توقيت القاهرة المحلي 16:16:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأعمال «الخيرية» في بريطانيا

  مصر اليوم -

الأعمال «الخيرية» في بريطانيا

عبد الرحمن الراشد

من السخرية أن تلحظ الآن، فقط، الجهات المشرفة على الجمعيات الخيرية في بريطانيا، مخاطر تلك التي تنشط بين ظهرانيها تحت العنوان الخيري، وتسخر لأغراض سلبية، مثل الإرهاب والاحتيال المنظم. مسؤول هيئة الجمعيات الخيرية يقول إنهم اكتشفوا تحت السجادة ما يدعو للقلق. ويقول لهذا يعتزمون التدقيق في نشاطات الجمعيات الإسلامية، بعد اكتشاف أن بعضها يقوم بتمويل جماعات عنف إسلامية في سوريا والصومال، وغيرهما. هناك مجالات أربعة شريفة أسيء استخدامها وشوهت سمعتها: الدعوة الدينية، وحقوق الإنسان، والتعليم، والجمعيات الخيرية. الجماعات المتطرفة والإرهابية بادرت منذ التسعينات بالتسلل إلى هذه الميادين المفتوحة في الغرب، لأنها تحظى بالتعاطف والدعم الشعبي والرسمي، وباسم الأيتام، والأرامل، والجوعى، فتحت واجهات لنشاطاتها الأخرى. عمل الخير نفسه في صلب الإيمان في الإسلام، ضريبة تدفع للفئة الأضعف من الناس، مثل الفقراء واليتامى والمحتاجين. وباسم الدين صعدت الجماعات المتطرفة على ظهر الزكاة والصدقة وحب فعل الخير، وبيسر تمكنت من جمع مئات الملايين في سنين متواصلة؛ فالمال والدعوة هما أخطر مزيج مكن تنظيما، مثل «القاعدة»، من الانتشار والتخريب. بهما تشترى المتفجرات والانتحاريون. وقد تحركت الكثير من الدول الإسلامية لمحاصرة هذه النشاطات أواخر التسعينات، عندما ثبت أنها أوكسجين الجماعات الإرهابية. وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، توسعت الملاحقة دوليا، وأغلقت معظم دكاكين العمل الخيري المزور، وزج في السجن بالعشرات ممن ثبت أنهم متورطون فيه. أغلقت بعضها، لكنها عادت النشاطات «الخيرية» من جديد، عندما انتقلت إلى التجمعات السكانية المعزولة، والبعيدة عن قبضة الحكومات الإسلامية، مثل مسلمي أوروبا. كما استخدمت الوسائل الحديثة للدعاية وجمع الأموال عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حدث بكثافة في الكويت لدعم التنظيمات المتطرفة في سوريا وغيرها. وبعد عامين من الفوضى وصل وفد من الولايات المتحدة للمنطقة يطالب بوقفها، متسلحا بالعقوبات. هذا في دول مثل الكويت، لكن ماذا عن بريطانيا وهولندا والسويد وغيرها؟ بكل أسف لم نسمع إلا القليل عن الملاحقة. هؤلاء الناس المنحرفون لا يمولون فقط أعمالا إرهابية، بل أيضا يقومون بدعم جماعات متطرفة في دولهم الأوروبية، التي قد لا تكون مرتبطة بالعنف بنفسها بل تحرض عليه، مستفيدة من قوانين تحمي حرية التعبير، والمعتقد، والنشاط المدني. وهي في الواقع تخرب نسيج المجتمع الذي تعيش فيه، فتحرض المسلمين ضد بعضهم، وضد غيرهم من أبناء البلد الأوروبي. فأي عمل خيري هذا؟ ويخطئ رئيس هيئة الجمعيات الخيرية الذي ظن أن المشكلة بهذه السهولة، عندما قال إنه طلب من رئيس الوزراء البريطاني منع المدانين في الإرهاب من دخول مجال الجمعيات الخيرية؛ فالمدانون قلة لكن المنتمين والمتحمسين للجماعات المتطرفة هم المشكلة. أيضا، في رأيي، الخوف ليس من نقل الأموال لخارج بريطانيا لشراء الأسلحة لتنظيم داعش في سوريا، أو حركة الشباب في الصومال، فهذه نشاطات يمكن السيطرة عليها مع تحسن الرقابة المالية والأمنية، لكن الأخطر إنفاق الأموال التي تجمع باسم دعم الفقراء واليتامى لتمويل التنظيمات والعقول المتطرفة في بريطانيا أو فرنسا أو غيرهما، التي يعيش المسلمون فيها كأقلية منعزلة. بناء تعليم متطرف، وتمويل الدعاة المتطرفين فكريا، أمر قد لا يعاقب عليه القانون في الغرب، بخلاف الحال في الدول العربية، لكن نتائجه تدمر أجيالا مقبلة من شباب المسلمين لعقود طويلة. لقد عاش المسلمون أكثر من مائة عام داخل بلدانهم الجديدة، المغاربيون في فرنسا، واليمنيون في بريطانيا، وغيرهم، ولم يعرف عنهم التطرف إلا في عقد ونصف مضى، والمؤشرات المستقبلية مقلقة. نقلا عن الشرق الاوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأعمال «الخيرية» في بريطانيا الأعمال «الخيرية» في بريطانيا



GMT 03:13 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

تواصل جاهلي

GMT 03:10 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

«عاشوراء» إيرانية في سماء إسرائيل

GMT 03:04 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

الحلّاق الإيراني ورقبة السلطان

GMT 02:57 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

هل تمنع أميركا حرباً إقليمية؟

GMT 02:54 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة

GMT 02:52 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

مَن صاحب هوية القاهرة البصرية؟

GMT 02:47 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

كتاب لم يتم

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:13 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

مقتل مراسل عسكري لصحيفة روسية في أوكرانيا
  مصر اليوم - مقتل مراسل عسكري لصحيفة روسية في أوكرانيا

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon