توقيت القاهرة المحلي 13:20:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثوار سوريا والتورط الإعلامي

  مصر اليوم -

ثوار سوريا والتورط الإعلامي

عبد الرحمن الراشد

تتهم جماعة من ثوار سوريا في منطقة أعزاز بأنها تحتجز الصحافي اللبناني فداء عيتاني، الذي خاطر بحياته، وارتضى أن يرافقها مصورا وصحافيا. اعتقاله جدد النقاش حول إلى متى السكوت عن الإساءة إلى زملاء المهنة وهم يقومون بواجبهم في تغطية الثورة السورية. ومهما كانت مبررات الجماعات الخاطفة فإنها ترتكب جريمة في حق كل الإعلاميين عندما قررت احتجازه، أو كما تسميه استضافته! سيخسر الذين يتعمدون إيذاء الإعلاميين أهم مصدر لهم، وهو الإعلام نفسه، الأكسجين الذي تعيش عليه أي ثورة في العالم، ومن دون مساندة الإعلاميين ستخسر ثورة سوريا كل ما جمعته وهي اليوم في وضع عصيب تحتاج إلى كل يد وتعاطف يقف إلى جانبها في محنتها. وأنا لا أخص دفاعي بإعلاميي الثورة ومناصريها، ولا المحايدين منهم، بل أعني كل الإعلاميين، بما فيهم الذين يعملون لصالح النظام السوري.. لهم نفس الحقوق، على الأقل حمايتهم وسلامتهم مهما كانت مواقفهم وتقاريرهم، وهذا واجب علينا تجاههم رغم اختلافنا الشديد معهم. حماية الصحافيين في الحروب واجب لا يفرق فيه في المواقف والانتماءات، وضرورة للإعلام نفسه. ومن دون الإعلام الشجاع والإعلاميين الشجعان ربما ما كان للثورة حظ في كسب تعاطف ليس العالم، بل حتى الشعب السوري نفسه. ومن دون احترام مهمة الإعلاميين مهما كانت مواقفهم ستخسر الثورة حتى الذين يقفون في صفها، وكل ما جمعته في آخر المطاف. ونلوم بشكل خاص تنظيمات الثورة السورية أكثر من النظام السوري، لأنها صاحبة قضية حقة، وهي الكاسب الوحيد من وجود الإعلاميين مهما كانت ميولهم. لهذا فإن احتجاز مراسل تلفزيون «إل بي سي» أو خطف المراسلة الأوكرانية، أمر يقلقنا جميعا، أهل المهنة. ما الذي يخيف الثوار من مراسلة أوكرانية، حتى وإن كانت تنقل تقارير تخدم النظام؟ لقد حسم الجميع مواقفهم بعد أكثر عام من الجدل والقتال. وأغلبية العالم تقف ضد نظام الأسد ولن يبدل كثيرا ما تقوله مراسلة أوكرانية أو مصور غربي قد لا يعجب الثوار. وإذا كان الثوار يخطفون امرأة لأنها تقول كلاما على تلفزيونها لا يعجبهم، إذن ما الفارق بينهم وبين نظام الأسد الذي يسجن ويقتل بسبب كلمة؟ مهنتنا تقوم على الاعتراف بحق الصحافي في الحضور والمشاهدة وحمايته ليقوم بوظيفته، ومن دونه ما كان للصحف ومحطات التلفزيون القدرة على مواكبة الأحداث. والذين يذهبون إلى أرض المعارك ليسوا ثوارا، ولا أصحاب قضية شخصية أو وطنية، إنما أهل مهنة يتميزون عن غيرهم بالشجاعة، والإقدام على مغامرات ليسوا مضطرين لركوبها. ومهما كانت مواقفهم وتقاريرهم فإننا نتوقع من ثوار سوريا أن يكونوا أكثر شرفا ونبلا في التعامل مع الإعلاميين من نظام بشار الأسد وعصاباته. نحن كإعلاميين لا نستطيع الوقوف على الحياد حيال خطف الصحافيين واستهدافهم بالقتل أو الأذى مهما كانت اتجاهاتهم السياسية والمؤسسات والدول التي ينتمون إليها. من حق ثوار سوريا أن يرفضوا أن يلتحق بهم من لا يثقون فيه من الإعلاميين، أو أن يمتنعوا عن تقديم معلوماتهم لمن لا يشاءون من المؤسسات الإعلامية، إنما ليس من حقهم أبدا احتجاز الصحافيين أو خطفهم فقط لأنهم من الجانب الآخر. بمخالفة القواعد الدولية، وانتهاك الأعراف التي تقضي بحماية الصحافيين، فإنهم يقوضون وظيفة أكبر فريق يساندهم، ويقدمون الأدلة على الصورة التي يروجها النظام ضدهم. فقد سعى النظام السوري منذ البداية إلى مقاتلة الإعلام جسديا واغتياله معنويا، مدركا أنه لو استطاع توسيع الشقة بين الإعلام والثورة السورية سيكسب كثيرا، لأنه يريد أن يرتكب الجرائم في الظلام، ويسعى لإفقاد الشعب السوري حماسه وصبره واستعداده للتضحية، وستفقد الثورة الزخم الهائل من التأييد الذي تملكه. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثوار سوريا والتورط الإعلامي ثوار سوريا والتورط الإعلامي



GMT 04:56 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المستفيد الأول إسرائيل لا إيران

GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

GMT 04:11 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

عامٌ يبدو أنه لن يكون الأخير

GMT 04:05 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الدعم المصري السخي

GMT 04:01 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

للعبادة معنى أشمل

GMT 03:57 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

في الهوا سوا

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:24 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

"الثعابين" تُثير الرعب من جديد في البحيرة

GMT 22:38 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

نادي سموحة يتعاقد مع محمود البدري في صفقة انتقال حر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon