توقيت القاهرة المحلي 07:15:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر الجديدة

  مصر اليوم -

مصر الجديدة

بقلم - إبراهيم عبدالمجيد

منذ أكثر من عشرين سنة تأتيني الفرصة للسفر إلي المغرب العربي. في المرة الاولي وكانت تقريبا عام 1992 عدت لأكتب مقالا مطولا عنوانه لماذا كسب الملوك وخسر الرؤساء. مثلي يعرف مشكلات الحكم في كل الدول العربية. بل كنت اعرف مثل غيري قمع المعارضة الذي كان في المغرب والسجن الطويل لأعلام من المعارضين. وهذا أمر شاركت فيه كل الدول العربية تقريبا. ملكية وجمهورية. لكن مالفت انتباهي في المغرب العربي. وفي تونس ايضا بالمناسبة لكن هنا في المغرب العربي أكثر هو الحفاظ علي الثقافة المادية التي عاشت من العصور الإسلامية ثم من العصر الكولونيالي. وأعني بالثقافة المادية المباني والطرق والحدائق وغيرها في الحياة. رأيت الأشجار تملأ البلاد وكثير منها من عشرات السنين وبعضها منذ أكثر من مائة سنة ورأيت الحدائق كماهي منذ عهد الاستعمار الفرنسي لا يتم اقتلاع اشجارها ولا ملؤها بأكشاك الباعة حتي أنني ذات مرة في مدينة الرباط كنت أنتظر صديقا أمام مبني مجلس النواب وأشعلت سيجارة فكانت حيرتي كبيرة بعد أن انتهيت من التدخين كيف وأين أتخلص من عقب السيجارة وليس حولي الا أشجار ورصيف عريض غاية في النظافة. انتهي الأمر بان أطفأت عقب السيارة ووضعته داخل علبة السجائر. زرت مدنا مثل كازابلانكا او الدار البيضاء والرباط وطنجة عبر السنين. بل وزرت بلدة صغيرة مثل بني ملال وفيها وجدت الحدائق وشلالات المياه في الحدائق. ولم يقل جمالها عن المدن الكبيرة التي ذكرتها او مدن اصغر من العاصمة مثل فاس ومكناس او مدينة عريقة مثل مراكش. الأشجار هي القاسم الأكبر بين البلاد والمباني الأوربية التي تراها لا تختفي مع الزمن. شارع مثل شارع محمد الخامس في الدار البيضاء كماهو ومبانيه علي الجانبين علي طريقة مباني شارع الريفولي في فرنسا. فالممرات أمام المبني وتحته وهو ماتراه في مصر الجديدة عندنا وقبلها في شارع كلوت بك ومحمد علي لكن اذهب الآن إلي شارع كلوت بك او محمد علي وقل لي كيف الحال وأدعو الله أن تظل مباني مصر الجديدة علي حالها. وإذا دخلت في المغرب في الأحياء الشعبية حيث البيوت الصغيرة فستكون دهشتك كبيرة من ألوان البيوت ومن الأرض البازلتية وهو ماكان لدينا لكن تم منذ السبعينيات هنا في مصر خلع البازلت الصغير من الشوارع وسفلتتها بطريقة غير صحيحة وتكون النتيجة إنه حتي الأسفلت يتم تدميره ويتحول إلي مطبات بمجرد مرور سيارات فوقه فالأمر لا يخلو من الغش في التنفيذ والتسليم. في المغرب رأيت الطرق لا يصيبها هذا العطب. ورأيت عبر أكثر من ربع قرن تعددت فيه الزيارات أرصفة في الشوارع الواسعة تتجاوز الخمسة أمتار ولا أراها تنكمش بعد ذلك لاي سبب. هذا التراث من العصر الكولونيالي او من العصور الإسلامية السابقة في بناء البيوت يتم الحفاظ عليه وتقام المباني العصرية حقا في مدينة مثل الدار البيضاء لكنها لا تشوه المناظر الأخري فكل شيء محسوب في الرؤية بين المباني. هذه ثقافة لا تتخلص منها المغرب رغم أنها طبعا تخلصت من الاستعمار الفرنسي. نحن للأسف هنا في مصر اعتبرنا ان ما ورثناه في عهد النهضة وتحت الاستعمار البريطاني شيئا يخص الاستعمار فحدثت ولا تزال أكبر عملية اعتداء علي المباني الأثرية وبالذات الفلل وطبعا علي البحيرات والترع وأخرها ترعة المحمودية في الإسكندرية. كما حدثت اكبر عمليات اعتداء علي الأشجار والحدائق من أجل بناء العمارات وكان طبيعيا ان يشمل ذلك الاراضي الزراعية. نحن نسمي الإبداع بكل تجلياته النظرية بالقوة الناعمة لكننا نعادي ونعتدي علي المظهر المادي للثقافة العالمية. ثقافة البحر المتوسط الذي تطل عليه مصر بأكبر مسافة في حدودها. اعتبرنا تحررنا من الاستعمار البريطاني طريقا لتدمير الثقافة المادية وهي لا علاقة لها بالاستعمار البريطاني بل هي ثقافة البحر المتوسط العالمية. صحيح أن الاستعمار البريطاني لم يكن في ذكاء الاستعمار الفرنسي ومن ثم لم يكن علي نفس الدرجة في التغلغل الثقافي لكن كل من يدرس تاريخنا الحديث يعرف انه رغم الاستعمار البريطاني كانت النهضة كلها تقريباً تأتي من العلاقة مع فرنسا في شكل البعثات العلمية والثقافية التي كانت لا تنقطع إلي فرنسا. فمن هناك عاد المصريون بفكرة الديموقراطية ومجلس النواب ،مباني القاهرة والإسكندرية القديمة التي لاتزال وغيرها. بل والحدائق وغيرها فحديقة الاورمان مثلا أقيمت علي طراز حدائق التويليري في فرنسا وطبعا لن احدثك عن الفنون والآداب بكل اشكالها. باختصار كانت فرنسا نبع النهضة منذ البعثات ومنذ استعان محمد علي بالسان سيمونيين لبناء القناطر والجيش وغيره واستمر أبناؤه يرسلون البعثات إلي فرنسا رغم الاحتلال البريطاني. فنلنا من الثقافة الفرنسية مانالته الدول الواقعة تحت الاحتلال الفرنسي فلماذا لم نحافظ ولا نزال مثلها علي هذا التراث الإنساني. هذا ما يدهشني منذ زيارتي الأولي للمغرب وهذا ما جعلني أتساءل في مقالي الأول بعد اول زيارة كيف كسب الملوك وخسر الرؤساء

 

 

نقلا عن الاخبار القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر الجديدة مصر الجديدة



GMT 04:56 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المستفيد الأول إسرائيل لا إيران

GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

GMT 04:11 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

عامٌ يبدو أنه لن يكون الأخير

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

خسائر خام برنت تتفاقم إلى 24% في هذه اللحظات

GMT 17:36 2020 الأحد ,12 إبريل / نيسان

الصين تعلن تسجيل 99 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 12:34 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon