توقيت القاهرة المحلي 10:55:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قطاع غزة: أزمة الضمير الإنساني ومسؤولية المجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال

  مصر اليوم -

قطاع غزة أزمة الضمير الإنساني ومسؤولية المجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال

بقلم : د. صائب عريقات

   لقد مرّ اليوم 12 عاماً، وشهر واحد، و14 يوماً على الحصار الإسرائيلي غير القانوني على قطاع غزة الذي يعاني من ظروف إنسانية صعبة للغاية في ظل الحصار الذي يفرضه الاحتلال، والذي يشمل تدابير تعسفية تضر بالاحتياجات الحيوية لسكان القطاع.

يعيش في قطاع غزة اليوم أكثر من مليوني فلسطيني في منطقة صغيرة محاصرة جغرافياً وسياسياً، تُضاعف تقريباً حجم العاصمة واشنطن لكن بأربعة أضعاف سكان واشنطن. تسيطر إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، على قطاع غزة أرضاً وجواً وبحراً، وتقطع عليها التواصل مع العالم الخارجي، وتشن على سكانها المدنيين العدوان والحروب المنظمة. إن قطاع غزة ليس قضية «أزمة إنسانية»، إنه أزمة الضمير الإنساني في القرن الحادي والعشرين ومسؤولية المجتمع الدولي الذي يغض الطرف عن استحقاقاته في وضع القوة المحتلة موضع المساءلة والمحاسبة لتنفيذ التزاماتها تجاه الشعب والأرض اللذين تحتلهما.

لقد شهد العالم خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة تشريد أكثر من نصف مليون فلسطيني قسراً داخل قطاع غزة وحرمانهم من المأوى والأمن والسلامة، وشهد على عمليات القصف والدمار الكارثي الذي خلفه العدوان، وشهد على قتل نحو 2100 فلسطيني من الأبرياء بمن فيهم الأطفال على مدار 53 يوماً في عام 2014 وحده، ورأى كيف صمد المشفى الوحيد الذي حاول توفير الرعاية الطبية الأساسية جداً لآلاف من الجرحى الفلسطينيين. هل لنا أن نتخيل ماذا لو اختفى كل سكان نيويورك وكولورادو من خريطة الولايات المتحدة؟ هذا بالضبط ما يسعى إليه الاحتلال، هذا بالضبط ما فعله بسكان قطاع غزة خلال الـ12 سنة الماضية.
لقد جاب الرئيس محمود عباس عواصم العالم، ولا يزال، من أجل إعادة إعمار قطاع غزة الذي دمره الاحتلال، وجهد كذلك المجتمع الدولي من أجل تأمين فاتورة إعادة الإعمار التي كان من المفترض أن تدفعها إسرائيل - القوة المحتلة المسؤولة عن السكان الذين تحتلهم والمسؤولة عن الدمار الذي أحدثته - لكن بدلاً من ذلك، كان على المجتمع الدولي أن يحاسب إسرائيل ويسائلها على عدوانها ودمارها وعمليات التطهير العرقي التي ترتكبها بحق أبناء شعبنا. وبالنسبة لنا، فلا تزال تشكل اتفاقية جنيف ومبادئ القانون الدولي المنصة التي تقودنا إلى الأمام، هذه القوانين والشرائع الدولية التي لم يكتبها الفلسطينيون بل أعضاء المجتمع الدولي، ومع ذلك سنواصل العمل وفقاً لبنودها والسعي لتطبيقها على أرضنا المحتلة.

في منتصف هذا الأسبوع عقدت الإدارة الأميركية مؤتمراً لمناقشة «صحة وسلامة وسعادة أهل قطاع غزة» بينما قلصت خلال الأسابيع الماضية المساعدات والأموال عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» التي تقدم المساعدات إلى 80 في المائة من سكان قطاع غزة، وتجاهلت قضية إنهاء الاحتلال وقضية اللاجئين الذين يشكلون 75 في المائة من مجموع سكان قطاع غزة، وتجاهلت رفض إسرائيل منح التصاريح لمن يحتاج إلى رعاية طبية حرجة (الأمر الذي أدى إلى وفاة 54 فلسطينياً في عام 2017)، وتجاهلت أن 98 في المائة من المياه غير صالحة للشرب ما يجعل من قطاع غزة مكاناً غير قابل للحياة، وتجاهلت ما نسبته 80 في المائة من انعدام الأمن الغذائي، ومنع إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، الصيادين الفلسطينيين من الوصول إلى حدودنا البحرية. ولمّح المؤتمر إلى أن «الوضع المأساوي» هو إما نتيجة خطأ ارتكبه الفلسطينيون أو مجرد نتيجة لظروف غير معلومة!

لا يمكننا «وضع السياسة جانبا»، كما قال أحد منظمي المؤتمر، فالأزمة في قطاع غزة سببها الاحتلال والحصار غير القانوني الإسرائيلي وسياساته المتطرفة اليمينية التي يروجها للمجتمع الدولي الذي بدأ بدوره يتساوق مع ما يسمى «الأغراض الأمنية الإسرائيلية». لكن إذا ما استمر المجتمع الدولي في دفع فواتير الاحتلال الإسرائيلي وتمويل الحصار فإنه متورط ومسؤول بشكل مباشر عن إطالة أمد الاحتلال واستدامته ويصبح شريكاً رئيسياً في استمرار الحصار على قطاع غزة.

كان من الأجدى عدم إهدار الوقت والجهد في مؤتمرات لتمويل الاحتلال والقضاء على فرص السلام، إنما المطلوب عقد مؤتمر يهدف إلى إنهاء الاحتلال وإنهاء الحصار، والتفاوض على حل عادل ودائم لدولتين على حدود عام 1967. ومع ذلك، فرسالتنا واضحة لا لبس فيها بأن شعبنا صامد ومتجذر في أرضه، ومتمسك بالقانون الدولي وبحقه غير القابل للتصرف في تقرير مصيره على أرضه حتى الحرية والعودة وإنجاز استقلال دولته وسيادتها على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وله في جنوب أفريقيا خير مثال عندما قال نيلسون مانديلا إن «الطريق إلى الحرية طويل»، ونحن نضيف أن الأجيال الفلسطينية القادمة سوف تستنير بما أسسه لهم آباؤهم وأجدادهم الذين عاشوا على هذه الأرض منذ فجر التاريخ.

 نقلً عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قطاع غزة أزمة الضمير الإنساني ومسؤولية المجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال قطاع غزة أزمة الضمير الإنساني ومسؤولية المجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال



GMT 07:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 03:54 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

عاربون مستعربون: لورانس العرب والصحراء

GMT 03:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

هل من أمل في مفاوضات سودانية؟

GMT 03:47 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

سلِّموا السلاح يَسلم الجنوب!

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد

GMT 13:22 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

قائمة "نيويورك تايمز" لأعلى مبيعات الكتب

GMT 20:50 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقلوبة لحم الغنم المخبوزة في الفرن
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon