توقيت القاهرة المحلي 22:21:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مؤتمر الكويت... طي صفحة وبدء أخرى

  مصر اليوم -

مؤتمر الكويت طي صفحة وبدء أخرى

بقلم - فـــؤاد مطـــر

يستحضر المرء مواطناً من أبناء الأمة كان، أو كاتباً مثل حالي، وهو يتأمل في المشهد المتعدد الحلقات منذ بضعة أسابيع، في الكويت التي استضافت: «المؤتمر الدولي لإعادة إعمار العراق»، من الذاكرة المثل الشعبي الذي يقال في صِيَغ متنوعة: «الجار للجار... ولَوْ جار». كما يستحضر في الوقت نفسه قول البحتري، أحد كواكب الشعر في الزمن العربي الغابر: «إذا احتربت يوماً فسالت دماؤها... تذكَّرتِ القربى ففاضت دموعها».
لو أن دولة الكويت ستُبقي صفحة ما حدث يوم الخميس 2 أغسطس (آب) 1990 مفتوحة، لما كانت - وهي ترى أي حال هو عليها العراق، وكيف أن الدمار أتى على مناطق ومؤسسات، وبات العنف والصراعات والانفجارات والفقر يدفع ببلاد الرافديْن إلى المجهول - بادرت إلى تقديم ما من دوافع الأخوة تقديمه، ومن خلال لفتة تراعي مشاعر عنفوان الجار المبتلى بكل أنواع الأذى الذي يلحق به. وما نقصده باللفتة ليس تقديم نجدة مالية، وإنما أن يكون أمير الدولة الشيخ صباح الأحمد مضيف الدولة المقتدرة التي بفعل التكاتف والمساهمة المالية تصبح إعادة إعمار العراق أقل صعوبة، فلا يبقى الركام في أكثر من منطقة على ما بات عليه البنيان، ولا يزداد عدد الذين لا مدارس لهم، كما يتوقف العدَّاد الذي يسجل على مدار الساعة عدد الفقراء من الكبار والصغار، ولا يعود صوت الانقسامات يعلو على صوت التوحد، كما لا يعود هنالك مَن يرى أن الانفصال هو السبيل إلى الاستقرار، على نحو ما كاد يحصل لو كُتب للاستفتاء الكُرْدي يوم الاثنين 25 سبتمبر (أيلول) أن يكتمل فصولاً.
والأهمية التي تكتسبها الاستضافة، أن لدولة الكويت حضوراً يُحسب له حساب في أوساط أُولي الاقتدار المالي الخليجي والدولي. وما نقصده بذلك أنه لو جرى الانعقاد في دولة لا تملك مواصفات دولة الكويت لكان المؤتمر لن يثمر على النحو المأمول، وربما قد لا ينعقد، فضلاً عن أن المجتمع الدولي والخليجي سيأخذ في الاعتبار مسألة طي الكويت صفحة اقتراف العراق غزوة انتهت إلى أن مفاعيلها ارتدت على الدولة التي كانت قبل يوم الخميس 2 أغسطس عام 1990، ترى في الجار الكويتي أنه حاضر دائماً في ساعات الشدة.
والوقفة الكويتية مع العراق لن تقتصر على الرقم الملياري الذي سيحققه مؤتمر المانحين، وهل ستكون هذه المليارات في مأمن من هجمات تتعرض لها، وهو ما نقرأه في طيات كلام لرئيس الحكومة حيدر العبادي، نبَّه فيه من الفساد المستشري. فهنالك قبل المؤتمر تفهُّم من جانب الكويت للمتبقي من التعويضات المترتبة على العراق لتدمير منشآت نفطية كويتية خلال 1990 – 1991. وعندما زار الرئيس العراقي فؤاد معصوم الكويت، وفي اليوم (الاثنين 25 سبتمبر 2017) الذي كان الإقليم الكُرْدي يعيش بهجة الاستقلال الذي يراه الشعب الكُرْدي قريباً ونراه بعيداً، أو فلنقل مستحيلاً، فإنه سعى لدى أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد لتخفيف وطأة التعويضات المتبقي منها للتسديد أربعة مليارات وستمائة مليون دولار، من أصل المبلغ الإجمالي 23 ملياراً. وما نعنيه بتخفيف الوطأة هو إعفاء العراق نتيجة الظروف الراهنة والكثيرة التعقيد من المبلغ المتبقي.
مشكلة الأمة أن ثلاثة أرباع أقطارها تحتاج إلى نجدات، ودائع كانت هذه، أو إعفاء ديون، أو ودائع مليارية، أو مؤتمرات مانحين. وأمامنا - على سبيل المثال لا الحصر - الحالة السورية، والحالة العراقية، والحالة اليمنية، والحالة الفلسطينية، والحالة اللبنانية. لكن المشكلة الأساسية في هذه الحالات هي في تغييب التعقل والإصرار على عدم مداواة الواقع المتردي من خلال التفهم والتضحية.
وإلى ذلك، نرى أن الأزمات المالية تلفح خزائن دول كثيرة، الأمر الذي يعني أن مسألة النجدات لن تتوفر فيما هو آت من السنين. وبالتالي فإن المأمول من ذوي الاحتياجات الخاصة، أي الدول التي تعيش حالة من الإعاقة الحكومية، أن تتنبه إلى أن ما هو الآن على درجة من التجاوب مع مطالب، لن يكون متيسراً مستقبلاً. وما نقوله نخص به لبنان واليمن والعراق وفلسطين، إذ ربما في ظل التفهم ووقْف الاحتراب والكف عن أساليب الفساد المالي والإفساد المبادئي، تصطلح الأمور نسبياً، ولا يعود الحِمْل ثقيل الوطأة، وإلى درجة طلب النجدة من خلال وديعة أو مؤتمر مانحين.
ويبقى أننا عندما نستحضر الاستضافة الكويتية للمانحين من أجل تصويب أحوال العراق، ويحدث ذلك رغم ما علق في سماء العلاقات من غيوم سوداء تركت آثارها على المشاعر، نرى أن مبدأ النجدة في ساعة الشدة ليس مستحدَثاً، وأنه جزء من أدبيات أزمان مضت، ومنها على سبيل المثال ما حدث في القمة العربية الاستثنائية في الخرطوم (29/8 – 1/9/1967) عندما طوى بعض القادة صفحة إساءات، وقرروا - على القاعدة البحترية التي يلخصها بيت الشِعر الذي أوردناه مطلع هذه المقالة - نجدة مصر لإزالة آثار العدوان التي لحقت بها يوم 5 يونيو (حزيران) 1967، وذلك بقرار من المملكة العربية السعودية، والمملكة الليبية ودولة الكويت، تقديم مبالغ سنوية وبالجنيه الإسترليني المعتمَد زمنذاك، وإلى حين إزالة آثار العدوان (50 مليوناً من السعودية، و35 مليوناً من الكويت، و30 مليوناً من المملكة الليبية).
وبذلك بقي المثل الشعبي: «الجار للجار ولو جار» من التراث الذي لا يندثر، ومن جملة العقاقير التي تخفف المصائب في حالات التوعك المالي والاقتصادي والاجتماعي والمعيشي الصعبة.

نقلا عن الحياة الندنية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مؤتمر الكويت طي صفحة وبدء أخرى مؤتمر الكويت طي صفحة وبدء أخرى



GMT 04:10 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

استغِلوا «تغطية الجنازات» لإنقاذ المهنة

GMT 04:09 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«عدّّى النهار والمغربية جايَّه»

GMT 03:57 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«مالمو 14» لا يكذب ولا يتجمل..

GMT 02:56 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:21 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

مصر تنفي أي نقاش مع إسرائيل بشأن خطط اجتياح رفح
  مصر اليوم - مصر تنفي أي نقاش مع إسرائيل بشأن خطط اجتياح رفح

GMT 03:33 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
  مصر اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن شِقو يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 13:37 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

افتتاح مطعم وجبات خفيفة أثري في إيطاليا

GMT 08:36 2021 الخميس ,14 تشرين الأول / أكتوبر

خبير ديكور يوضح الفرق بين الحجر الطبيعي والحجر الصناعي

GMT 16:31 2021 الأربعاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"AZZI & OSTA" تطلق تشكيلتها الجديدة

GMT 23:47 2021 الأربعاء ,18 آب / أغسطس

"Dior Baby" تكشف عن مجموعتها لموسم خريف شتاء 2021-2022

GMT 23:17 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

​المصري يبحث التعاقد مع حارس مرمى في كانون الثاني

GMT 03:00 2020 الثلاثاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

فتاة توجه نصيحة للمصريين بعد إصابة 12 فردًا من أسرتها بكورونا

GMT 21:54 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات لاستخراج بدل فاقد لبطاقة التموين فى مصر إلكترونيا

GMT 22:12 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

الأسهم الباكستانية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 22:31 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الثلاثاء 28 يوليو

GMT 09:35 2020 السبت ,25 تموز / يوليو

غاريث بيل يضع شرطًا للرحيل عن ريال مدريد

GMT 10:49 2020 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

تعرف على عمر هالة فاخر في عيد ميلادها

GMT 06:42 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

طريقة إعداد الدجاج على الطريقة التركية

GMT 11:54 2020 الأحد ,17 أيار / مايو

بريشة : علي خليل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon