توقيت القاهرة المحلي 03:53:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليس لديهم سوى الألغاز

  مصر اليوم -

ليس لديهم سوى الألغاز

وائل عبد الفتاح

... كل قدراتهم الخرافية تَمخَّضَت عن مسرح وهمى يعلنون فيه عن بطولات لا يصدِّقها سوى جمهور لا يحتمل اكتشاف أن الذين يراهم على الشاشة ويجلسون على الكراسى الضخمة المذهَّبة... ليسوا سوى مصاصى دماء يظهرون فقط أمام الكاميرات وفى حكايات المؤامرات.. لأنهم ببساطة حُكَّام دولة ميتة. بدا المرسى فى المؤتمر الصحفى غارقا فى مقعد يبتلعه، يتكلم عن تفاصيل لا يعرف حدود ما سيعلنه منها، أو ترتيبها النهائى، لاهيًا كعادته فى سرد قوائم شكر أو إشادة أو إشارة ينسى بعضها ويلتقطه الملقن. المرسى هو مفتاح هذه العملية، لكنه لا يعرف عنها شيئا، تمت عبره كل الاتصالات السرية، والاتفاقات العلنية، لكنه لا يستطيع أن يقرر بمفرده ماذا يقول، أو ما النص الذى وافقت عليه الكهنة الساكنون فى أماكنهم السرية... هذا ما يوحى به مشهد النهاية فى «فيلم» خطف الجنود، وهو فيلم لأننا لم نرَ فى الأوساط الرسمية غير ما سمح به سيناريو يحول القضية كلها إلى لغز. بداية من المسائل البسيطة: كيف ومتى انتهت العملية؟ بخاصة أنه كان هناك وقت لتجهيز بدل ميرى للجنود ووقت آخر لكى يحصلوا على حمام يُخفِى الإجهاد أو يبدو بعده أنهم كانوا فى مهمة خاصة وليسوا ضحايا مختطَفين. ثم أين الجناة إذا كان الضحايا عادوا بهذه الخفة والروعة والشعور بالثقة بـ«هيبة الدولة»؟ رواية الدولة متهافتة إلى درجة أن ما تَسرَّب عن العملية من مصادر متعددة أصبح هو النص الأساسى، بداية من تدخُّل زعماء القبائل وضمانهم الإفراج عن الجنود مقابل سلامة الخاطفين، وحتى الخلافات بين المرسى وقياداته الأمنية حول طريقة التعامل مع جريمة قال فيها درته الخالدة: «نعمل على حماية المخطوفين والخاطفين». ركاكة رواية الدولة نابعة أولا من أنها أصبحت شركة متعددة الرؤوس بين جماعة أرسلت مندوبها إلى القصر ومؤسسات عسكرية وأمنية تآكلت قدراتها حتى تكاد تختصر فى غريزة البيروقراطية المدافعة عن مصالحها. وثانيا أن سيناء لم تعد تحت سيطرة أحد، لا السلطة ولا المخابرات ولا الجيش ولا القبائل حتى... أصبحت ملعبا من ملاعب الاستعراض الفوضوى لقدرات قديمة تبحث عن نفسها... وهذا ما يجعل الروايات مجرَّد رقع حكايات لا يمكن الاعتماد عليها فى حبكة رواية يمكن تصديقها. والأهم من كل هذا أنها دولة ميتة.. حديثها حديث مصاصى دماء ميتين أرواحهم اختفت.. وأجسادهم تتحرك لامتصاص الدماء فقط. لهذا لم نسمع صوت الضحايا. رأينا دهشتهم وصدمة الأوامر بصمتهم. ماذا سيحكى المخطوفين لعائلتهم؟ ماذا سنحكى كمتفرجين لدينا كل هذه الرقع لنصنع لغزًا سخيفًا عشناه 5 أيام كاملة...؟ هل يمكن أن تعيش دولة على نفى ما يقال لأنها لا تقول شيئا؟ دولة بائسة ليس لديها شىء.. وهذا لغز فى حد ذاته، كيف تعيش؟ وإلى متى؟ بؤس الدولة مفرط إلى درجة استعادتها لكل ميراث الفخر الكاذب من الأغانى ليكون خلفية رواية ركيكة ولغز سخيف... «والله وعملوها الرجالة» التى قيلت فى المنتخب الوطنى لكرة القدم، ماذا تعنى هنا «الرجالة»، و«ماذا فعلوا؟»... إذا لم يكن لديكم أصلا رواية تروونها فكيف تغنُّون عمَّا لم تعلنوا عنه؟ ... لغز؟ بطولتكم لغز؟ وفضيحتكم لغز؟ مستقبلكم لغز؟ مصيركم لغز؟ أنتم لغز أسخف من التفكير فيه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس لديهم سوى الألغاز ليس لديهم سوى الألغاز



GMT 03:53 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الأهرامات مقبرة «الرابرز»!!

GMT 03:51 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الشعوب «المختارة»

GMT 03:49 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

اللاجئون إلى رواندا عبر بريطانيا

GMT 03:48 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

المقاومة الشعبية والمسلحة

GMT 03:38 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

خطر تحت أقدامنا

GMT 03:35 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عصر الكبار!

GMT 03:33 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بشارة يخترع نفسه في (مالمو)

GMT 03:30 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الغواية وصعوبة الرفض!

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 06:52 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي يقضي على التهاب المفاصل بأطعمة متوافرة

GMT 03:14 2021 الجمعة ,03 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تنتقد التبذير في جهاز العرائس

GMT 14:30 2021 الأحد ,04 إبريل / نيسان

"مايكروسوفت" تؤجل إعادة فتح مكاتبها بالكامل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon