توقيت القاهرة المحلي 20:43:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جولة الشراكات: صناعة الرفاه والاستقرار السياسي

  مصر اليوم -

جولة الشراكات صناعة الرفاه والاستقرار السياسي

بقلم - يوسف الديني

ثمانية أشهر من العمل الدؤوب في الداخل منذ تسلم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد؛ كانت جديرة بإعادة تقديم صورة المملكة الخارجية من حليف سياسي مرحلي أو دائم تبعاً للمصالح المشتركة والالتزامات الدولية إلى الانتقال لرؤية جديدة من صناعة الاستقرار السياسي عبر مفهوم الشراكات الذي يقتبسه ولي العهد منذ إعلان «رؤية المملكة» من المفهوم الحديث لطبيعة تداخل الاقتصاد والأسواق العالمية بالملفات الجيوسياسية ومهددات الأمن. ومن هنا يمكن فهم هذه التوليفة التي أثارت الجدل طويلاً حولها في إطلاق كل صافرات الإنذار بالتغيير على مستوى مكافحة الفساد والاعتدال الديني ومكافحة الإرهاب وإعادة موضعة الاقتصاد من الريعية إلى التنافسية والاستثمار وصولاً إلى سياسة الحزم تجاه أحلاف الخرائب من الإسلام السياسي إلى الحوثيين و«حزب الله» و«داعش» و«القاعدة»، فضلاً عن التحول تجاه التغاضي عن تجاوزات قطر وفق أعراف وتقاليد بيوت الحكم الخليجية، بعد أن تحول الوضع من محاولة إثبات الذات والبحث عن دور إلى مهدد إقليمي لدول مؤثرة؛ البحرين خليجياً ومصر عربياً والعالم المستهدف بخطاب الإرهاب الذي كانت تهدهده قناة الجزيرة وليداً مع «القاعدة»، وتستثمر فيه مع خروجه عن السيطرة ودخوله في منافسة مع طاحونة التطرف التي أنتجت كل هذا الدمار منذ لحظة انهيار الربيع العربي.
أول زيارة خارجية لأوروبا بعد ثمانية أشهر وفي بريطانيا قلب صناعة الموقف والحليف العريق والتاريخي، قدم فيها ولي العهد تلك التوليفة التي يمكن اختصارها في الشراكات لدعم الاستقرار والرفاه في المنطقة مشروعاً سعودياً مضاداً للمشاريع التقويضية التي بدأت مع الربيع العربي وقبله، وما زالت بعض الدول تطمح إلى الاستثمار فيما آلت إليه المنطقة من هذه التركة المروعة على مستوى فوضى التدخل السيادي من قبل ملالي طهران وزعماء عودة الخلافة وفلول اليسار والإسلام السياسي الذين لا يمكن أن ينتقلوا إلى مربع «الدولة»، مهما قدموا من تنازلات حتى ضد الذات في فوضى «المعارضة».
جولة الشراكات لا يمكن فهمها إلا في سياق اختيار مصر أولاً، باعتبارها الأكثر تأثيراً في السياق العربي والأكثر استهدافاً من قبل الأحلاف المضادة، فمصر العروبة والحليف الأهم للخليج مستهدفة بدرجة متساوية. تفسير هذا الهجوم عليها طبعاً، واختزال ذلك في النظام السياسي أو أدائه، في محاولة لتكرار لعبة «الربيع العربي» التي كشفت عن معارضات تقويضية لمفهوم الدولة، وليست ذات اختلاف مع أداء النظام السياسي أو تقييم حجم المشاركة والتعددية السياسية والبراهين كثيرة على ذلك، أهمها ما آلت إليه الأوضاع في الدول التي مستها تلك الرياح وما زالت تعاني.
وتأتي بريطانيا على رأس الجولة باعتبارها خطوة في الانتقال من المحيط الإقليمي إلى شراكة نوعية في أوروبا، القارة الأكثر قرباً وتأثيراً على مستوى التوازنات الإقليمية رغم تراجع أدوارها بسبب إحباطات الهجرة والاندماج والتحديات الاقتصادية والالتفاف للداخل والرضات السياسية بين الأحزاب، لكن الزيارة تأتي في وقت ترقب كبير للبلدين - السعودية الجديدة وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي - على مستقبل اقتصادي كبير، في ظل زيادة معدل الفرص الاستثمارية الذي بات لا يقنع الشركات الكبرى والرساميل إلا مع إعادة موضعة صورة السعودية في مسائل الأمن والقانون ومكافحة الفساد والاعتدال الديني صمام الأمان في مسألة التطرف والإرهاب، كما أن الدولة العريقة بحاجة إلى تجديد دمائها الاستثمارية بعد مؤشرات التباطؤ في النمو الاقتصادي، وهنا تكمن رؤية الأمير محمد بن سلمان في إحلال صندوق الاستثمارات العامة كقارب إنقاذ استثماري في كل الفرص المتاحة في العالم، وهو ما أشارت إليه بعض التوقعات في بريطانيا وحدها بأكثر من مائة مليار دولار.
ملفات ولي العهد ليست بحاجة إلى تكهنات تجار الحقائب السياسية أو قنوات بيع الدجل السياسي بإقناع العالم بالتحولات والفرص الواعدة على مستوى الداخل، والتأكيد على شفافية الوضع الاستثماري في السعودية، والتسويق لمشاريع عملاقة مثل «نيوم» بدعم مباشر من القيادة العليا التي تقف خلفها وليس القطاع الخاص، بحيث يمكن أن تؤتي هذه الشراكات المبنية على الشفافية التي يقدمها ولي العهد بوصفها أسلوب عمل وليست ضمانات في التمهيد لطرح «أرامكو» للاكتتاب العام في لندن، وفي الجانب السياسي التأكيد على محاربة التطرف والإرهاب وصنّاعه من الكيانات والجماعات والدول التي تقف وراءهما، وهو أمر لا يمكن أن تمضي فيه المملكة بعيداً بلا دعم من القوى الدولية الكبرى ومن دون تفهم لتعقيدات الوضع في ملفات اعتاد من يقرأها بشكل جيد الاصطفاف العاجل، كما هي الحال في ملف اليمن الذي يعد جزءاً من التوضيحات التي تقدمها السعودية للمجتمع الدولي بعد أن تكشفت مساعي الحوثيين في الاستثمار بإنهاك الشعب اليمني ومنع وصول الإغاثات بل والتجنيد القسري للأطفال لتقديم صورة للحرب مغايرة والاستثمار في عامل الوقت.
هذه الملفات يقدمها ولي العهد متكئاً - كما أكد في تصريحاته الأخيرة - على «دعم شعبي، ليس فقط من قِبل الشباب السعودي القلق»، وإنما أيضاً من أفراد العائلة المالكة، كما أنها تغييرات جوهرية للوقوف أمام التحديات التي تتعرض لها المنطقة والعالم من الإرهاب والتحديات الاقتصادية والتدخلات السيادية والفوضى السياسية الإيرانية، وهي أشياء تغيب عنها الحدقات المفتوحة باتساع في التصيّد للتحولات السعودية الكبرى!

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جولة الشراكات صناعة الرفاه والاستقرار السياسي جولة الشراكات صناعة الرفاه والاستقرار السياسي



GMT 04:10 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

استغِلوا «تغطية الجنازات» لإنقاذ المهنة

GMT 04:09 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«عدّّى النهار والمغربية جايَّه»

GMT 03:57 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«مالمو 14» لا يكذب ولا يتجمل..

GMT 02:56 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:59 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس
  مصر اليوم - أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 03:33 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
  مصر اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن شِقو يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 13:37 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

افتتاح مطعم وجبات خفيفة أثري في إيطاليا

GMT 08:36 2021 الخميس ,14 تشرين الأول / أكتوبر

خبير ديكور يوضح الفرق بين الحجر الطبيعي والحجر الصناعي

GMT 16:31 2021 الأربعاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"AZZI & OSTA" تطلق تشكيلتها الجديدة

GMT 23:47 2021 الأربعاء ,18 آب / أغسطس

"Dior Baby" تكشف عن مجموعتها لموسم خريف شتاء 2021-2022

GMT 23:17 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

​المصري يبحث التعاقد مع حارس مرمى في كانون الثاني

GMT 03:00 2020 الثلاثاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

فتاة توجه نصيحة للمصريين بعد إصابة 12 فردًا من أسرتها بكورونا

GMT 21:54 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات لاستخراج بدل فاقد لبطاقة التموين فى مصر إلكترونيا

GMT 22:12 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

الأسهم الباكستانية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 22:31 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الثلاثاء 28 يوليو

GMT 09:35 2020 السبت ,25 تموز / يوليو

غاريث بيل يضع شرطًا للرحيل عن ريال مدريد

GMT 10:49 2020 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

تعرف على عمر هالة فاخر في عيد ميلادها

GMT 06:42 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

طريقة إعداد الدجاج على الطريقة التركية

GMT 11:54 2020 الأحد ,17 أيار / مايو

بريشة : علي خليل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon