توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استعادة دم الفروسية المنقرض

  مصر اليوم -

استعادة دم الفروسية المنقرض

بقلم - مني حلمي

لا أعتقد، أننى واهمة، أو مبالغة، لو قلت إن مجتمعاتنا على عتبة«قفزة» حضارية. كلنا ننتظر «قفزة»، تغير من عقولنا، وعواطفنا، وشكل، ومعنَى الحياة من حولنا.

كلنا، على اختلافنا، وأيًّا كانت مواقعنا، نشتاق إلى أن «نقفز» فوق أى حاجز. لا يهم عدد الحواجز . مجرد حاجز واحد، يمكنه أن يُدخل الهواء النقيَّ، إلى صدورنا، ويعيد ثقتنا بأنفسنا. حاجز واحد، فقط، يمكنه أن يُحقن، شريان الحياة، بقطرة من دم الفروسية المنقرض. لا يهم أى حاجز، نقفز، وأين يكون ذلك الحاجز، ومدَى ارتفاعه . المهم، أن تحدث «القفزة» ذاتها . مَنْ «يقفز» مَرَّة، يمكنه أن «يقفز» مَرَّة ثانية . ومَنْ يقفز، مَرَّة ثانية، يستطيع أن «يقفز» مَرَّة ثالثة . الفكرة كلها، هى أن تتولد إرادة «القفز»، التى تُفجر «الجرأة» الضرورية لجميع القفزات.
تحتاج مجتمعاتنا، خصوصًا الآن، إلى «تنويعات» متعددة على لحن الجرأة. و«الجرأة» الضرورية لإحداث القفزات، هى القدرة على كسر الخوف. «القفزة» الفكرية، أو «القفزة» العاطفية، أو «القفزة» الحضارية، كلها لا تبدأ، ولا تنطلق، إلا بمواجهة المخاوف، كانت المخاوف، لاتزال، وسوف تظل، هى العدو الأكثر شراسة، للإنسان.
تاريخ الشعوب، هو تاريخ المخاوف المهزومة. نستطيع أن نتابع، التقدم فى حياة النساء، والرجال، بمتابعة المخاوف التى استطاعوا تبديدها.

وفى مجتمعاتنا، يحتل «الخوف»، مكانًا كبيرًا، على خريطة وجودنا، وأحلامنا، وحركتنا، ولهذا السبب، فإن وجودنا متعثر، وأحلامنا مُجهَضة، وحركتنا مُكبَّلة.
نخاف من المجهول.. ومن المعلوم.. نخاف المغامرة.. نخاف المخاطرة.. نخاف الجديد.. نخاف نفرح.. نخاف نضحك.. نخاف الوحدة.. نخاف الزمن.. نخاف أن نُحب، وأن نَعشق.. نخاف الله.. نخاف من الفشل.. نخاف الاختلاف.... نخاف من رواية تكشف علاقاتنا المزيفة.. نخاف من قصيدة تفضح أخلاقنا الهشة.. نخاف من امرأة لا تغطى شَعرها .. نخاف من رجل لا يُسبح بحمد الدولة الذكورية.. نخاف من طفلة لا تسمع الكلام.. نخاف من طفل لا يريد ختم القرآن وهو فى سِنِّ السابعة.. نخاف الاختلاف عن الأنمطة السائدة... نخاف الاتهام بالكفر.. ونخاف كلام الناس.
وعند «الخوف من كلام الناس»، أريد التوقف. ربما أفهم، لماذا يخاف الناس، من المغامرة، ومن الوحدة، ومن الزمن، ولكننى لا أفهم، كيف يكون «كلام الناس»، أهم من كلام العقل أو كلام المنطق؟. لماذا وكيف يكون «كلام الناس» مانعًا لأخذ القرار السليم، أو السلوك العادل، أو القول الحق، أو حتى مجرد الحلم بالتغيير؟.
لماذا يهمنا «كلام الناس»، ولا يهمنا تحقيق رغباتنا؟. لماذا نعطى «كلام الناس» أولوية، على راحتنا، وسعادتنا، وصدقنا، وحريتنا؟. لماذا، وكيف، تأتينا القُدرة، على إسكات ضمائرنا، ولا تأتينا القُدرة على إسكات «كلام الناس»؟. والبعض يبالى بعقاب الناس، أكثر بكثير، مما يبالى بـ عقاب الله؟.
لماذا، وكيف تؤرقنا «نظرة الناس» لنا، ولا تؤرقنا نظرتنا إلى أنفسنا؟. لماذا، وكيف، يشغلنا، احترام الناس لنا، ولا يشغلنا احترامنا لأنفسنا؟. يسعدنا «جدًّا» رضاء الناس، علينا. ولا يسعدنا أن نُرضى أنفسنا ؟. «مقاييس الناس»، نمشى وراءها بالحَرْف الواحد. أمَّا المقاييس، التى نُحبها، فندوسها دون أدنَى مبالاة.
«صوت الناس» نُرهف السَّمع له، نُغنيه، ونطرب لأنغامه. و«صوتنا» نُخرسه، ونكتم على أنفاسه.
كم من أفكار يجب الإيمان بها، لكننا نحاربها، خوفًا من كلام الناس. كم من القصائد الجريئة، والأفلام المقتحمة، والروايات المتجاوزة، ترقد حبيسة النفوس، خوفًا من كلام الناس. كم من علاقات الحب، ماتت قبل أن تولد، خوفًا من كلام الناس. كم من النساء، يرغبن فى تغيير حياتهن، لكنهن مستسلمات للإحباط، والخضوع، والتعاسة، خوفًا من كلام الناس. كم من الرجال، يشتاقون إلى كسر روتين الحياة، والانطلاق إلى آفاق جديدة، ولا يفعلون، خوفًا من كلام الناس. كم من «الفرح» ينقصنا، لأننا نخاف كلام الناس. كم من «الكرامة»، نصدها، لأننا نخاف كلام الناس.
المخاوف ليست إلا أوهامًا، ومجموعة من الأكاذيب. وليس عيبًا أن نخاف.
 لكن العيب فى استسلامنا لها.
من واحة أشعاري:
نشرت خبرًا فى جميع الجرائد يقول:
«أبحث عن وطن ليس فيه ميكروفون
لا يزيد تعداده عن 3 مليون
أريد وطنًا الدين فيه ليس كالأفيون
لا يقطع الأفلام بالصلوات وإعلانات الصابون
أريد وطنًا يجيد التحدث بلغة العيون
تخلص نهائيًّا من عبادة الإله الفرعون
يطعمنا خيراته ومهما ابتعدنا إليه راجعون».


نقلا عن  مجله روزاليوسف القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استعادة دم الفروسية المنقرض استعادة دم الفروسية المنقرض



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي

GMT 09:23 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

ضغوط متزايدة على لامبارد بعد أحدث هزيمة لتشيلسي

GMT 04:38 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

نفوق عشرات الآلاف من الدواجن قرب بلدة "سامراء" شمال بغداد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon