توقيت القاهرة المحلي 22:48:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أمة حائرة

  مصر اليوم -

أمة حائرة

وائل عبد الفتاح

من واشنطن : «هل انتخاباتنا مهمة إلى هذه الدرجة».. لم تتوقع الكوافيرة أن تكون إجابة سؤالها: لماذا أنت هنا؟ أننى أتابع انتخابات الرئيس الأمريكى. ورغم أن واشنطن مدينة تضم كل العالم، كأنها محطة غرباء، قرروا الإقامة فى مكان واحد ليجعلوا من الغربة قانونا للتعايش.. فإن الفتاة القادمة من فيتنام منذ ١٦ سنة لا تتخيل أن اختيارها للرئيس يمكن أن يشغل أبعد من سكان هذه الدولة التى تكاد تكون «قارة سياسية» وحدها. الفتاة حائرة لمن ستمنح صوتها، الساحر أوباما أم مندوب المبيعات رومنى… هى محبطة إلى حد ما من عجز أوباما عن تحقيق أحلامه أو وعوده كلها، لكنها لن تمنح صوتها للرجل القادم من عالم لا ينظر بعين المساواة للأقليات والضعفاء. حيرتها هى حيرة أمريكا كلها، ووعيها رغم محدوديته له حضور فى كل الطبقات الاجتماعية والمستويات الفكرية، فأمريكا فى هذه الانتخابات «أمة على أرجوحة..» يمزقها استقطاب لم تعشه من قبل بين شعور الأمريكى بالقوة الاستثنائية وشعوره بأن بلاده قوية لأنها مفتوحة للجميع. أوباما يبدو فى جولاته الأخيرة أكثر انفعالية من الصورة التى رأيناه عليها فى انتخابات ٢٠٠٨، بدا أكثر عاطفية، وواقعية، لا يتكلم عن الوعود أو القدرة على أن «نفعلها».. ولكن عن أهمية التقدم إلى الأمام. كرر كثيرا: «سرنا مشوارا طويلا.. ولا يمكن الرجوع إلى الوراء».. واختار شعاره «إلى الأمام»، بينما لعب المنافس ميت رومنى على أن «أوباما تكلم كثيرا عن التغيير ولم يصنعه..»، أما معه ومع عودة الجمهوريين «فالتغيير سيكون حقيقيا وستلمسه من اليوم الأول». يبدو رومنى مندوب مبيعات تقليديا يبيع القوة لزبائن يشعرون بالقلق، كما تفعل إعلانات المقويات الجنسية أو مساحيق إزالة التجاعيد أو إعادة الشَّعر إلى صحراء الرأس. رومنى يتكلم من الطبقة المستعارة فى الصوت، لا يكلف مشاعره أكثر من مجهود تدرب كثيرا عليه فى عالم شركات «الأوراق المالية» ذات القوة الجبارة فى الاقتصاد الأمريكى، والمشغولة بتحريك الأموال لا بما تحققه من صناعة أو تجارة. يلعب رومنى إذن فى أرض يتصور أن أوباما خسرها بعد ٤ سنوات، لكنه لا يقدم شيئا لملء هذه الأرض، وهو ما يجعله يستثير من يريدون القوة الاستثنائية لأمريكا.. فى مقابل قوة يريد أوباما أن يبنيها على حق كل فرد بعيدا عن لونه أو دينه أو حالته الاجتماعية، وأن يشعر بأن هذه بلاده. استقطاب بين نوعين من القوة… هذا هو عمق الحرب من رومنى على أوباما الذى يبدو قائدا مرهقا من نظامه، وهذا سر فقدانه جزءا من سحره، ويجعل الشجن طاغيا على ملامح وجهه وفى صوته المشروخ، لكنه لم يفقد جزءا مهما من شخصيته وهو الإخلاص والصدق. أوباما يعتمد على بناء طبقة وسطى قوية تقود الحلم الأمريكى إلى منطقة قوة تختلف كثيرا عن منطق القوة عند رومنى الذى يقترب من صورة الكاوبوى. مَن سيعلن انتصاره اليوم؟ أوباما ذكى لكنه يعتمد على طبقة ملولة، تريد تحقيق المكاسب دفعة واحدة، كما أن جمهوره من الأقليات وهم طاقة مدهشة لكن أرضها قلقة.. بينما جمهور رومنى يدافع عن مكاسب قديمة، ولأن النظام الانتخابى فى أمريكا لا يزال يُحسب بالولايات لا بالأصوات.. بمعنى أن فوز مرشح فى ولاية ما يعنى حصوله على عدد الأصوات المخصصة للولاية بغض النظر عن نسبة التصويت له فى الولاية. وهذا سبب آخر لما يواجهه أوباما من صعوبات ترتبط بالسيطرة على الولايات الثلاث الشهيرة بتأرجُحها (فرجينيا وفلوريدا وأوهايو) وهى الولايات التى ليست محسومة لصالح الزُّرق (الديمقراطيين) أو الحُمْر (الجمهوريين).. ورغم أن أوباما ورومنى صرفا مليارات وقطعا أميالا فإن النسبة ما زالت فى هذه الولايات متأرجحة لم تتغير تقريبا (تفوُّق بسيط لأوباما) وهى إشارة إضافية على أن الاستقطاب عنيف إلى درجة لا يمكن فيها تأكيد أن أوباما سيكمل مشواره، بما يحمله من مخاطر إعادة لبناء أو منح الأقليات حقوقا أكثر أو هز التقاليد المحافظة للأمريكان.. هل ستنتصر المغامرة أم سيبيع رومنى بضاعته؟ .. رغم أننى لا أحب الإجابات المبكرة.. لكن لا أعرف لماذا أعتقد أن فى سحر أوباما شيئا ما سيجعله يستمر.. عموما سنرى. ملحوظة: انتهيت من هذا المقال فى الساعة السابعة صباحا بتوقيت واشنطن، وبعد قليل ستبدأ جولة طويلة على المقرات الانتخابية وبعدها زيارات إلى مقرات الاحتفال، حيث تتفق كل من الحملتين على ترسيخ تقليد «صَوِّت.. واحتفل» فالديمقراطية مهما كانت احتفال بالتجديد، وإيمان بأنها ليست سوى ٤ سنوات، أى أنها مجرد دورة حياة وليست سجنا تحت حكم حاكم أبدى. ولنا عودة بالتأكيد لقصة «صوت واحتفل». وصباح الخير من واشنطن نقلاً عن جريدة " التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمة حائرة أمة حائرة



GMT 22:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

روشتة لمواجهة الحر!

GMT 22:45 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

فقال لا أعرف

GMT 22:42 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

حيرة لجنة التحكيم في (مالمو)

GMT 22:38 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أي ثقافة تتحكم؟

GMT 22:34 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

التضحية بالتقاليد الإنسانية

GMT 22:28 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

لا نريد وزراء خدمات.. نريد وزراء اقتصاد

GMT 22:27 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«عمر خيرت».. أكسجين السعادة

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 02:41 2016 الأحد ,15 أيار / مايو

الألوان في الديكور

GMT 15:53 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

إقبال على مشاهدة فيلم "Underwater" فى دور العرض المصرية

GMT 15:43 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

مجلس المصري يغري لاعبيه لتحقيق الفوز على الأهلي

GMT 14:25 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تُوصي بالنوم للتخلّص مِن الدهون الزائدة

GMT 17:44 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يستغل الخلاف بين نجمي باريس سان جيرمان

GMT 03:56 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

عبدالله الشمسي يبتكر تطبيقًا طبيًا لمساعدة المرضى

GMT 14:00 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

أودي تطرح أفخم سياراتها بمظهر أنيق وعصري

GMT 17:49 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

مدير المنتخب الوطني إيهاب لهيطة يؤجل عودته من روسيا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon