توقيت القاهرة المحلي 03:55:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عندما ترتبك الديناصورات

  مصر اليوم -

عندما ترتبك الديناصورات

وائل عبد الفتاح

هل تنتظرون الجيش؟ أمريكا؟ الحقيقة أن الثورة لا تنتظر أحدًا، إنها الروح القوية التى فاجأت الجميع يوم ٢٥ يناير ٢٠١١، وما زالت تفاجئ حتى أقوى المؤمنين بها. الثورة هى البحث عن القوة فى الضعف. قُلت هذا فى البدايات وأتذكره دائمًا كلما شعرت بالضعف أو كلما سيطر على مَن حولى شعور اليأس التاريخى أو الإحباط من شراسة الديناصورات فى حرب تدميرها للثورة. الديناصورات توحّدوا فى شركة حكم جديدة، كتبت عنها من قبل، ليُعيدوا بناء جمهورية على مقاس طموحاتهم، جمهورية قديمة بمكياج جديد. لكن لأن الثورة صنعها شباب قتلوا الوحش أكثر من مرة فى ألعاب البلاى ستيشن، فإنها ما زالت تملأ الشوارع وتخرج الأمل من تحت تلال الرمال. الثورة تجدّد الذاكرة، تنشط خلايا ظننا أنها ماتت فى العقل المصرى. ديناصورات الاستبداد قبل سقوطها قامت بعملية «تصحير» اختفت معها ملامح مصر، وتفاصيلها الثرية، لتبدو من بعيد صحراء جرداء. عادت الديناصورات فى صور جديدة، مرشد وأب روحى وجماعة أرسلت مندوبها ليبنى مملكتها على أنقاض الثورة. المرسى لا يحكم وحده من اللحظة الأولى. يحكم عبر شركة الحكم التى تضم معهم الجيش وأمريكا. وشركة الحكم الجديدة هذه.. مرتبكة كلها.. الآن. لأن الثورة حاصرت الديناصور فى القصر، ورسمت على جسده صور الشهداء، بينما الميليشيات التى أرسلها المرشد، محت الصور، لكى لا يسمع الديناصور المقيم فى القصر صوت «جيكا» يطارده فى المنام واليقظة. جيكا.. لعنة ستطارد مندوب الجماعة، وستعود صورته كلما محتها الميليشيات.. ستعود وتقول إننا أحياء وأنتم إلى مصير الديناصورات. محنة الديناصور تربك شركة الحكم الجديدة. الإخوان يحاولون بناء مظلومية جديدة، ومن أجلها يحاولون شراء جثث الشهداء، أو سرقة جثمان من المشرحة، أو وضع صورة خلف المرشد لشهيد من الجماعة تكشف الروايات فى ما بعد أنها لشاب مصاب وفى غرفة العناية المركزة وينتمى إلى المجموعات الرافضة لقرارات الرئيس. والجيش قرّر إعلان الحياد فى بيان تخلّى فيه عن اللغة السلطوية، مركِّزًا على فكرة الانتماء إلى الشعب، وهو ما يبدو نظرة إلى الأزمة من بعيد، تضع الرئيس طرفًا، وترمم «كيانها» الذى تعرّض إلى هزات كبيرة بعد الصدام مع الثوار فى أثناء إدارة المجلس العسكرى المرحلة الانتقالية.. وتضع نفسها فى موقف لا تدفع فيه فاتورة الطرف الساكن للقصر. المرسى من جهته أصدر قرارًا بالضبطية القضائية للجيش، وهو القرار الذى صدر تحت حكم المشير ولاقى رفضًا عنيفًا، وأُلغى بحكم قضائى، اعتبر فيه أن هذا إعلان بالحكم العسكرى. وبين الحياد والتورّط، يزداد غموض موقف الجيش الذى يعتبر بيانه عودة من بعيد للحياة السياسية، فى نفس الوقت الذى تعتبر «الضبطية» هى تورّط فى مواجهة «الشارع» من جديد. أما الشريك الثالث.. الراعى الدولى، فهو الأكثر قلقًا على هندسته لنظام حكم إخوانى يضمن له ما عجز عنه مبارك من اتفاق غزة، أو تسليم متورطين من القاعدة فى قتل السفير الأمريكى فى بنغازى، وهى العلاقة التى يفخر بها خيرت الشاطر فى تصريحاته إلى الصحف الأمريكية، ويلاعب بها قادة الجماعة إدارة أوباما.. وينفّذ اللعب وفد من عصام العريان «مستشار الرئيس»، وعصام الحداد «مساعد الرئيس للعلاقات الخارجية»، موجودين فى واشنطن الآن، وفى أثناء اشتعال الأزمة، لينقلا تصورات الجماعة/الرئاسة إلى الإدارة والعكس، وهو ما سرّع بالدعوة إلى الحوار لإثبات أنها ليست أزمة وإنما صراع على السلطة. ارتباك شركة الحكم الجديدة يعنى أن الثورة تكسب من مناطق ضعفها. تكسب الديمقراطية ليس باعتبارها منحة أو صفقة أو عملية تسيطر عليها السلطة وصناديق انتخابات يتحكم فيها مَن يتقن اللعبة، ولكن باعتبارها عملية يشارك فيها «الشارع» أو المجتمع بالضغط والحضور الفعال المؤثّر، وهذا ما قامت الثورة من أجله. هزمت الثورة أيضًا إرهاب تجار الدين الذين اعتبروا أن إبعاد تجارتهم عن السياسة كفر وإلحاد.. هزمته بما أخرج من قطاعات واسعة من المجتمع تدافع عن حريتها فى مواجهة تسلط وصاية المشايخ والجماعات التى تصورت أنها تحتكر الإسلام. الثورة اكتشفت قوة فى ما كانت تتصور أنه ضعف وعدم دفاع عن الحرية أو المساواة أو المجتمع الحديث الذى يحترم الفرد وحريته وحقوقه ولا يضعها تحت سمع وطاعة مرشد أو شيخ أو حاكم يتصور أن الشعب قطعان مهمته ترويضها. الثورة أعلنت أننا لسنا قطعانا يمكن تخديرها أو تخويفها باسم الدين أو مصلحة الدولة العليا أو حتى باسم لقمة العيش وزجاجة الزيت والسكر.. الثورة قالت لشركة الحكم الجديدة، لسنا عبيد إحسانكم.. وإن فى مصر قوة حيّة ستزيد كل يوم من إرباككم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما ترتبك الديناصورات عندما ترتبك الديناصورات



GMT 03:47 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

.. والكاذب تفضحه عيونه.. «عن كل الحشاشين»

GMT 03:45 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

هجمات العراق وإيران

GMT 03:43 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

.. وانكشفت اللعبة الأمريكية

GMT 03:42 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

«حوارٌ مع صديقي المتطرف».. في «علمانيون»

GMT 03:40 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

سنتي مليونير!!

GMT 03:38 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

ريادة أعمال دينية!

GMT 03:33 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

في ذكرى ابن رشد

GMT 03:31 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

قائمة شندلر

هيفاء وهبي بإطلالات باريسية جذّابة خلال رحلتها لفرنسا

القاهرة - مصر اليوم
  مصر اليوم - موناكو وجهة سياحية مُميّزة لعشاق الطبيعة والتاريخ

GMT 00:01 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نيقولا معوض بطل النسخة العربية لمسلسل امرأة
  مصر اليوم - نيقولا معوض بطل النسخة العربية لمسلسل امرأة

GMT 00:48 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

محمد رمضان يتصدر مؤشرات محرك البحث "غوغل"

GMT 23:26 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

السنغال تُسجل 21 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 11:27 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

مجلة دبلوماسية تهدى درع تكريم لسارة السهيل

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

خطوات تضمن لكٍ الحصول على بشرة صافية خالية من الشعر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon