مصر اليوم
لن تقف هذه الحرب إلا باتفاق على (صيغة تعايش)..
هذه الصيغة تختلف عن:
1- المصالحة (كما تُطرح فى مبادرات نصف ساذجة/ نصف متآمرة لصالح فرض الأمر الواقع).
2- التوافق (بمعناه السياسى الذى فرضته فترة حكم المرسى من الجلوس على الموائد بلا معنى ولا هدف ولا أجندة).
3- الاتفاق (بما يعنى توزيع الحصص والأنصبة على التيارات والأحزاب).
هذه الصيغ كلها فاشلة لأنها تؤدى إلى نفس التوازن الهشّ الذى يضع كل الخيوط فى يد واحدة (الجيش هذه المرة كما كان الجيش فى المرة السابقة على اختلاف الأوضاع والظروف بين قيادة السيسى وقيادة طنطاوى).
يكمن الفشل فى هذه الصيغ لأنها تعيد إنتاج وضع الدولة إلى توازنات ما قبل 25 يناير بأشكال أخرى متجاوزة التغيرات والأحلام بتكوين وبناء مجتمع/ شعب.
الصيغة كما انتهت إليها المرحلة الانتقالية الأولى صعدت بالإخوان إلى السلطة ومعها تأكدت استحالة التعايش بعد سنة من حكم لم يفعل سوى «تمكين» الجماعة/ ومن تحالف معها بمنطق المنتصر/ الغالب فى « غزوة الصناديق».
سنة واحدة كشفت أن الطريق لإعادة بناء بناء مجتمع/ شعب مقطوع بشهوة التمكين/ الأخونة/ أو التعامل مع كل المختلفين على أنهم ضيوف على ديكتاتورية «الرئيس المؤمن» يقبلون ما يسمح به مكتب الإرشاد.
المرسى لم يفشل فى بناء الديمقراطية، لكنه فشل فى بناء ديكتاتورية الفرعون الإسلامى التى تلغى كل الآليات والفاعليات التى أتت به.
وهذا توضيح مهم لأن «الفرصة» التى يبكى عليها المرسى ومجلس الحرب فى «رابعة» هى مزيد من الوقت لتعطيل الديمقراطية و«فرملة» بناء المجتمع بالتكويش على مزيد من السلطات لفرض قواعد الغزو الفاشى على المجتمع وقوته الحية.
هذه القوة الحية هى المستمرة قابضة على أهدافها منذ 25 يناير فى بناء دولة ديمقراطية حديثة/ ومجتمع متعدد وديمقراطى، لا قطيع يُساق كما تريده السلطة.
والآن لا مجال إلا هزيمة الفاشية الإخوانية/ وإنهاء عصر الابتزاز المزدوج من «الدولة الأمنية التى تحمينا من العدو الخارجى والداخلى ومن «طائع الدولة المؤمنة التى تعيد الإسلام وتحمل صكوك الجنة».
هزيمة الإخوان لن تكون بمنحهم مبرر الضحية/ ولا باستعادة أجهزة الدولة العقيمة (نعم العقيمة لا العميقة..) والتى لم تفعل سوى تطويل فترة احتضار دولة «الديكتاتور العجوز..».
لن يفهم الإخوان وتحالف «رابعة» صيغة التعايش إلا بهزيمة كبرى من المجتمع/ وقوته الحية، تتحرك فيه قوته الأمنية وفق قواعد جديدة لا قواعد الدولة الأمنية التى ستبرر وجود/ أو إعادة وجود تنظيمات الابتزاز الإسلامية من جديد.. فهما وجها العملة الواحدة.
لن تنتهى «الحرب..» بتصدر الدولة الأمنية المشهد/ واستغلال رعب المجتمع من «الوحوش» الرابضة فى رابعة.
هناك ألف طريقة لمحاصرة الإرهاب غير طريقة «الدولة الأمنية» التى لم تفعل سوى انتقال السلطة من حزب ليس إلا منتخب المنتفعين والباحثين عن صكوك الحظ (الحزب الوطنى) إلى جهاز أمن الدولة (الذى فشل كجهاز حكم أضعاف هزيمته كجهاز أمنى).
مرة أخرى لا تهادِن ولا مصالحة مع مجلس الحرب فى «رابعة» لأن هذا هو منطق «الدولة الأمنية» فى صناعة مذابح دموية قبل القبول بالصفقات.
«منطق الصفقة» كارثة جديدة/ وشحن للحرب الأهلية وليس إنهاء لها.
والمخيف أنه ليس لدى الدولة الأمنية التى تحاول تصدر المشهد إلا هذا المنطق.