توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشاطر والمرسى

  مصر اليوم -

الشاطر والمرسى

وائل عبد الفتاح

وما لى أراك تغرق يا من تدَّعى البطولة؟ ما لى أراك لا تعرف كيف تسيطر على تحولاتك بعد الخروج من الكهف؟ ما لى أراك سعيدا وأنت ترتكب جرائم ضخمة لتحتل دولة ميتة؟ نعم، الإخوان تنظيم يعرف نفسه من جديد بعد أن استولى على السلطة بالدخول فى شركة الحكم «إخوان -عسكر بهندسة أمريكية». الإخوان اليوم ليسوا الإخوان قبل ٣٠ يونيو ٢٠١١، حدثت تحولات، أصابتهم اللوثة التى لم يستعدوا لها، تفككت القبضة الحديدية، ما زالت قبضة لكنها ليست حديدية. المرسى ليس هو المرسى الذى لقب بالاستبن أى الاحتياطى، ولا الشاطر هو مخرج مسرح العرائس الوحيد؟ حتى العريان، ذلك المبتسم على ما لا يستدعى الابتسام، تحول إلى شخص هستيرى، زائغ العينين، يتفوق على السخرية منه، يروى مثلا فى الكواليس أن الهستيريا وصلت به إلى حدود أصبح فيها ممنوعا من دخول قصر الرئاسة، ولا يرد على تليفوناته، ويخشى من مديحه، كما تصيب حركته الرئاسة بالارتباك أكثر مما هى عليه. روايات يبدو معها العريان خارج السيطرة، وهذا تحول فى مسار شخص وتنظيم، فالرجل الذى لعب دور الواجهة، ها هو ينظر فى المرآة ويدافع عن وجوده وطموحه الشخصى، وتبدو حركته «كما تبدو فى الروايات» خارج السيطرة. العريان مجرد نموذج لشخصيات لم يعد الحفاظ على التنظيم هدفها الوحيد، ولكن إثبات الذات والحفاظ على مكاسب «مثل هيلمان منصب» أو حصد شعبية «فالبقاء فى النور لم يعد ضارا كما كان أيام الأنظمة المعادية للإخوان». باسم عودة مثال لتحول شخص من لعب أدوار خبير الخبراء فى جماعة لم تقدم كفاءة أو خبرة، فكان هو العلامة وسط جهل عميق يفخرون به، وعندما أصبح وزيرا انكشفت حقيقة خبرته، ولم يعد أمامه إلا اللعب بالدعاية والبروباجندا المثيرة للسخرية من فرط سذاجتها. التنظيم يتحول.. والمرسى المقيم فى القصر ليس المرسى الذى بدا ضئيلا بجوار خيرت الشاطر العملاق فى استاد المنصورة وهو يحاول الغناء بكل ما فى الروح المسدودة من قدرة على إشاعة البؤس الخشن. الشاطر نفسه تغير، بعدما كان بطل التنظيم الأول، ومالك شفرات الحماية من التفكك والذوبان، أصبح «الأب الروحى» الذى تنسب إليه خرافات وأساطير أكبر من حجمه، وقدراته الذهنية والشخصية، ماذا فعل التحول به؟ وماذا فعل بالمرسى؟ بل كيف تتفاعل الآن الصفات الإنسانية داخل تنظيم عاش واستمر على الاختباء، فى مقرات سرية، واجتماعات سرية، وخلف ابتسامات باهتة. ماذا فعل خروج التنظيم إلى السلطة؟ أين ذهب سحره كجماعة صنعت قبيلة؟ العضو بالنسبة إلى الجماعة مجرد زبون. يمنحونه رشوة لتسهم فى منحهم رخصة الاستبداد. المجتمع بالنسبة إلى الإخوان ليسوا أفرادا أو مواطنين أو حتى جمهورا له احترامه باعتباره جزءا من اللعبة عندما تكون حلوة، وإنما المجتمع عبارة عن زبائن. وفى عقلية التجار هذه، الزبون على حق فقط لحظة الانتخابات أو الحشد. تأمل جيدا العلاقة بين تنظيم الإخوان والمنتمين إليه.. وانظر إلى من انفصل عن الإخوان فى مرحلة الشباب.. لا الذين انشقوا فى سنوات متأخرة ويحاولون بكل الطرق المحافظة على سحر المنشق. لا يتخلص الإخوانى بعد عمر معين من إخوانيته، لأنها تتحول إلى علاقة عائلية، والخروج عنها ليس سهلا، ويكون دائما باتجاه «إخوانية..» أكثر من الإخوان أنفسهم.. وتدور الخطابات المنشقة عن «النقاء» الذى لم يعد موجودا والابتعاد عن أفكار حسن البنا. المنشق من هذا النوع يلتصق بفكرة الإخوان أكثر بعد خروجه، لأن حياته لم تعد كافية لأن يخوض مغامرات البداية من جديد، ويظل محاطا بسحر المنشق، منقبا عن الفكرة النقية التى ضاعت والإخوانى الكامن فى المنشق يكون أحيانا أخطر من النائم فى قلعة التنظيم. أما الذى لديه وعى يدمر الفكرة من الأساس فهو الذى فضح بحكاياته طبيعة العلاقة بين التنظيم وعضويته، هم زبائن فى معرض «الطليعة المؤمنة» يحجزون تذكرة إلى الجنة (ضمانا بنتيجة الحساب بعد الموت) وموقعا اجتماعيا يعوض عدم تميزهم رغم قدرتهم على الجدية. الموقع الاجتماعى يمتد بالوظيفة وضمان العمل.. إلى جانب الشعور بسلطة التفوق الإيمانى على الجميع. حرب الدفاع عن التنظيم كانت أقوى ما يفعله الإخوان، وهى حرب أدامت التنظيم، لكنها جعلته أكثر ميلا للزبائنية.. خصوصا بعد ظهور منظم للسلفيين قبل الثورة «بوحى من جهاز أمن الدولة» وبعد الثورة باعتبارهم الحليف الذى يبدو أكثر خطرا أحيانا من العدو. حرب الدفاع عن الزبائن جزء من الارتباك الكبير لحكم الإخوان، لأنها ضمن حسابات الرئيس الذى يؤدى دوره بوعى أنه مندوب الجماعة فى قصر الرئاسة، ولا بد أن يرسل إلى جمهور الزبائن ما يطمئنهم أن كل شىء على ما يرام. نقلاً عن جريدة " التحرير "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشاطر والمرسى الشاطر والمرسى



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 03:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

GMT 03:33 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

اكتشافات أثرية تحت المياه بالسعودية

GMT 03:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«الإبادة» ليست أسمى

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon