توقيت القاهرة المحلي 04:03:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن انتخابات الرئاسة مرة أخرى

  مصر اليوم -

عن انتخابات الرئاسة مرة أخرى

بقلم - هالة مصطفى

 حالة من الجدل الشديد سادت الأوساط السياسية والإعلامية طوال الأسابيع الماضية حول انتخابات الرئاسة، والسبب ليس فى شخص الرئيس عبد الفتاح السيسى المرشح لولاية ثانية، ولا فى شعبيته أو إنجازاته التى تضمن له فوزا مؤكدا، وإنما دارت كلها حول مبدأ التنافسية السياسية، بعد انسحاب المرشحين المحتملين سواء بقرار منهم اعتراضا على نزاهة الإجراءات أو لوقوع البعض فى مخالفات قانونية حالت دون دخولهم السباق الرئاسي.

تأتى أهمية التنافسية من إنها تُضفى حيوية سياسية على الانتخابات حتى لا تكون أقرب إلى الاستفتاء على مرشح واحد، وعلى الرغم من ظهور مرشح آخر فى اللحظات الأخيرة وهو موسى مصطفى موسى عن حزب الغد، فإن هذا الجدل لم ينقطع، بعد أن حصل فى وقت قياسى على تزكية عشرين نائبا فى البرلمان، ولكن الأهم من ذلك أنه سبق وقاد حملة (مؤيدون) لتأييد ومساندة حملة ترشيح الرئيس، وهو ما أسهم فى إرباك المشهد.

الأصل فى التنافسية أن تكون مقنعة للناخبين وألا تكون الفجوة بين المرشحين كبيرة بحيث تتقارب أوزانهم السياسية، وأن تدور الحملات الانتخابية حول الأفكار والبرامج والرؤى السياسية المختلفة، لتترك مجالا للاختيار بينها، فالإجماع على ضرورة توافر التنافسية الانتخابية، لا يعنى القبول بها فقط من الناحية الشكلية أو افتعالها، لأنها تدخل فى إطار البحث عن الأفضل، أو الصورة المثلى للانتخابات، أما إذا لم تتوافر شروطها من الناحية الفعلية والموضوعية، وهو ما قد تشهده دول عديدة فى مراحل التحول الديمقراطي، فيتم تجاوزها لفترة استثنائية لحين اكتمال مقومات وجودها. بعبارة أخرى إن صندوق الانتخابات هو المحطة الأخيرة فى أى عملية سياسية لا الأولي، وأى عوامل سلبية تظهر عند هذه المرحلة تكون مؤشرا على وجود خلل فى التجربة السياسية ككل.

أهم مظاهر هذا الخلل فى الحالة المصرية، يتعلق بالأحزاب السياسية, فضعفها كان المقدمة التى أدت إلى النتيجة المنطقية لغياب التنافسية، فعلى سبيل المثال كانت تلك الأحزاب هى من سارعت طواعية للإعلان عن دعمها الكامل للرئيس فى انتخابات الرئاسة، وهى التى فتحت مقارها مبكرا لتلقى التوكيلات ومساندة حملته الانتخابية، رغم أن أبسط تعريف للحزب أنه تنظيم سياسى يسعى بالطرق المشروعة والسلمية والانتخابات للوصول إلى السلطة وفق برنامج محدد، أى هو منافس طبيعى للسلطة السياسية، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، وإنما حدث نفس الشيء داخل البرلمان، حيث تم التوقيع على ما يقرب من الـ549 استمارة تزكية من النواب تأييدا أيضا لترشيح الرئيس، رغم أن المادة 142 من الدستور لا تشترط سوى الحصول على تأييد 20 عضوا من أعضاء مجلس النواب، مع ملاحظة أن معظم الأحزاب ممثلة فيه بغض النظر عن أوزانها وعدد مقاعدها من الوفد والمصريين الأحرار ومستقبل وطن والشعب الجمهورى والمؤتمر والنور والمحافظين إلى حماة الوطن والسلام الديمقراطى وغيرها، ولم يفكر حزب واحد منها أن يتقدم بمرشح عنه لانتخابات الرئاسة، وكل من تقدموا للترشيح قبل أن ينسحبوا تقدموا بشكل فردى وبأسمائهم المعروفة، وليس بصفتهم الحزبية، وعندما انتبه رئيس حزب الوفد السيد البدوى متأخرا أن عليه دورا يؤديه فى الانتخابات، اعترضت الهيئة العليا للحزب لما فى موقفه من تناقض ظاهر بعد حملة التأييد التى قادها الحزب لصالح الرئيس، والسؤال الجوهرى هو: على من تقع مسئولية تخلى الأحزاب عن دورها فى الدفع بالتنافسية السياسية؟ وهل يمكن تحميلها كلها على الدولة مثلما تروج بعض الآراء تنصلا من المسئولية الذاتية للأحزب؟ الإجابة بالطبع لا, فدائما هناك مسئولية مشتركة.

أزمة الأحزاب فى مصر هى أزمة مزمنة منذ عودة التعددية الحزبية فى منتصف السبعينيات، لم تتحول إلى بناء مؤسسى قوى بعيدا عن أشخاص أصحابها, الذين حولوها فى الغالب إلى كيانات عائلية، أو التصقوا بالدولة سعيا لدعمها ومساندتها, فلا برامج أو انحيازات فكرية، ولا قاعدة جماهيرية أو طبقة اجتماعية بعينها يعبر عنها كل منها, مثلما هو الوضع فى الديمقراطيات المتقدمة ذات النظم الحزبية الحقيقية، ففى مصر لا أحد يعرف الفرق بين حزب وآخر، كالفرق بين الجمهوريين والديمقراطيين فى الولايات المتحدة مثلا، أو المحافظين والعمال فى انجلترا، أو الأحزاب اليمينية وتلك الاشتراكية فى فرنسا، أو حزب المؤتمر وغيره من أحزاب فى الهند، وعشرات الأمثلة الأخرى سواء فى نظم الثنائية الحزبية أو التعددية، ليس فى الواقع الحزبى المصرى شيء من ذلك، فلا تطور ولا تراكم سياسى باستثناء الزيادة العددية، التى لاتعنى الكثير ولا تسهم إلا فى زيادة الأزمة، والتى تفاقمت بعد ثورة 25 يناير بحكم قانون تنظيم الأحزاب، الذى فتح الباب على مصراعيه لتشكيل أى حزب بالإخطار دون تدقيق، حتى وصل العدد إلى ما يزيد على المائة حزب، أغلبها أخفق فى الحصول على مقعد واحد بالبرلمان، وهو ما لا يمكن أن يكون علامة صحة، بل تعتبر نوعا من الفوضى والبعثرة الحزبية عديمة الجدوي، لذلك لا نرى ظهورا إعلاميا أو سياسيا للأحزاب إلا فى المناسبات أو بشكل موسمى عندما يحين موعد أى انتخابات.

هذا الواقع، فى حاجة إلى مراجعة جذرية سواء من خلال معالجة قانونية لإعادة تنظيم الأحزاب أو بالإدماج فى كيانات حزبية أكبر، لاستبعاد الأحزاب الهزيلة وإعطاء المجال لأن يكون التمايز بينها على أساس البرامج والرؤى المختلفة. باختصار التنافسية لا تولد من فراغ، لأنها ترتبط فى النهاية بطبيعة الحياة السياسية والحزبية وبالتيارات والقوى السياسية النشطة والفاعلة فيها، ومن الصعب اصطناعها، وتحتاج إلى زمن كى تتحقق، لأنها ليست وليدة اللحظة الراهنة.

أخيرا، لابد من الإشارة إلى أن الدولة لم تكن بحاجة إلى الدفع بمرشحين آخرين للعب دور المنافسين، مثلما يتردد، لأن القانون الخاص بانتخابات الرئاسة (مادة 36 من القانون 22 لسنة 2014) ينظم حالة وجود مرشح وحيد فى الانتخابات، بأن يحصل على 5% من أصوات الناخبين المقيدين فى جداول الانتخابات، أى أن الانتخابات ستُجرى فى كل الأحوال وسيكون لها شرعية قانونية، حتى وإن لم تكن تنافسية.

 

 

نقلاعن الاهرام القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن انتخابات الرئاسة مرة أخرى عن انتخابات الرئاسة مرة أخرى



GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 03:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

GMT 03:33 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

اكتشافات أثرية تحت المياه بالسعودية

GMT 17:14 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره
  مصر اليوم - النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي

GMT 09:23 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

ضغوط متزايدة على لامبارد بعد أحدث هزيمة لتشيلسي

GMT 04:38 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

نفوق عشرات الآلاف من الدواجن قرب بلدة "سامراء" شمال بغداد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon