توقيت القاهرة المحلي 03:25:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«على عهدك وباقى»

  مصر اليوم -

«على عهدك وباقى»

بقلم : أسامة غريب

كتب كثير من الشعراء والأدباء عن الزهور والورود والمروج الخُضر، وقد مثلت الطبيعة، خاصة جانبها الزراعى، إلهاماً لا ينقضى على طول الزمان. وعلى قدر ما سمعت وقرأت أشعاراً وأغنيات عربية وأجنبية فى هذا الجانب لم أعرف أعذب ولا أروع من أغنية «زرع الشراقى» التى كتبها الشاعر فؤاد قاعود ولحنها الموسيقار سيد مكاوى. تشعر وأنت تقرأ كلماتها أو تستمع لها مغنّاة أنها صادرة من قلب مُحِب يجيد الاعتناء بمن يحب ولا يكتفى بتعديد محاسنه من بعيد. يقول قاعود: «اتقل فوق عيدانك واكبر يا زرع الشراقى.. ده صباحك منوّر يا أخضر والخير فى اللى ساقى».. هذه أمنية فلاح يقف فى الحقل منتشياً بزرعته داعياً لها بصباح منير، وهو فخور بنفسه أيضاً لأنه من زرعها. وزرع الشراقى هو مصطلح يعرفه الفلاحون الذين يميزون كل أنواع الأرض بتسمية مختلفة فهناك الأرض البكر والأرض البور والأرض الشراقى وهكذا. تتميز الأرض الشراقى بأنها تحتاج للرى بعد الحصاد مباشرة للحفاظ على خصوبتها. «يا صغيّر يا زرع إيديا أنا ساقى التقاوى غناوى.. وح أضمك برمش عينيا من كُتْر اشتياقى»، هذا وصف بديع لا مثيل لروعته إلا فى الآداب العظيمة.. إن وصف الزرع بالصغير يعنى أنه جميل بالضرورة، فها هو محمود درويش يقول فى إحدى قصائده: عندما كنت صغيراً وجميلاً كانت الوردة دارى والينابيع بحارى. كما أن ليدى ماكبث فى رائعة شكسبير تقول: إن كل العطور العربية لا تستطيع أن تطيّب هذه اليد الصغيرة. هذه السيدة فى ذروة تأنيب النفس لا تنسى أن تدلل يدها بوصفها بالصغيرة، كذلك فؤاد قاعود يتحدث إلى زرعه الصغير الذى غنَى لتقاويه وهو يغرسها وتعهد له أن يضمه برموش عينيه من فرط اشتياقه. «نوار الحنان خبيته من خوفى عليه بكفوفى.. والعود الجميل حبيته من يوم التلاقى»، والنوار الذى خبّأه بكفوفه هو الزهرة عند تفتحها، وكذلك العود الذى يحمل الزهرة قد وقع فى غرامه منذ البداية. «يا زرع الصباح يا منوّر محبوبى هواه مطلوبى.. وحاضمك لحد ما تكبر، على عهدك وباقى» لا يحتاج الكلام لشرح، فالشاعر أو الفلاح يتعهد لنبتته بالرعاية حتى تكبر. بقى أن نقول إن فؤاد قاعود هو واحد من أعظم شعراء العامية بيد أن معرفة الناس المحدودة به تعود إلى زهده وإيثاره الابتعاد عن الضوضاء، كما أنه لم يسع ليغنى له المطربون فلم يعرفه الجمهور كما عرف صلاح جاهين وسيد حجاب، ولم يكتب أوبريتات لحسنى مبارك مثلما فعل الأبنودى، فعاش ومات خافت الصوت عظيم الأشعار. أما عن اللحن البسيط الآسر لعم سيد مكاوى فإننى أدعو القراء لسماع هذه الأغنية وليحكموا بأنفسهم كيف استطاع هذا الرجل أن ينقل المعانى بعبقرية موسيقية مذهلة. ولا أنسى المجموعة التى غنت الأغنية ومنهم وفاء محمد مصطفى وصفاء يوسف لطفى وسناء البارونى اللاتى شكلن فرقة الثلاثى المرح، وقد ذاع صيتها فى الستينيات وتبناها على إسماعيل.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«على عهدك وباقى» «على عهدك وباقى»



GMT 03:25 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

أصدقاء فلسطين... وأعداؤها!؟

GMT 02:39 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

«بوتين» وولاية خامسة

GMT 02:29 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

من يضمن أمن غزة؟

GMT 11:03 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

البابا شنودة... من حكايا المحبة (٢)

GMT 10:57 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

حرية الصحافة!

النجمات يستعرضن أناقتهن في شهر رمضان بالعبايات الراقية

القاهرة- مصر اليوم

GMT 06:38 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

أفضل ألوان الطلاء لغرف النوم وفقاً لبرجك
  مصر اليوم - أفضل ألوان الطلاء لغرف النوم وفقاً لبرجك

GMT 06:49 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

"هواوي" تُطلق نظام "HMS" للسيارات في معرض "LEAP 2024"
  مصر اليوم - هواوي تُطلق نظام HMS للسيارات في معرض LEAP 2024

GMT 02:13 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

طريقة عمل سلطة الجرجير

GMT 18:31 2021 الثلاثاء ,23 آذار/ مارس

نظام غذائي للوقاية من أمراض القلب

GMT 05:24 2021 الخميس ,11 شباط / فبراير

مجموعة من أجمل تصاميم بدلات كوتور ربيع 2021

GMT 03:35 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

ميدو ينهي الجدل حول أزمة محمد الشناوي والاتحاد المصري

GMT 08:40 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ماغي فرح 2021 أقل سوءًا وهذه الأبراج اكثرحظًا

GMT 19:01 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

أرسنال يُقرر قضاء ليلة إضافية في النرويج بسبب الضباب

GMT 02:41 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رد ساخر من علاء مبارك على صورة محمد رمضان والمطرب الإسرائيلي

GMT 11:10 2020 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

خبيرة أسواق تعلن "سحب قاتمة تخيم على سوق النفط من جديد"

GMT 08:28 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مواعيد مباريات اليوم الاثنين 5 -10- 2020 والقنوات الناقلة

GMT 23:45 2020 الجمعة ,22 أيار / مايو

البورصة التونسية تٌغلق على ارتفاع

GMT 00:42 2020 الأربعاء ,13 أيار / مايو

دول عربية تعلن الحظر الشامل خلال عيد الفطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon