توقيت القاهرة المحلي 10:41:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

والله يا مصر زمان!

  مصر اليوم -

والله يا مصر زمان

مصر اليوم

عندما نزل من الطائرة بعد غيبة ثماني سنوات وصافحت بصره لافتة: ادخلوها بسلام آمنين.. اهتز قلبه وارتعش ووجد نفسه يغمغم: والله يا مصر زمان. عبث رجال الجمرك بحقائبه في جلافة، واستظرف أحدهم سائلاً اياه عن فيلم ثقافي، فلم ينفعل ولم يسمح للغضب ان ينتقص من فرحته.لملم أشياءه وخرج من المطار.هو يعلم ان مصر قد ساءت أحوالها الى درجة كبيرة، ولن يدعي التفاجؤ باللصوصية والرشوة والسوقية والقذارة.لقد كانت هذه أسباب سفره واغترابه.كل ما يعنيه الآن هو إجازة لمدة أسبوعين بأقل قدر من المنغصات، ولن يسمح لأحد بأن يفسدها عليه. توجه بعد ان وضع حقائبه بالبيت الى مكتب تأجير سيارات حتى لا تضيع أيامه في الشجار مع سائقي التاكسي.كان المكتب فخماً يحتل شقة بالدور الأول في عمارة بالمهندسين، والسيارات تتخذ من الرصيف والشارع معرضاً دائماً!.أدهشه ان المكتب يغص بالفتيات من ذوات الملابس المثيرة يعملن في استقبال الزبائن.سألته الموظفة بدلال عن طلبه فأجاب: أي سيارة بحالة جيدة.أمسكت بيده وسارت به الى الشرفة وأشارت للسيارات الواقفة بالأسفل: اختر ما شئت فكل ما لدينا جديد.أشار الى واحدة.قدمت له نموذجا لملء بياناته، لم يجادل في السعر على الرغم من ارتفاعه الواضح، لكن أفزعه الشرط الموضوع في العقد والخاص بألا يسافر خارج القاهرة وألا يتعدى ما يقطعه يوميا مائة كيلومتر، اعترض بشدة لأنه ينوي ان يسافر داخل القطر كما يحلو له.قالت ذات الدلال ان هذا يقتضي سعرا مضاعفا! رضخ صاغراً لكنهم لم يكتفوا وطلبوا مبلغ 2000 جنيه على سبيل التأمين يتم رده عند اعادة السيارة.بعد ان وقّع الأوراق ودفع المطلوب فاجأته الموظفة عندما سألته التوقيع على ايصال أمانة بمبلغ 100 ألف جنيه.رفض بشدة وقرر الغاء الأمر برمته، حيث ان تأجير السيارات في كل مكان بالعالم لا يتضمن هذا الاجراء العجيب.هنا تدخل صاحب المكتب وهو رجل لم تنجح أناقته البادية في اخفاء سحنة (…….) غليظ الملامح التي يحملها وقال: يا سعادة الباشا نحن نثق بمعاليك ولكن هذا اجراء شكلي يسري على الجميع.. عندما تعيد الينا السيارة نعيد اليك الايصال.حسم تردده ووقّع الايصال، لكن تفاؤله بالاجازة بدأ يهتز.تسلم المفاتيح ونزل الى السيارة، فلما اقترب منها فوجئ بها «مخبوطة» في أكثر من موضع، وقال الموظف: سنقوم بعمل بيان بكل العيوب الموجودة بالسيارة حتى لا نقوم بتحميلك مسؤوليتها عند اعادتها.فقال وهو يقاوم الانفجار: أنا أريد سيارة سليمة وبدون عيوب وقد دفعت مبلغاً يكفي لشراء سيارة في البلد الذي أعيش فيه.اعتذر الموظف السمج قائلاً: لقد وقّعت سيادتك على العقد ولا نستطيع تغيير السيارة، فصاح غاضباً: اذاً أعيدوا الي فلوسي، فهز الموظف كتفيه وانصرف.عاد صاحبنا الى المكتب مسرعا وحكى الأمر للفتاة طالباً الغاء العملية واسترداد ما دفعه، فاعتذرت بأن ما تم دفعه لا يمكن استرداده، فطلب التحدث الى صاحب المكتب، فأخبرته أنه انصرف ولن يعود قبل يومين!.. لم يدر ماذا يفعل مع هؤلاء المخادعين، وشعر بالدنيا تضيق في وجهه والاجازة توشك ان تتحول الى كابوس.. لماذا تفعلون هذا؟ ألا تحرصون على سمعة مكتبكم؟ قالت الموظفة: صدقني يا أفندم نحن لسنا نصابين.. كل ما في الأمر ان العائدين من الخارج يتصورون الأمور في مصر تجري مثلما هي في الخارج.. عندما تعتاد على التعامل معنا ستعرف كم نحن طيبون!.. لم تزده كلماتها السخيفة الا غضباً.المهم.. فوض أمره الى الله وعاد لاستلام السيارة.كانت مهمة فحص السيارة صعبة للغاية تحتاج لعيني صقر يستطيع رصد العيوب حتى لا يحملونه اياها عند اعادتها.في النهاية دخل سيارته وقبل ان يدير الموتور اكتشف غياب المرأة الأمامية التي لا يمكن القيادة بدونها!.أين المراية يا بني؟.. ثانية واحدة معاليك، غاب الأفندي قليلا ثم عاد مبتسماً وفي يده المرأة ودخل وثبتها في مكانها.أين كانت؟ هل أخفيتموها لتحاسبوني عليها وكأنني أنا الذي أضعتها؟.. ابتسم في حياء مصطنع يليق بغانية ولم يرد. وضع المفتاح وحاول ادارة السيارة فلم يتحرك الموتور، جرب عدة مرات، لا فائدة.. صرخ على العاملين: تعال يا بني، السيارة لا تدور، الله يخرب بيوتكم.. خف اليه وجه جديد.. ما الموضوع يا معالي الباشا؟ الموضوع ان السيارة قطعة خردة لا تدور، فرد العامل كأنه تذكر شيئاً: آه عرفت، السيارة ليس بها بنزين، غاب لحظات ثم عاد يمسك بكوز حقير وصب مقدار فنجان بنزين داخل السيارة وقال: من الممكن هكذا ان تصل الى محطة الخدمة عند الناصية القادمة!!.. كاد صاحبنا ان يبكي من القهر.. لقد قام باستئجار سيارات في معظم عواصم العالم، ومن المتعارف عليه أنك تتسلم السيارة مملوءة بالوقود وتعيدها مملوءة.أما ان تتسلمها فارغة فهذه بدعة غير مسبوقة.وصل للمحطة وملأ السيارة بالوقود واندفع على الطريق مستبشراً ان الإجازة قد بدأت.لكن ما كاد يصل الى الطريق الصحراوي حتى سمع الموتور يزمجر وحشرجته تتزايد، ثم يتعطل وتقف السيارة. يوماً بأكمله أمضاه صاحبنا على الطريق بصحبة الميكانيكية والكهربائية والعفشجية.. في النهاية تم اصلاح السيارة ودفع صاحبنا مبلغاً جسيماً لاصلاح الكتاوت والكبالن والأنارخ الى آخر هذه الأسماء العجيبة!. فقد صاحبنا رغبته في الفسحة وانهارت أحلامه في الاجازة، وصار كل همه ان يستعيد ايصال الأمانة.. أعاد لهم السيارة مجددة ومملوءة بالوقود، وترك لهم مبلغ الايجار الذي دفعه وسمح لهم ان يصادروا مبلغ التأمين لأن السيارة بها تلفيات!! لم يجادل ولم يناقش.. استعاد ايصال الأمانة وخرج الى الشارع يغني: والله يا مصر زمان! «من كتاب: مصر ليست أمي.. دي مرات أبويا». نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

والله يا مصر زمان والله يا مصر زمان



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 03:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

GMT 03:33 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

اكتشافات أثرية تحت المياه بالسعودية

GMT 03:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«الإبادة» ليست أسمى

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon