توقيت القاهرة المحلي 12:18:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدولة.. ميتة

  مصر اليوم -

الدولة ميتة

وائل عبد الفتاح

.. وشبعت موتا. الشرطة فيها عادت فقط لتستعرض أمام قصر رئيس، والرئيس ليس رئيسا. إنه مندوب جماعة خرجت من كهوفها لتحكم بخريطة موروثة من عصر مبارك. وعصر مبارك لم يبق منه غير آلات مفككة للقمع والفساد.. هى نفسها التى تفشل فى حماية أمن رجل أو امرأة أو طفل فى الشارع، بينما تقتل نفس الرجل والمرأة والطفل عندما يقترب من قصر الرئاسة أو رموز السلطة. ماذا تنتظرون من دولة لا تبرع إلا فى تضخيم رموز السلطة.. فى نفختهم الكاذبة.. ينقد سياسى الرئيس فى برنامج فتخرج ميليشيات حامية ويتحرك نائبه الخصوصى ويكتشف حفارو القوانين مواد حبس وسجن وبهدلة. أما الفرد العادى الذى يسير فى شارع دفع أمواله من الضرائب فإنه لا يجد إلا شرطيا متكاسلا.. وضابطا يقف فى الكمين مع أصدقاء يستعرض أمامهم، وجيش فى الثكنات لم نر أماراته إلا ضد شباب وفتيات يحلمون بعالم سعيد. هذه دولة ماتت بشيخوختها، ماتت على مقاعدها، وأصغر ما فيها ميت، وكل ما فيها لن يقدم لنا سوى الموت. هذه هى الخلاصة.. الثورة قامت من أجل دولة جديدة وكل هؤلاء «إخوان وفلول.. دولة قديمة وجماعة سيطرت عليها شهوة السلطة.. سلف وجهاد» كلهم فعلا لا يعرفون إلا هذه الدولة الميتة.. يتعلقون بها ويتصورون أنهم ممكن أن ينقلوا المفتاح من الجنرال الموظف إلى الفقيه المودرن.. يتصورون أن المفتاح فى أمريكا.. ويتخيلون أن الشعب مجرد جمهور ينتظر استعراضا ساذجا عبيطا من السلطة لينام وتصدر أصوات اطمئنانه. الدنيا تغيرت بالثورة. نعم الدنيا.. أى نظرة كل فرد إلى نفسه وإلى موقعه وإلى العالم من حوله. الفرد لم يعد فأرا مذعورا يختبئ فى الزوايا والأركان من مصيدة تنتظره إذا تعدى حدوده. الفرد أصبح لحياته معنى أكبر من الحصول على «لقمة عيش» دون كرامة.. أصبح قادرا على المشاركة فى تغيير مستقبل البلد (وهذا سر جماهيرية حملة تمرد.. لأنها تؤكد هذا التغير). لم يعد الفرد نفسه يتصور أن أمانه فى العيش بجوار الحائط أو التوافق مع مركز إدارة عموم الكون، الذى هو الرئيس، الذى كان خالدا إلى وقت تتدخل فيه البيولوجيا، أى الموت الجسدى. إزاحة مبارك من قصره تعنى فى لا وعى عموم الشعب أن الرئيس لم يعد خالدا، وبالتالى فإن مركز الكون لم يعد ثابتا وإن كل محاولات التوافق مع هذا المركز قد تصيب وقد تخطئ. نحن الآن فى مغامرة. إما أن نصنع دولة جديدة تعبر بنا من المقبرة التى عشنا فيها إلى الحياة.. وإما سندفن مع هذه الدولة الميتة إلى الأبد.. لا حل وسطا.. المغامرة مستمرة.. والدولة القديمة أكلتها الرطوبة ولم تعد صالحة للاستخدام الآمن. هذا هو الخطر الذى يمنح للحياة سرها. ليس أمامنا إلا بناء دولة جديدة.. نعيش معها، أو نعلق آمالنا على دولة ميتة ونعيش معها فى مدافن البشرية.. وفقط. نقلاً عن جريدة "التحرير" .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدولة ميتة الدولة ميتة



GMT 23:33 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الجولة السادسة

GMT 23:32 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

ابن حسن الصباح

GMT 23:28 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

فى كتاب الكرة المصرية «فصل كرواتيا»!

GMT 07:55 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

رائحة الديمقراطية!

GMT 07:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

نصرة.. ونعمة.. وصدفة

GMT 07:49 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

صراع النجوم.. ومن (يشيل الليلة)!!

GMT 07:46 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

من حكايا دفتر المحبة.. التى لا تسقط (٤)

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon