توقيت القاهرة المحلي 12:41:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماراثون بالعبرية بين الأزهر و «جار السوء»

  مصر اليوم -

ماراثون بالعبرية بين الأزهر و «جار السوء»

بقلم - أحمد فؤاد أنور

 في توقيت ذي مغزى هاجمت إسرائيل أخيراً- عبر تقرير موسع في صحيفة «هاآرتس»- مؤسسة الأزهر مرتكزة على تفسير خاطئ لعتاب من الرئيس عبدالفتاح السيسي لشيخ الأزهر أحمد الطيب حين قال- قبل أكثر من عام- «أتعبتَني يا فضيلة الإمام»، زاعمة وجود صِدام مع مؤسسة الرئاسة، وأن التصريحات المنسوبة إلى وزير التعليم المصري طارق شوقي في شأن دراسة إمكانية دمج التعليم الأزهري مع المدني تأتي في إطار هذا الصدام المزعوم. وعلى رغم أن الصحيفة العبرية أقرّت بأن التصريحات نفاها الوزير منذ نحو شهر، إلا أنها أصرّت على اعتبار التصريح ثم النفي: «بالون اختبار». وأبرزت الصحيفة قدر تأثير الأزهر وعدد طلابه بالملايين من مرحلة رياض الأطفال حتى التعليم الجامعي، ثم كشفت الرغبة الإسرائيلية في اختلاق مواجهة وتوريط بتوجيه الاتهام الدائم في شأن «تدخل الأزهر في السياسة»، مذكّرة بمواقفه من تكفير «داعش»، ومِن «تظاهرات» الإخوان المسلمين، متناسية حقيقة تأييد الأزهر وشيخه الجليل الواضح والقوي لخريطة الطريق في أعقاب 30 حزيران (يونيو) 2013. المثير للسخرية أن المحلل الإسرائيلي اعتبر أن الأزهر أغضب الرئيس حين رفض استقبال نائب الرئيس الأميركي مايك بنس حين زار مصر في إطار جولة شرق أوسطية، تعبيراً عن الاحتجاج على موقف إدارة ترامب من القدس. وكأن الاستقبال إجراء غير سياسي وكأن المراسل الإسرائيلي واثق أن هذا الرفض لم يحدث بالتنسيق مع المسؤولين المصريين لتوصيل رسائل غاضبة متدرجة إلى الجانب الأميركي! وزعم التقرير كذلك أن مصر مساندة للسياسات الأميركية، متجاهلاً موقفها التصويتي في مجلس الأمن والأمم المتحدة ضد واشنطن وكذلك تعليق وخفض المعونات، وأخيراً تجاهل مصر في جولة وزير الخارجية الأميركي في المنطقة.

الثأر الإسرائيلي القديم طاولَ كذلك الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، إذ اتهمته الصحيفة أنه قام عام 1961 بإنهاء استقلالية الأزهر بإصدار قانون يجعله تابعاً للحكومة، على رغم أن شيخ الأزهر بدرجة رئيس وزراء ويعامل على هذا النحو بروتوكولياً ورسمياً. وبطريقة التفكير بالتمني ذكر التقرير أن الرئيس السيسي أشهر سيف محاربة الأفكار الراديكالية، وأنه ربما حين يسمح وقته سيزور إسرائيل ليوجه لها نصائح في هذا الصدد! وتجاهل التقرير بذلك أن الأزهر يقف مع الرئيس في خندق واحد لمكافحة التطرف والراديكالية المسيئة للدين.

وتجاهل أن الوضع في إسرائيل مختلف، إذ لا توجد مرجعية دينية واحدة، فبالإضافة إلى الحاخام الأكبر للشرقيين والحاخام الأكبر للغربيين، لا يعترف الحريديون بصلاحيات وفتاوى هذين الحاخامين، ويتبع معظمهم مجلس كبار علماء التوراة وحاخامات لجماعات أخرى، بعضها يرتدي قادتها عمامة سوداء وزياً على غرار الملالي في إيران! ما دفع أحد مشاهير المغنين في إسرائيل لغناء أغنية عبرية تحمل اسم «صباح الخير يا إيران» للسخرية من سير إسرائيل على درب إيران وسيطرة رجال الدين على تفاصيل الحياة اليومية إلى حد بعيد، من خلال الإكراه الديني ضد العلمانيين الذين يمثلون نحو ثلثي المجتمع الإسرائيلي.

وكان الأزهر أغضب إسرائيل واقتحم مناطق كانت متروكة بالكامل للرواية الإسرائيلية، ومن أبرز تلك المحطات استقبال وفد من جماعة ناطوري كارتا (حراس المدينة) بزيهم التقليدي خلال مؤتمر نصرة القدس منذ بضعة أشهر، واستقبال مبعوث للبابا وإلقاء رسالة تأييد منه في مؤتمر نصرة القدس، وقبلها استقبال بابا الفاتيكان البابا فرنسيس، والبابا تواضروس بابا الإسكندرية، وأصدر مرجعاً مهماً بعنوان «عروبة القدس ودور الأزهر في نصرتها»، كشف تزوير تاريخ المدينة والسعي إلى تهويدها.

السعي لملء الفراغ ومنع الاختراق الإسرائيلي لعقول الشباب خصوصاً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال السياحة والمؤتمرات، عبّر عنه أخيراً تدشين وحدة باللغة العبرية داخل مرصد الأزهر العالمي باللغات الأجنبية لمكافحة التطرف. تبرز الوحدة جرائم إسرائيل وتجاوزاتها نقلاً عن مصادر عبرية، وتصدر تقريراً أسبوعياً يتم الترويج له على الموقع الرسمي المحدّث للأزهر الذي يتابعه أكثر من 4 ملايين شخص، بل وترجمت الوحدة عشرات من الكتب في وقت قصير إلى العبرية للتأثير في الداخل الإسرائيلي ومنع عمليات تغييب العقول بالتدريج وسط فلسطينيي الـ48.

وهي الترجمات العبرية التي تأتي- وفقاً للدكتور خالد عبداللطيف المنسق العام لمركز الأزهر للترجمة ورئيس قسم اللغة العبرية في كلية اللغات والترجمة في جامعة الأزهر- من بين 152 كتاباً بـ13 لغة، ترجمت خلال 2017 مستهدفاً بهذه الترجمات القارئ الغربي لتوضيح الصورة الحقيقية والمعتدلة للإسلام، والتي تشكل جوهر مناهج الأزهر الشريف.

وكان المرصد تم تدشينه العام 2015، واعتبره الإمام أحمد الطيب «عين الأزهر الناظرة على العالم»، وعمل بثماني لغات هي الإنكليزية، الفرنسية، الألمانية، الإسبانية، الأوردية، الفارسية، السواحيلي، الصينية، وأضيفت إليها العبرية.

وهكذا اتجه الأزهر نحو تطوير أدائه، باعتباره المرجعية الإسلامية الأكبر في العالم. وفي هذا الصدد جرى تنظيم ورش عمل لطلاب من جامعات مصرية عدة، نسبة كبيرة منهم مِن أقسام اللغة العبرية، بهدف التدريب المستمر على التفكير باعتباره لا يتعارض مطلقاً مع الدين، وقبول الآخر ونبذ العنف، والتشبث بالهوية في مواجهة حملات التشكيك والتشويه إلى جانب دراسة آليات فعالة للتصدي لاستراتيجية الجماعات الإرهابية في استقطاب الشباب، وتغيير الصورة النمطية التي تروجها إسرائيل ووسائل إعلامها المتوغلة في أنحاء العالم للمسلمين.

يذكر كذلك أن الأزهر يهدف من خلال مرصده، التواصل المباشر مع الشباب في قوافل زارت نصف المحافظات المصرية واقتحام دائرة النفوذ الإسرائيلي المتنامي في أفريقيا من خلال «قوافل السلام الدولية». ماراثون الأزهر ضد جار السوء هو في الواقع سباق تتابع يحتاج إلى نفَسٍ طويل، وإدارة محنكة وحذرة وإرادة وتوزيع للجهد وتخطيط سليم.

* أكاديمي مصري

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماراثون بالعبرية بين الأزهر و «جار السوء» ماراثون بالعبرية بين الأزهر و «جار السوء»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا بإطلالات شرقية ساحرة تناسب شهر رمضان

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:02 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

الملكي يتقدم 1-0 قبل نهاية الشوط الأول ضد ألكويانو

GMT 10:15 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

للمرة الثانية أسبوع الموضة في لندن على الإنترنت كلياً

GMT 14:16 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الحكم في طعن مرتضى منصور على حل مجلس الزمالك

GMT 09:20 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

طريقة لتبييض الأسنان ولإزالة الجير دون الذهاب للطبيب

GMT 08:52 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري اليوم السبت

GMT 02:02 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مصر على أتم الاستعداد لمواجهة أى موجة ثانية لفيروس كورونا

GMT 09:09 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسني يؤكد لو تم علاج ترامب في مصر لكان شفائه أسرع

GMT 14:47 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا يعلن عن تعاقده مع أغلى صفقة في تاريخه

GMT 04:36 2020 الخميس ,20 شباط / فبراير

ابن الفنان عمرو سعد يكشف حقيقة انفصال والديه

GMT 04:46 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد بإطلالة جريئة في أحدث ظهور لها

GMT 09:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

"أدنوك أبوظبي" يحتفل باليوم الوطني للإمارات

GMT 18:05 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"ويفا" يُعلن طرح مليون تذكرة إضافية لجمهور "يورو 2020"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon