توقيت القاهرة المحلي 12:56:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأزمة الليبية وسياسة الترحيل

  مصر اليوم -

الأزمة الليبية وسياسة الترحيل

بقلم - جبريل العبيدي

تعاني الأزمة الليبية من عمليات الترحيل المتعمد من غدامس الليبية إلى الصخيرات المغربية إلى تونس التونسية إلى جنيف السويسرية، وتواكب هذه العملية إعادة تكرار الوجوه والشخوص نفسها تقريباً بترتيب مختلف، هذه المرة بتبنٍ من مركز «جان هنري دونانت» للحوار الإنساني Henry Dunant Centre، وهو منظمة غير حكومية «مستقلة» تعلن عن نفسها «وسيطاً» في النزعات الدولية، ليبقى السؤال: من الممول؟ ومن الذي اختار الشخصيات الخمسين في حوار هنري دونانت؟

بالنظر لقائمة الشخوص يلاحظ أنها لا تخرج عن قوائم الحوار السابقة، التي مارس فيها المضيف إعادة ترتيب الأسماء والشخوص السابقة نفسها تقريباً، في محاولة لإعادة إنتاج لجنة حوار الصخيرات بالمعايير السابقة نفسها، والتي لم تخرج عن المتسببين بالأزمة بشكل مباشر كأمراء الحرب وقادة ميليشيات وقيادات إخوانية، بل إن هؤلاء متهمون ومسجلون على قوائم الإرهاب في بعض الدول، ومنها قوائم الرباعية (السعودية ومصر والإمارات والبحرين) مثل بلحاج والصلابي، وإعادة إنتاج أعضاء الجماعة (الإخوان) وأحبائهم وأصدقائهم، ودمجهم ضمن بعض المعارضين الوطنيين وهم قلة، لاستكمال الصورة النمطية التي لم ولن تنتج حلاً ممكناً قابلاً للتعايش أو التطبيق والديمومة، أو حتى حلا يمكن أن يكون خطوطاً ومعالم لخريطة طريق للخروج من الأزمة.

استبعاد شخصيات وطنية فاعلة، سواء ممن شارك أو يؤمن بحراك فبراير (شباط) (2011) غير المسلح، أو حتى من لا يزال متمسكاً بحراك سبتمبر (أيلول) (1969) غير المسلح ضمن قائمة الخمسين، رغم اعتذار بعض ممن تم اختيارهم من الشخصيات، يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول من شكل اللجنة ومن اختار أعضاءها، فاللجنة لم يعلن عنها سوى الجهة المنظمة وهو مركز «جان هنري دونانت» المشار إليه، ليبقى من اختار المدعوين للحوار مجهول الهوية، والذي من الواضح أنه لم يكن بالمطلق يسعى لحلحلة الأزمة، بل كان يخلط الأوراق لاستمرار الصراع وانتعاشه بإعادة إنتاج هذه الشخصيات الجدلية، ضمن جوقة عبث تسمى لجنة حوار.
حوار جنيف بشخصيات جدلية بعضها متهم بالإرهاب، بل وصدرت في حقه مذكرات ملاحقة دولية ودعوتهم للحوار، يشبه ما قامت به قطر من استضافة قيادات طالبان التابعة لتنظيم القاعدة للحوار مع النشطاء المدنيين، فكان مجرد حرث في البحر لم ينبت حتى الزبد.

الأزمة الليبية التي تسعى العديد من الأطراف الدولية إلى استمرارها، يمكن حلّها عند إبعاد هذه الشخصيات الجدلية، وملاحقة المجرمين منهم، عبر محكمة الجنايات الدولية، والدعوة الجادة للنشطاء الوطنيين ومشايخ القبائل وأساتذة الجامعات والمجتمع المدني، إلى مؤتمر ليبي - ليبي جامع لا يحمل أي رؤى أو أجندات خارجية، ولا أي رؤية مؤدلجة مثل التي تحملها جماعات الإسلام السياسي من إخوان وقاعدة، والدعوة إلى انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة بشكل مباشر، وإلا ستصبح الأزمة الليبية في دوران مستمر وترحيل واستمرار وإطالة لعمرها، طالما لا تزال الدول ذات المصلحة سباقة في إعادة إنتاج هذه الشخصيات، وفرضها ضمن قائمة أي حوار ليبي، في حين هي شخصيات لا تمثل الليبيين بل بعضها يمثل تنظيم الإخوان الدولي ودولة المرشد، وأخرى تبايع تنظيم القاعدة وتجاهر بهذا، ولها صلات مباشرة معه، وجميعها لا تؤمن بجغرافيا الدولة الوطنية ولا بحقوق المواطنة للجميع.

ليبيا الآن يهيمن على عاصمتها الإسلام السياسي بالقوة المسلحة المدعومة من قطر وتركيا، وهم لا يمثلون إلا جزءاً يسيراً جداً من الليبيين، وإذا ما كانت هناك انتخابات نزيهة ومراقبة دولية لها، فسيكون مصيرهم الهزيمة الساحقة، وستعود بعد ذلك ليبيا إلى أهلها.

 

عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزمة الليبية وسياسة الترحيل الأزمة الليبية وسياسة الترحيل



GMT 05:21 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

سوف يكون يوماً فظيعاً

GMT 05:15 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

مِحنُ الهلال الخصيب وفِتَنه

GMT 05:12 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

لا حل في السودان إلا بالعودة إلى «منبر جدة»

GMT 05:07 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

مؤتمر باريس السوداني... رسائل متناقضة

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 16:13 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية
  مصر اليوم - فولكس واغن أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 00:48 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

محمد رمضان يتصدر مؤشرات محرك البحث "غوغل"

GMT 23:26 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

السنغال تُسجل 21 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 11:27 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

مجلة دبلوماسية تهدى درع تكريم لسارة السهيل

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

خطوات تضمن لكٍ الحصول على بشرة صافية خالية من الشعر

GMT 16:39 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

الحكومة المصرية تحصل على منح بـ 635 مليون جنيه

GMT 05:48 2019 السبت ,27 إبريل / نيسان

جوني ديب يقرر الزواج من راقصة روسية

GMT 13:34 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي لدول المتوسط يصنّف الأفضل لعام 2019
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon