توقيت القاهرة المحلي 12:48:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الزمن الجميل

  مصر اليوم -

الزمن الجميل

أسامة غريب

الناس في كل زمان ومكان يحنون الى الماضي ويتحدثون عنه باعتباره الزمن الجميل الذي فر من بين أصابعهم ولن يعود.. هذا ليس شيئاً جديداً، بل انه تراث بشري معروف.. وفي كل وقت وحين دائماً ما نجد من يتحدث عن ان الزمان قد فسد ولن يعود سيرته الأولى النقية، وكأنه كانت هناك فعلاً سيرة أولى نقية!. نلمس ذلك فيما يتعلق بالفنون عندما نرى ان استمتاع الناس بتقنيات السينما الحديثة لا يمنع شعورهم بالارتياح عندما يشاهدون فيلماً قديماً بالأبيض والأسود، وقد يتطرفون ويقولون ان هذه هي السينما الحقيقية وما دونها هو والعدم سواء!.أما عن حفلات أم كلثوم وأغنياتها التي حفظها أرشيف التلفزيون فان البعض قد يذرف الدمع وهو يتحدث عنها ويتغزل في حلاوة وشياكة سيدات ذلك العهد وقد ارتدين ملابس السهرة الأنيقة وذهبن بصحبة أزواجهن الذين لا يقلون أناقة لحضور الحفل الساهر وقد جلس الجميع في وقار يليق بمستمعي الفن الأصيل.. و ذلك طبعاً في مقابل حفلات أيامنا هذه حيث يذهب الجمهور مرتدياً الملابس الكاجوال، وتظل الفتيات والشباب يرقصون منذ بداية الحفل لنهايته، ويشاركهم الرقص المطرب الذي قد يكون مرتدياً جاكيت جلد وبنطلون جينز!.ومما يزيد من تأكد الناس ان شعورهم الطيب نحو الزمن الماضي هو شعور حقيقي ما يشاهدونه في البرامج ويقرأونه في الصحف على لسان الفنانين عندما يرونهم يعقدون مقارنة بين الفن زمان والفن الآن حيث يستفيض هؤلاء في رواية الحواديت عن حالة الحب والتعاون والايثار التي كانت تجمع بين الفنانين وتجعل الواحد منهم يفضل زميله على نفسه ولو كان به خصاصة! ولا يقتصر الحنين على تذكر أخلاق الناس التي كانت رفيعة وسلوكهم الذي كان محترماً وفنهم الذي كان هادفاً، وانما قد يحن المرء الى ذكرياته الشخصية ويتذكر بنت الجيران التي ذوبت قلبه وألهمته لكتابة قصائد الشعر، ويتذكر أيضاً تلك الأيام عندما كان يأكل طبق فول في الصباح من عند بائع يقف بعربة يد على ناصية الشارع، ويمكن ان يقسم صادقاً بأن طبق الفول ذاك كان أكثر روعة من كل ما عرف وتذوق من مأكولات في عمره كله!.. فما تفسير ذلك الحنين يا ترى؟ وهل كانت أيام زمان فعلاً أياماً عظيمة تستحق ان نحن اليها ونستدعيها في الخيال وعيوننا دامعة من فرط التأثر؟. في الحقيقة أننا اذا استبعدنا العاطفة من الموضوع فاننا نستطيع بكل راحة ضمير ان نقول ان أحوال الناس وأخلاقهم في الزمن الماضي لم تكن أقل سوءاً منها في أيامنا هذه ان لم تفقها في السوء والرداءة!.. ومن يطالع المجلات القديمة التي تحوي أخبار أهل الفن سيجدها تعج بالأخبار عن فلانة التي خطفت زوج صديقتها وفلان الذي دبر لزميله مكيدة ليفوز هو بالدور، ولو أتيح للقارئ ان يعرف السيرة الذاتية الحقيقية لعظماء أهل الفن والسياسة الذين يحبهم لدرجة التقديس فانه سيصاب بالفزع من هول ما سيعرف! كما ان من يبحث في الصحف القديمة سيجد في الأخبار الاجتماعية والسياسية ما يغم النفس ويكسر الفؤاد حيث الفقر كان أشد والفساد مستشرياً والدولة أكثر قسوة والأمراض فاتكة والخدمات شبه منعدمة. صحيح ان الحياة زمان كانت أكثر بساطة وأقل تعقيداً لكن هذا لا علاقة له بالسعادة أو بجودة الأيام، لأن الشر كان موجوداً دائماً والنفوس الوضيعة كانت حاضرة لافساد حياة الناس على الدوام.أما التصور الأزلي لدى الناس ان أيام زمان كانت تمثل الزمن الجميل فتفسيره في تصوري هو ان الانسان نفسه هو الذي كان جميلاً.. جميلاً بشبابه وصحته وفتوته واقباله على الحياة.. جميلاً بالآمال التي يحملها في صدره والأحلام التي تملأ مخيلته عن الغد.. كانت المسام متفتحة للحياة والذهن لم يتلوث بعد والخبرات الأليمة محدودة.. لم يكن طبق الفول رائعاً في السابق كما تتصور وانما أنت الذي كنت تملك معدة تهضم الزلط وشهية لم يفسدها التدخين والهم والنكد.. كانت المشاعر بكراً، لهذا فان بنت الجيران حركت القلب بأكثر مما استطاعت أي واحدة أخرى فيما بعد ان تفعل. صدقني.. الزمن هو نفس الزمن والناس هم أنفسهم وأسوأ.. أنت الذي كنتَ جميلاً!.  نقلاً عن جريدة "الوطن "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزمن الجميل الزمن الجميل



GMT 04:11 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

. وماذا عن حجر رشيد؟!

GMT 04:10 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

استغِلوا «تغطية الجنازات» لإنقاذ المهنة

GMT 04:09 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«عدّّى النهار والمغربية جايَّه»

GMT 04:06 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

حرب غزة في نادي الجزيرة!

GMT 04:04 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

ليس دفاعًا عن الفراعنة!

GMT 04:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الضفة الغربية

GMT 04:00 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

رأس نعمت شفيق

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:59 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس
  مصر اليوم - أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 22:56 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

إيدين دغيكو يصنع التاريخ مع روما

GMT 18:14 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

محمد هاني يتعرض لكدمة قوية في الركبة

GMT 02:04 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

اللقطات الأولى لتصادم 4 سيارات أعلى كوبري أكتوبر

GMT 16:20 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

مقتل 3 مواطنين وإصابة 4آخرين في حادث تصادم في المعادي

GMT 07:05 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أجمل ديناصور في العالم بألوان مثل طائر الطنان

GMT 06:33 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار الحديد في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 21:12 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الأهلي يعترف بتلقي مؤمن زكريا لعرض إماراتي

GMT 00:34 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النصائح الخاصة بإدخال اللون الذهبي إلى الديكور

GMT 12:51 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد ناجي يمنح محمد الشناوي وعدًا بالانضمام للمنتخب

GMT 14:37 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعدام شنقًا لـ7 من أعضاء خلية "داعش" في مطروح
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon