توقيت القاهرة المحلي 11:00:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مأساة البرادعى

  مصر اليوم -

مأساة البرادعى

أسامة غريب

فى فيلم «السقوط» الذى لعب بطولته مايكل دوجلاس، قام الممثل الأمريكى بدور موظف يحمل غضباً وحنقاً على المجتمع، بعد أن تم الاستغناء عنه وفصله من الوظيفة، فى الوقت الذى تركته فيه زوجته، ورحلت، ومعها طفلته. يخرج الرجل فى الصباح من البيت مرتدياً الحلة ورابطة العنق، لكن لا يدرى إلى أين يذهب. يقضى يوماً طويلاً يلتقى فيه بأخلاط متعددة من البشر، ويمر بمواقف عديدة لا تزيده إلا مرارة ويأساً. من ضمن من قابلهم فى طريقه صاحب أحد المحال، وكان فظاً غليظ القلب، ويحمل ازدراء عميقاً للبشر كشف عنه لصاحبنا الموظف عندما وجده يشاركه مشاعرالغضب تجاه النظام. فى التطور الدرامى التالى يطمئن صاحب المحل لصديقه الجديد، فيبوح له بكل شىء، ويخبره أنه من النازيين الجدد الذين يرون نظافة المجتمع لن تتحقق إلا باجتثاث الملاعين من المواطنين السود والآسيويين الذين يزاحمونه وأمثاله فى خيرات الوطن، ثم يأخذه من يده، ويكشف له عن مخزن الأسلحة داخل المحل، ويدعوه لانتقاء أى سلاح يشاء حتى يبدأ معه حملة التطهير المقدسة!. ومن الطبيعى أن الموظف يفزع من هذا التطور غير المتوقع، فيعتذر للرجل، ويفهمه أنه ليس نازياً مثله، ولئن كان غاضباً على السلطة حقاً إلا أنه لا يحتقر البشر. عندئذ يحل الغضب محل الوفاق، ويثور الرجل النازى على من تصوره حليفاً، فيشد وثاقه، ويقيده إلى الكرسى توطئة لذبحه!. هذا الفيلم الذى أنتج عام 93 شاهدته من جديد منذ أيام، فوجدت نفسى دون أن أقصد أربط بين الموظف الذى مثله مايكل دوجلاس وبين الدكتور محمد البرادعى. كلاهما شعر بالغضب، وكلاهما أعلن رفضه للنظام، وكلاهما صادف حلفاء يرفضون النظام مثله، وكلاهما توقف فى منتصف الطريق، بعد أن كاد يزل وهو على منحدر زلق، زادته الدماء المتخثرة زلاقة. مشكلة البرادعى فى رأيى تكمن فى أنه لم يوضح منذ البداية موقفه بالقدر الكافى، فظنت بعض الأجنحة المتشددة أنه من النازيين الجدد الذين يقطعون الرؤوس بدم بارد وهم يشربون الفودكا، فوضعوا ثقتهم به، وبنوا الخطط على أنه سيكون رادوفان كاراديتش المصرى.. فلما فاجأهم بأنه ليس كما يتصورون، ثارت ثائرتهم ضده، فاتهموه بالخيانة والتخابر وممالأة الأعداء، وطالبوا بمحاكمته وإعدامه!. وفى تصورى أن سفر البرادعى للخارج سيكون ذهاباً بلا عودة، لأنه لم يعد يطمئن إلى الحالة الجديدة، وأصبح يحمل خوفاً حقيقياً ممن كانوا يهتفون باسمه حتى الأمس القريب، ولعله يسأل نفسه الآن: كيف تصوروه هكذا وهو الرجل الحائز جائزة نوبل للسلام؟. مأساة البرادعى كما يراها حلفاؤه تكمن فى أنه رجل يحب الدَّح.. لكنه لا يتردد عندما يجدّ الجدّ فى أن يقول: أح!. نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مأساة البرادعى مأساة البرادعى



GMT 05:21 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

سوف يكون يوماً فظيعاً

GMT 05:15 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

مِحنُ الهلال الخصيب وفِتَنه

GMT 05:12 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

لا حل في السودان إلا بالعودة إلى «منبر جدة»

GMT 05:07 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

مؤتمر باريس السوداني... رسائل متناقضة

GMT 05:05 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

الهجرات في أوروبا... حول سياسات الاندماج

GMT 05:00 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

الأولوية لا تزال لأهل غزة في محنتهم

GMT 04:59 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

«دقوا الشماسي م الضحى لحد التماسي»

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 00:48 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

محمد رمضان يتصدر مؤشرات محرك البحث "غوغل"

GMT 23:26 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

السنغال تُسجل 21 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 11:27 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

مجلة دبلوماسية تهدى درع تكريم لسارة السهيل

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

خطوات تضمن لكٍ الحصول على بشرة صافية خالية من الشعر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon