توقيت القاهرة المحلي 13:30:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أنور عبدالملك.. استعادة التاريخ

  مصر اليوم -

أنور عبدالملك استعادة التاريخ

بقلم - حمزة قناوي

إذا كانَ لأمةٍ أن تستنهِضَ أفكار روادِها الطليعيين وممثلى قاطرة نهوضِها فى فترات تراجعها الحضارى أو مواجهة أزماتهِا وما يتهدَّدها وجوديًا، ففى ظَنِّى أن على مصر فى هذه الأيام تحديدًا، التى تسعى فيها إلى استعادة دورها الحضارى وريادتها «المنطقية» بحكم التاريخ للمنطقةِ وللأمة، أن تستحضِرَ وجوهَ شخصياتٍ وطنيةٍ آمَنَت بمصر، واستطاعت تحليلَ وتَعميقَ مَفهوم «الهويةِ» المصرية.

من أبرز الوجوه التى تستحضرها اللحظة بما تحمله من قدريةٍ تصل إلى حدِّ الضرورةِ، وجهُ وصوتُ العالِم المصرى الراحل أنور عبدالملك، هذا المفكر المصرى الذى كتبت عنه يومًا إحدى الصحف الفرنسية أنه يقوم لمصر فى الخارج بنفس الدور الذى يلعبه «هيكل» فى الداخل، مُعرِّفًا بدور مصر الريادى وحضارتها الضاربة فى القِدم، وربط ذلك التاريخ بخطٍّ متواصلٍ من النضال والفكر والعمل والاتساق التاريخى مع الهُويَّةِ فى مساراتٍ متعددةٍ سارَ فيها معًا فى العمل الأكاديمى أستاذًا بجامعة السوربون ونائبًا للاتحاد الدولى لعلم الاجتماع، بالتوازى مع العمل الصحفى، يكتب فى صحف فرنسا واليابان، وقبلهما مصر (الأهرام والوفد والهلال.. وغيرها).. لقد آمن المفكر الكبير الراحل بفكرة تبدُّل العالم وتحوُّلِهِ من ثنائية المعسكرين المتصارعين يومًا «الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتى، ووريثها اللاحق- روسيا» إلى تعددية الأقطاب، وظهور مراكز ثقل حضارى وجيواستراتيجى فى عواصم موزعة على قارات العالم «خاصة آسيا»، ستستأثِرُ بالنصيب الأكبر من مركزية القرار، وقد تحققت رؤيته- مكتملةً- بعد رحيله، رحمه الله، منذ ستّ سنوات

كان يرانى غير مستوعبٍ كل ما يقول، فيستطرد: إن مصر استطاعت بتمسكها بجوهرها الحضارى أن تعزز هويتها المنتمية جذورًا وأصولًا إلى الحضارة الفرعونية.

إن مصر أكبر من أن تدخل فى كمونٍ غير فاعلٍ أو تقيد كل قدراتها الهائلة وتغرق فى مساحتها الداخلية ناسيةً العالم (وهو الوصف الذى شخَّص به جمال حمدان واقع مصر بعد اتفاقية كامب ديفيد التى جعلتها تنعزل عن محيطها، وتنكفئ على قضايا الداخل).

لقد كان أنور عبدالملك مؤمنًا بمصر إلى حدِّ يتبع الإيمان العقائدى مباشرةً، ويؤكّد لى أن «التاريخ الوطنى» يظلُّ كائنًا حيًا يجب استعادته عند الشدائد وفى المفترقات، وليس مجرد أحداث ومُدوَّنات تمُر فى ذاكرة الشعوب، وأن دور مصر كتبت جغرافيتها حتميته قبل أن يؤكِّده التاريخ، كما كان مؤمنًا بأن التاريخ نفسه قابل للمساءلة، مساءلة التنقيب عن المحطات المستعادة فيه مواجهات وتحديات وعبور، وقد مرَّت مصر بها جميعًا، ومازالت فى قلب امتحانِها.

إن مصر أحوج ما تكون هذه الأيام لاستعادة وجه أنور عبدالملك وأفكاره وإيمانه بها، خاصةً فى قدرتها على صناعة التاريخ والانتصار للبقاء والبناء فى مسيرة إنسانها وحضارته.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنور عبدالملك استعادة التاريخ أنور عبدالملك استعادة التاريخ



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:33 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
  مصر اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن شِقو يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 06:52 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي يقضي على التهاب المفاصل بأطعمة متوافرة

GMT 03:14 2021 الجمعة ,03 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تنتقد التبذير في جهاز العرائس

GMT 14:30 2021 الأحد ,04 إبريل / نيسان

"مايكروسوفت" تؤجل إعادة فتح مكاتبها بالكامل

GMT 05:07 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تكشف عن كمية القهوة لحياة صحية مديدة

GMT 11:21 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

وزيرة الصحة المصرية تؤكد حرص مصر على دعم لبنان ومساندته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon