توقيت القاهرة المحلي 11:09:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحت غطاء الديمقراطية

  مصر اليوم -

تحت غطاء الديمقراطية

بقلم - فاطمة الصايغ

من مراجعة المراسلات السياسية التي دارت بين المسؤولين في العراق والخليج وبعض من دول الشرق الأوسط وبين القيادة الأميركية قبيل غزو العراق في عام 2003 يتبين لنا أن القيادة الأميركية كانت مصممة على إحداث تغير جذري في منطقة الشرق الأوسط.

كان ذلك التغير يعني لها الكثير؛ فهو يعني أنها سائرة على النهج الذي تمليه عليها قيمها الأميركية ومبادئها في حماية حقوق الإنسان والديمقراطية في كل مكان.

كما كان يعنيها كما تدعي، تخليص هذه المنطقة الملتهبة من كل سبل عدم الاستقرار والقلاقل وتوفر لشعوبها مظلة من حرية الرأي والأمن والأمان الذي سلبته منها الأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية.

وبناء على ذلك روجت الولايات المتحدة لهذا التغير على أنه السبيل الوحيد لإنقاذ المنطقة وتنميتها التنمية الصحيحة.

فقد صنفت الإدارة الأميركية دولاً في المنطقة على أنها جزء من «مثلث الشر» في العالم وأن وجود أنظمة كتلك السائدة فيها هو خطر على سلامة وأمن العالم بأسره.


وعلى الرغم من وجود العديد من القلاقل في المنطقة إلا أن نظرة الإدارة الأميركية للمنطقة في الكثير من الأحيان لم تكن منطقية ولم تقم على أسس صحيحة. فلم يكن للولايات المتحدة دراية حقيقية بكيفية تطور الأوضاع السياسية والاجتماعية في المنطقة ومآلاتها.

فقد كانت أميركا مع التغير حتى ولو كانت فاتورة ذلك التغير ضخمة وسوف تدفعها شعوب المنطقة من أمنها واستقرارها ورخائها ومن دماء أبنائها. وروجت أميركا قبيل غزو العراق لذلك التغير وجعلت منه حجة لتبرير غزوها للعراق وتهديم بنيته الأساسية.


وما إن سقط حكم صدام حسين حتى بدأت المزاعم الأميركية في إحلال الديمقراطية تتضح شيئاً فشيئاً.

فلا ديمقراطية ظهرت ولا حقوق إنسان تحققت ولا حريات مدنية كتلك التي كانت تروج لها أميركا بانت. فما تحقق في الشرق الأوسط منذ العام 2003 وحتى الآن هو فوضى جارفة وسلب ممنهج لخيرات الشعوب العربية ونشر للدمار والفوضى في كل مكان وانتشار كبير لتيارات أيديولوجية تهدف إلى تحقيق مصالح ضيقة والعبث بمقدرات البلدان العربية.

فلا حقوق إنسان طالها الإنسان العربي ولا ديمقراطية سياسية تحققت على ارض الواقع ولا تنمية حقيقية حصلت, بل أصبحت الشعوب العربية تتمنى العودة خمسين سنة إلى الوراء: فشعوب العراق ومصر وسوريا وتونس كانت أفضل حالاً قبيل ثورات التغير منه بعدها.


هذا الوضع يقودنا لدراسة السيناريوهات المستقبلية للمنطقة في ظل الأوضاع المتأزمة ويجعلنا نفكر في الكيفية التي سوف يتم فيها إدخال التغير الإيجابي في المنطقة وتخليصها من كل عوامل عدم الاستقرار ودفعها نحو تحقيق معدلات نمو عالية وتوفير الرخاء لشعوبها مع عدم إهمال تنمية الوعي السياسي الذي هو أمل المنطقة في مستقبل أفضل.


أحد سيناريوهات التغير العربي يكمن في الاعتماد على عنصر الطاقات الداخلية البشري الداخلي عوضاً عن الخارجي في إحداث التغير الإيجابي المطلوب. فأي تغير قادم من الخارج لن يخدم أجندة المنطقة واستقرارها بل يخدم أجندات أجنبية خارجية.

سيناريو آخر هو دعم الحريات المدنية في البلدان العربية ودعم الديمقراطية الحقيقية النابعة من ظروف المنطقة واحتياجاتها الحقة. فهي أمل المنطقة في تطوير ذاتها والخروج من المأزق الذي أدخلته فيها الأطماع والمصالح الأجنبية.

أما السيناريو الأخير فهو اللجوء إلى التنمية الاقتصادية الشاملة والتنمية الفكرية التي تهدف إلى رفع الوعي العربي وتمكينه. فهي السبيل إلى تنمية مجتمعية حقيقية وبالتالي إصلاح جذري يلمس حياة المواطن العربي.


دول عديدة في الشرق الأوسط حالياً تمر بحالة من المخاض وتشعر برغبة حقيقية في تبني مشاريع التغير وتعلن عن تمسكها بالديمقراطية بكل مكوناتها وصولاً إلى الديمقراطية الحقيقية. وكثيرة هي الشعارات التي رفعتها الأحزاب والتيارات التي دخلت الانتخابات البرلمانية وعلى رأسها مكافحة الفساد والروتين الإداري وتوفير فرص عمل للشباب وغيرها من الأمراض التي هي أساس تأخر المجتمعات العربية وتراجعها عن ركب الحداثة العالمية.

ولكن هناك العديد من الهواجس والشكوك التي ما زالت تنتاب المواطن العربي ربما من جراء عدم ثقته في قدرة تلك التيارات والأحزاب على إحداث التغير الحقيقي الذي يتوق له المواطن العربي. ولكن يبقى الأمل كبيراً في أن يكون الداخل هو القاطرة التي تقود المجتمعات العربية إلى التغير المنشود وليس الخارج.

الانتخابات العربية الأخيرة إما أن تفتح صفحة عربية جديدة وإما أن تقود المجتمعات العربية خطوة أخرى إلى الوراء.


نقلا عن البيان الاماراتية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحت غطاء الديمقراطية تحت غطاء الديمقراطية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد

GMT 13:22 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

قائمة "نيويورك تايمز" لأعلى مبيعات الكتب

GMT 20:50 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقلوبة لحم الغنم المخبوزة في الفرن
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon