توقيت القاهرة المحلي 07:25:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر التى كانت: النبيلان

  مصر اليوم -

مصر التى كانت النبيلان

بقلم : أيمن الجندي

 أعدكم أننى سأنشر هذا الأسبوع مقالات مفرحة. مقالات ترفع روحكم المعنوية. أستعيد بها عبق مصر التى كانت، ونتمنى كلنا أن تعود. لنستنشق العبق الطيب. مصر التى أحب أن أكتب عنها. مصر العظيمة الرائدة. مصر المنارة التى يهتدى بها الشرق بأكمله. مصر الرهافة والأدب وأبناء الأصول حين يعاملون بعضهم.

موعدنا اليوم مع الرجلين النبيلين: نجيب محفوظ ويحيى حقى.

■ ■ ■

حقاً ما أجمل الكتابة عن «نجيب محفوظ»، ذلك الرجل الروحانى الجميل! كلنا نعرف جميل خصاله: وداعته! تواضعه! إصغاءه لمن يحدثه حتى لو كان جاهلا أميّا! جديته وانكبابه على عمله، وإخلاصه لفنه الذى كرّس له حياته! بساطته وحقيقة أنه -ويا للعجب- لم يعتبر نفسه لحظة واحدة مميزا أو عبقريا! تلقيه نبأ نوبل بهدوء حتى إنه عاتب زوجته التى أيقظته قائلا: «بتصحينى عشان كده!؟. إن رجلا يستقبل جائزة نوبل بكل هذا الهدوء يعنى أن له رصيدا داخليا إنسانيا ضخما يتوارى بجواره كل ثراء العالم.

■ ■ ■

وتخيل فى الوقت نفسه أن أكتب عن »يحيى حقى«، الدبلوماسى النبيل عاشق الحارة المصرية. كم كنت سعيدا بقراءة هذا الكتاب (أساتذة نجيب محفوظ) للكاتب »إبراهيم عبد العزيز«، تخيل عندما يكون التلميذ (نجيب) بهذا الأدب فكيف يكون أساتذته؟ ولا شك أن يحيى حقى هو واحد من أساتذته. وأى عجب وهو مؤسس القصة القصيرة فى الأدب العربى، صاحب »قنديل أم هاشم« و»البوسطجي»، الرجل النبيل الذى سنتعرف عليه فى هذا المقال.

■ ■ ■

فى البدء كان نجيب محفوظ مجرد واحد من المعجبين بكتابات يحيى حقى الرائدة. عرفه كفنان عظيم أعجبه فنه وأدبه وجمال أسلوبه. ثم صار يحيى حقى بعد ذلك يدعوه إلى بيته فى الزمالك يحاضره عن الأسلوب ودقته.

الروعة كلها حدثت حين اجتمعا معا فى عمل واحد. عام ١٩٥٥ عمل نجيب محفوظ مديرا لمكتب يحيى حقى فى مصلحة الفنون! تخيلوا! كيف كان التعامل بين هذين الرجلين النبيلين الروحانيين النورانيين؟.

لمس فيه نجيب محفوظ البساطة والتقدمية والاستنارة والإقدام. لم يحاول -ولو لمرة واحدة- أن يمارس سلطته على مرؤوسه. وكان يصحب نجيب محفوظ فى سيارته بعد انتهاء العمل ليقوم بتوصيله إلى بيته.

ورغم عمق العلاقة بينهما على المستوى الإنسانى، فإن نجيب محفوظ كان مصرا على الحفاظ على آداب الوظيفة. لم يرفع الكلفة أبدا. ويقوم كل مرة لتحيته إذا أقبل عليه -كموظف ملتزم بآداب الوظيفة- مهما رفض يحيى حقى أو استاء لذلك. حتى لو كانت علاقته به على المستوى الإنسانى تبيح له أن يعامله كما يتعامل الأصدقاء. لقد كان يقوم له كنوع من التحية وأدب الوظيفة، لأنه طول عمره (موظف) تأدب بآداب الموظفين.

ورغم أن يحيى حقى كان يفضى له بأسراره الشخصية ويتمنى من نجيب محفوظ أن يعامله كصديق. وقد كان له صديق حقا.. صديق مؤدب يعرف قيمة الآخرين. ويعطى الأكبر منه الاحترام اللائق. بالطبع لست بحاجة أن أذكر أنه بعد أن ترك الوظيفة، وتوغل يحيى حقى فى شيخوخته وانحسرت عنه الأضواء، فقد ظل النجيب يواصل الاتصال به، ويثنى على كتبه وأعماله، بمحبة حقيقية.

■ ■ ■

عندما تشرفت جائزة نوبل بفوز نجيب محفوظ بها، فإنه أهدى تلك الجائزة ليحيى حقى، كواحد من الذين يستحقونها عن جدارة، لولا أن الحظوظ لم تواته.

هكذا كان الكبار يتعاملون فيما بينهم، وهكذا كانت مصر كبيرة، قبل أن تتقزم بفعل فاعل.

(نواصل غدا المقالات المبهجة).

نفلاً عن المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر التى كانت النبيلان مصر التى كانت النبيلان



GMT 05:21 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

سوف يكون يوماً فظيعاً

GMT 05:15 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

مِحنُ الهلال الخصيب وفِتَنه

GMT 05:12 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

لا حل في السودان إلا بالعودة إلى «منبر جدة»

GMT 05:07 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

مؤتمر باريس السوداني... رسائل متناقضة

هيفاء وهبي بإطلالات باريسية جذّابة خلال رحلتها لفرنسا

القاهرة - مصر اليوم
  مصر اليوم - موناكو وجهة سياحية مُميّزة لعشاق الطبيعة والتاريخ

GMT 16:28 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

أنواع من الفواكه تحتوي على نسبة عالية من البروتين
  مصر اليوم - أنواع من الفواكه تحتوي على نسبة عالية من البروتين

GMT 16:13 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية
  مصر اليوم - فولكس واغن أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 00:48 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

محمد رمضان يتصدر مؤشرات محرك البحث "غوغل"

GMT 23:26 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

السنغال تُسجل 21 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 11:27 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

مجلة دبلوماسية تهدى درع تكريم لسارة السهيل

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

خطوات تضمن لكٍ الحصول على بشرة صافية خالية من الشعر

GMT 16:39 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

الحكومة المصرية تحصل على منح بـ 635 مليون جنيه

GMT 05:48 2019 السبت ,27 إبريل / نيسان

جوني ديب يقرر الزواج من راقصة روسية

GMT 13:34 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي لدول المتوسط يصنّف الأفضل لعام 2019
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon