وائل عبد الفتاح
نعم إنها الثورة فى مواجهة واقعية منحطة، تقول إن حشود قندهار هى مصر أو شعبها.
جهات كثيرة تروج هذه الواقعية المنحطة.. وتعتبرها أفقا ومستقبلا وحائط صد ضد التغيير. ورغم أن المقارنة بين «قندهار ١» و«قندهار ٣» أنه لم يعد لأمراء الإرهاب سوى جمهور الكراهية.
كراهية المتخلف/المذبوح، الذى لا يريد الخروج من السلخانة لكنه يريد أن يفتح سلخانة منافسة.
إنهم جمهور/ضحايا يريدون اكتشاف معنى حياتهم فى قتل/ إرهاب/ قهر الآخرين.
كيف أصبح هذا الجمهور أسيرا لأمراء الإرهاب؟
سنحاول الإجابة كما رأيناها من قبل:
1- الكراهية بنت النرجسية الجريحة.
2- هذا ما بنيت عليه تنظيمات تسعى إلى السلطة باسم إعادة دولة منقرضة أو متخيلة.
3- ولدت هذه التنظيمات من إجابة قاصرة عن سؤال: لماذا تخلفنا؟
4- الإجابة كانت أننا ابتعدنا عن الإسلام.. وتفسيرها أننا ذهبنا إلى الدولة الحديثة حيث يسكن شيطان الغرب.
5- اللا وعى النائم فى نفسية أبناء هذه الجماعات قائم على كراهية كل ما يأتى من الغرب ليس باعتباره شر الشرور.. ولكن لأنها تعبر عن انهيار المجد القديم.. تحلل الإمبراطورية الإسلامية.
6- هذه الجماعات أصبحت مصانع للتخلف والكراهية تنتج أفكارها فى معازل تتعامل مع منتجات الغرب بمنطق الاستهلاك.. والاستهلاك الردىء.. كما تنتج أفكارها وخطاباتها من نفايات أفكار غربية فى الأساس (عن المجد القديم/العصر الذهبى/أحلام التفوق الدينى والعرقى..).
7- كما أن الجذور الفكرية والسياسية لهذه الجماعات اختارت من تاريخ الدولة الإسلامية.. عصور الهزيمة والنرجسية المجروحة وانتقت من الأفكار التى سادت مثلا «بعد غزوة أحد.. أو بعد انهيار دولة الأندلس...».
8- إنها نفسية المهزوم الذى ضاع مجده فأغلق على نفسه وتحول إلى جماعات حفظ النوع.
9- لهذا يقيمون دولة الكراهية القائمة على تصنيف البشر إلى مراتب وأنواع.. يقف الفقهاء والمرشدون على قمتهم طبعا ومن الخلف الطلائع المؤمنة.. وهذا بالضبط بناء التنظيمات الفاشية.. كما انتشرت فى أوروبا العشرينيات والثلاثينيات.
10- للكراهية هرم ترسمه نرجسية متخيلة عن زمن الإمبراطورية الإسلامية، حيث يحكم المسلمون العالم وتتحول فيه النساء إلى جوارى.. وأبناء الديانات الأخرى إلى «ضيوف..» أو «أهل ذمة» يدفعون الجزية.. ليقيموا فى بلاد المسلمين التى هى كل العالم.
11- هذه هى الصورة العميقة للذات عند التنظيمات وقطعانها البشرية، التى ربما يضطرون إلى بلاغة فارغة وأكليشيهات بلا معنى.. لكن هذه الصورة تطل دائما بهرم الكراهية حيث يضعون على رأسه الذكر المسلم وفى قاعدته النساء «ولو مسلمات» والأقباط «طبعا وفى مؤخرتهم النساء» وعليهم أن يقبلوا بمنطق «النصف..» فالمرأة نصف الرجل والمسيحى نصف مواطن.
12- يتصور أعداء الديمقراطية أن عداوتهم للدولة الحديثة يمكن أن يفجرها من الداخل.. أى بالدخول فيها والسيطرة عليها ثم إدارتها لصالح مشروع «دولتهم» القائمة على وهم إعادة المجد القديم.
13- الوهم يرتبط بتحول الديمقراطية إلى غزوات ومداعبة هوس العاجزين بأن الوصول إلى الحكم بهؤلاء الغوغاء الفاشلين هو أول الطريق إلى إمبراطورية تحكم العالم وتوزع الغنائم وتسبى النساء وترسل الولاة إلى الأقاليم.
14- هذه هى الصورة المستقرة فى لا وعى أبناء هذه التنظيمات، ويرون من خلالها العالم دون أن تمسهم القيم الإنسانية الحديثة
15- هم يتصورون العالم من خلال الاستهلاك، يريدون الديمقراطية دون أفكارها.. ويستفيدون من حقوق الإنسان ما دامت تخصهم لكنهم لا يؤمنون بها.
16- وهم لا يخجلون من نشرهم أفكار الكراهية الفاسدة.. ويخرج عضو مجلس شورى يتحدث عن استفزاز حمل المسيحيين الصليب، بينما هم يحشرون القرآن ويرفعون المصاحف فى كل مناسبة ودون أى مناسبة.
17- هم بهذا التصور فرق جاءت لتعاقب المصريين وتنتقم منهم.. ويتخيلون مقاعدهم فى مجالس التشريع أو الدستور خيلا ينشرون بها الإسلام فى بلد مسلم.. يتصورون أنفسهم شطارا فيضعون على طبختهم بودرة تحلية لإخفاء معالمها الكريهة.
18- إنه مزاج متطرف يعادى الدولة الحديثة ويتمسح بها. ينشر خطاب التطرف والهوس ويسميه «صحيح الدين»، كأن المجتمع هو الفاسد لا السلطة.. أو كأن الديمقراطية عقاب سيجعلنا نلعن الثورة.
19- هم تنظيمات تطرف لا تدين، وبعضهم تربى أو كتب فعلا كتبا لا ترى فى الأقباط إلا كفرة نستضيفهم فى بلادنا على سبيل كرم الأخلاق ومقابل دفع الجزية.. وهذا تثبيت الزمن عند دولة لم تعد صالحة للاستنساخ كانت فيه حدود الدولة تتم بالغزو وبالسيطرة، وعلى الغريب دفع مقابل حمايته.. الدول الحديثة ليست كذلك وجميع سكانها مواطنون يتمتعون بكامل الحقوق والأهلية.
نقلاً عن "التحرير"