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الجولة السادسة

GMT 23:32 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

ابن حسن الصباح

GMT 23:28 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

فى كتاب الكرة المصرية «فصل كرواتيا»!

GMT 07:55 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

رائحة الديمقراطية!

GMT 07:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

نصرة.. ونعمة.. وصدفة

GMT 07:49 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

صراع النجوم.. ومن (يشيل الليلة)!!

GMT 07:46 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

من حكايا دفتر المحبة.. التى لا تسقط (٤)

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon