مصر اليوم
ستسمع الآهات، تلمس حرارة الحسرة وهم يتحدثون عن هيبة الدولة.. لقد ضاعت فى سيناء.
إنها الدولة ذلك الكيان العلوى، الغامض، الذى يشبه الهرم، هو معجزة المصريين، ومعبودهم الحقيقى.
يخطف 7 مواطنين فيبكون على هيبة الدولة.
الدولة نفسها التى تسخِّر أجهزتها لإذلال وقمع كل مواطن، ومهمتها تدجين وترويض المواطنين ليصبحوا قطعانا يدورون فى مسارات تشغل ماكينات هرم الدولة… هذه الدولة نفسها وتلك المؤسسة العسكرية نفسها تسحل المواطن وتقتله وتعذبه وتتعامل معه بقوانين تشبه السخرة.
هل تريدون أن تدافع هذه الدولة عن هيبتها؟
وماذا تعنى هيبتها؟
نحن نحلم بدولة أخرى، هيبتها هى حياة الفرد وكرامته وحقوقه.
نحلم بالدفاع عن حياة كل جُندى لا الدفاع عن هيبة فارغة ونفخة كاذبة.
الجُندى أهم من المؤسسة التى بنيت على استعباده وتحولت إلى شركة بيروقراطية لإدارة مصالح اقتصادية.
الفرد أهم من الدولة كلها لأن حياته وأمانه أهم ألف مرة من الطاولة التى يلتفّ حولها رئيس فاشل ومسؤولون يطبّلون للفشل ويغرّدون له.
فى عملية الخطف يتكلمون عن هيبة دولة صنعت من الخاطفين مجرمين بعد مظالم التعذيب والخطف ومعاملة تحتقر الفرد إلا إذا كان له ظهر.
والضحايا جنود لا تحمى مؤسستهم العسكرية إلا القادة والرُّتب.
نحن ندفع أثمانا باهظة لدولة من عصور ما قبل الدولة، دولة من عصر الاستعباد، دولة قامعة، فاشلة، مستبدة، كاذبة.. دولة كلما تعلقنا بأذيالها سرنا إلى مقابر جماعية.
نريد دولة جديدة، الفرد فيها أهم من قائد الجيش، والرئيس موظف لا مبعوث عناية ومندوب السماوات العليا.
ماذا يعنى أن يحصل المرسى الأسير فى قصره على فتوى من الأزهر؟ ألم يقسم على حماية وأمن المصريين، كل المصريين؟
كيف يمكن لجيش أن تستمر قياداته فى الانتفاخ داخل البدل المكوية وهم لا يتحكمون إلا فى محطات البنزين وكمائن يمارسون فيها رذالات على عباد الله؟
هيبتكم كاذبة..
ودولتكم أكلها الدود ولم يبقَ إلا الدود الذى سينهشنا إن لم نُقِم دولة جديدة تحترم الفرد وتقدس الحياة وتمنح أمانها للجميع.. دولة لا تصبح رهينة الإرهابيين وحروبهم المعادية للبشر.
الدولة معجزة المصريين التى تحاصرهم، «تكبس» على أنفاسهم، ترسم لهم مسارات، تضع وجودها مقابل خضوعهم.
هذه هى الدولة كلما تصور أحد أنها تموت تعود من جديد بألف روح وحياة عكس كل ظروف عودتها من مدارها المستبد.
تبدو الدولة هنا أهم من وجودها ذاته.
الدولة تفككت قبضاتها القديمة بعد ٢٥ يناير، ومن شقوقها نما المجتمع وقوته الحرة، والعشوائية معًا.. كيف سيُعَدّ جسد الدولة بعد تغير الفضاء الذى تعودت على احتلاله؟
هيبة الدولة مفهوم قديم يتم ترويجه فى أجهزة الترويض والتضليل على أنه المفهوم المطلق والوحيد، كما كان الطوارئ لا بديل عنه، والرئيس لا يمكن المساس به، وهيبة الشرطة أساس الأمن.
مفاهيم سلطوية تتسرب عبر أجهزة الدعاية للنظام فى المدارس والتليفزيونات والصحف إلى درجة لا تجعلها مجرد مفاهيم يمكن تغييرها.. لكنها أقدار أو حقائق مطلقة.
ماذا تعنى هيبة الدولة؟
لا شىء
المواطن سيد على الدولة.
وحق مواطن واحد ضائع لا يجعل للدولة هيبتها.
وكما قلت من قبل:
دولةٌ تضيع فيها الحقوق لا هيبة لها.
دولةٌ يُحمَى فيها القتلة لا هيبة لها.
دولةٌ يحرّض فيها الضباط الأهالى ضد الأولتراس لا هيبة لها.
دولةٌ تصنع حربًا أهلية لا هيبة لها.
دولةٌ العدلُ فيها غريب لا هيبة لها.
دولةٌ تحشد كل إمكانياتها من أجل مباراة كرة بلا أهمية لا هيبة لها.
دولةٌ تعاند مواطنيها لا هيبة لها.
دولةٌ تضع شرطتها فى قهر مواطنيها لا تنظيم حياتهم لا هيبة لها.
دولةٌ تنظر إلى مواطنيها قطيعًا من عبيد وضحايا محتملين لا هيبة لها.