توقيت القاهرة المحلي 01:22:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

متى تصبح مصر دولة بجد؟

  مصر اليوم -

متى تصبح مصر دولة بجد

أسامة غريب

عندما تم تغيير رؤساء تحرير الصحف القومية منذ نحو شهرين، فإن الأصوات ارتفعت منددة بالاختيارات التى حسبوها فى غالبيتها على الإخوان، وقالوا إنها اختيارات سيئة تخطئ فى حق مهنة الصحافة. لما قرأت أسماء من أتوا وأسماء من رحلوا استدعيت من الذاكرة المثل المتعلق بالسيد تنتون والسيد تنتن أو مَثَل ألدو وشاهين، وكتبت وقتها أن السادة الراضين عن التغيير المستبشرين به مساكين، ومثلهم تمامًا الساخطون على التغيير المتطيرون منه، لأنه بصراحة قد تم استبدال كواحيل جدد بكواحيل قدامى! لهذا فإن نظرتى إلى موضوع عزل جمال عبد الرحيم رئيس تحرير «الجمهورية» الذى اصطفاه مجلس الشورى وأجلسه على مقعد رئيس التحرير هى نظرة مَن يشاهد عرضًا مسرحيًّا بالغ السخف، فلا اختيار الرجل من دون مناسبة من بين المتقدمين للمنصب أرضى أحدًا سوى الإخوان، ولا شلح الرجل من دون مناسبة أسعد أحدًا غيرهم! يعنى بالعربى اختيارهم له شابه المجاملة والمحاباة وأسفر عن وجه متحيز، كذلك ركلهم له أسفر عن وجه شديد القبح والعدوانية. وفى الحقيقة إن المرء ليعجب من هؤلاء الذين أحسن بهم شعب مصر الظن وتصور أنهم بعد طول اضطهاد سوف يقدمون شيئًا مختلفًا عما درج عليه المخلوع الأثيم وبطانته، فإذا بهم يرثون المؤسسات بنفس حالتها وبدلاً من إدخال تعديلات بنيوية فى صميمها إذا بهم يستفيدون من بنيتها العفنة فيحولون كل تراثها اللعين ليصب فى خدمتهم. من هذا مثلاً ما قرأناه من أن الرئيس مرسى قد منح نفسه كل الأوسمة والنياشين التى تقدمها مصر، وقيل فى تبرير هذا المنح إن مرسى وجد هذا تقليدًا رئاسيًّا اتبعه من سبقوه فى حكم مصر ولم يقم هو بابتداعه، ولئن كان هذا صحيحًا فإن مرسى كان عليه أن يشطب بأستيكة هذا التقليد الرزيل الموروث من أزهى عهود النطاعة وقلة الحيا. وكذلك مجلس الشورى الفاقد الدور والقيمة والذى اخترعه السادات دون داعٍ وأبقى عليه مبارك من أجل منح الحصانة من المساءلة والمحاكمة للمجرمين من رجاله الذين خشى من ملاحقة القانون لهم بعد أن فسقوا وفجروا فى المواقع التى كانوا يشغلونها.. هذا المجلس بدلاً من أن يتم إلغاؤه بعد الثورة تقرر الإبقاء عليه، وطبيعى فى ظل حالة الشخرمة العقلية للشعب أن يفوز المتحدثون باسم السماء، المالكون لصكوك الجنة بأغلبية مقاعده، وأن يجد رئيس المجلس نفسه رئيسًا للمجلس الأعلى للصحافة ومالكًا لسلطات وصلاحيات صفوت الشريف، فيتصرف فى ممتلكات المصريين بنفس طريقة الشريف الرديئة، لكن دون امتلاك حصافته ودهائه وقدرته على البعْص دون ترك أثر! إن الإطاحة برئيس تحرير «الجمهورية» على النحو الذى رأيناه يمثل فجاجة شديدة العوار فى استخدام السلطة تشبه تعامل رجل بعنف ووحشية مع جارية اشتراها من أجل أن يثبت لنفسه أنه سيدها وأنها جاريته! مع إنه كان بإمكانه أن يكون لطيفًا ودودًا دون أن يعنى هذا أنه ليس سيدًا وأنها ليست متاعه! والغريب أن من قَبِل أن يأتى على أسنة الرماح الإخوانية ويجلس على مقعد رئيس التحرير بناء على كشف أجراه له رئيس مجلس الشورى يأتى الآن وينكر على رئيس المجلس حقه فى إقالته، وكأن من صلاحيات سيادته تعيين الناس دون عزلهم! والأغرب أن التهمة التى عوقب بسببها رئيس التحرير الذى استغنوا عن خدماته ليست تهمة بالمرة، فالأخبار غير الدقيقة والكاذبة تمتلئ بها الصحف كل يوم دون أن يؤدى هذا إلى شلح رؤساء التحرير، والخبر الخاص بالتحقيق مع طنطاوى وعنان لم يمس الرسل والصحابة وإنما تحدث عن بشر عاديين تم تقديم بلاغات تتهمهم بالقتل والفساد المالى، فما الغريب فى أن تتحرك السلطات للتحقيق فى هذه البلاغات؟ وأين هو المساس بالقوات المسلحة فى أن يأخذ القانون مجراه فيدين من يستحق الإدانة ويبرئ ساحة من يستحق البراءة، ولئن كان الخبر كاذبًا فقد كان يمكن نفيه مع تأكيد أن خضوع طنطاوى وعنان للقانون لهو مما يشرف القوات المسلحة لو كنا دولة بجد! نقلاً عن جريدة "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى تصبح مصر دولة بجد متى تصبح مصر دولة بجد



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon