توقيت القاهرة المحلي 16:16:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زعيم المسيحية الصهيونية.. ماذا كان يفعل هنا؟

  مصر اليوم -

زعيم المسيحية الصهيونية ماذا كان يفعل هنا

بقلم : أسامة الغزولي

ماذا فعل نائب الرئيس الأمريكى لمنطقتنا فى زيارة استمرت أربعة أيام؟ لقد ترك وراءه شارعا فلسطينيا يغلى ورؤى جديدة لمستقبل المنطقة تتفاعل، بعيدا عن السلطة الوطنية الفلسطينية، فهل هذه نتيجة لما فعله هو وحده أم أن السلطة الفلسطينية مسؤولة هى الأخرى عما جرى؟ قرار «استبعاد» واشنطن من عملية البحث عن السلام هو قرار غير منطقى. لا أحد فى العالم يستطيع أن يعزل أمريكا، زعيمة العالم، بما فيها من ملايين اليهود، ومن المسيحيين الصهاينة، الذين يُعد نائب الرئيس الأمريكى، مايك بنس، أعلى رمز لهم.

وقد كان من الحماقة الامتناع عن مقابلته عندما زار فلسطين- إسرائيل. صحيح أنه المسؤول الأول عن قرار ترامب بنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس الغربية. ولكن هذا يجعل لقاءه ضروريا. أنت لا تقابل ترامب أو بنس لتعطى أيا منهما شرف لقائك، ولكن لأنهما أهم صناع القرار الدولى. ولنتذكر أنهما رفضا أن يصحبهما أى إسرائيلى عندما ذهبا، واحدا بعد الآخر، لزيارة حائط المبكى.

لماذا رفضا؟ لأنه لا يمكن لأحد أن يسمح بأن تكون القدس لليهود وحدهم. القراءة المتعقلة لكلام البابا فرنسيس، أحد أهم حكام العالم، ولكلام قادة كبار آخرين، تنتهى إلى هذه الخلاصة، وهو ما قاله الرئيس مبارك من زمان: مستقبل القدس فى التدويل. ولهذا السبب فالقرار 181 لسنة 1947، الذى أسس دولة إسرائيل ولولا غباؤنا لكان أساسا لدولة فلسطين، نص على وضع للقدس مستقل عن الفلسطينيين والإسرائيليين. وقد قال بنس إن ترامب لم يرسم حدودا للقدس، وإن بلاده تؤيد حل الدولتين، إذا توافق عليه الفلسطينيون والإسرائيليون. لكن تقول إيه لهواة التسخين، ولمدمنى رفع مستوى الأدرينالين بالعنتريات؟!.

وهنا نقطتان مهمتان: أولاً: أن يهود الولايات المتحدة ليسوا سعداء بقرار ترامب، الذى صدر لإرضاء المسيحية الصهيونية «القديمة»، التى تمول الاستيطان فى الضفة الغربية، والتى أغرقت إسرائيل فى عنصرية غير مسبوقة منذ 1967. ويهود الولايات المتحدة معظمهم ليبراليون يرون أن المسيحية الصهيونية «القديمة» تيار عنصرى يحلم بالمذبحة الكبرى، التى تنتهى بعودة المسيح وبتحول اليهود إلى المسيحية.

وثانياً: أن بنس أعلى رموز المسيحية الصهيونية «الجديدة» المتحمسة لإسرائيل لأسباب تتعلق بالديمقراطية، فهل إسرائيل ديمقراطية؟ نعم، إلى حد بعيد. صحيح كان موقف بنس مخزيا عندما وقف يمتدح الديمقراطية الإسرائيلية وهو يرى رجال الأمن يطردون 13 نائبا عربيا من جلسة الكنيست التى حضرها. لكن أيا كان رأينا فى ديمقراطية إسرائيل اليوم، فطبيعة فكر بنس وأمثاله من المسيحيين الصهاينة «الجدد» يمكن أن تنقل صراعنا مع إسرائيل من فضاء الأحقاد الدينية والعنصرية إلى مضمار السباق إلى الديمقراطية، وهذه نقلة عظيمة، إن جعلناها تحدث. ولهذا أقول إن الفلسطينيين أخطأوا عندما رفضوا لقاء بنس. يجب أن يتصرف القادة الفلسطينيون كسياسيين لا كمحاربين. وعندما يفعلون ذلك فسوف يخرجون بثقافة المنطقة كلها من أزمة مزمنة. والخطوة الأولى بهذا الاتجاه يتعين أن تكون بتحويل الفصائل الفلسطينية إلى أحزاب سياسية واختيار قادة جدد من الشباب لهذه الأحزاب. وتقاعس القوى الفلسطينية عن هذا الأمر هو أكبر دليل على عجزها عن مواكبة حركة الزمن.

كان المفروض، عندما أعلن ياسر عرفات قبوله بإسرائيل كدولة لها حق الوجود (فى 8 ديسمبر 1988) وعندما انحصر حلم الدولة الفلسطينية فى الضفة الغربية وغزة، أن تتحول حركة فتح إلى حزب سياسى. لكن هذا لم يحدث. وكان هذا عجيبا وغريبا. ثم أصبح أعجب وأغرب بعد قيام السلطة الوطنية فى 1994. وقد رأيت عرفات عندما زرته فى مكتبه وهو يعامل شمعون بيريز كسياسى يختلف معه لكنهما يقفان، كل فى دائرته، داخل منظومة سياسية واحدة. وهذا يوضح لماذا كان عرفات يخاطب رؤساء وزراء إسرائيل بقوله: Mr. Prime Minister، هذا اعتراف بمشتركات سياسية.

وعندما قابلت أحمد ياسين وعبدالعزيز الرنتيسى، وأنا أحترم الاثنين لأسباب إنسانية، مع رفضى الكامل لسياساتهما، قال لى «الرنتيسى» إنه لا يستطيع أن يقبل بالحدود الراهنة لإسرائيل لأن هناك قواعد وضعها الشرع للتصرف فى أرض فلسطين، التى هى وقف إسلامى. وبدا لى ذلك مجرد انصياع لمقولة صدرت عن عبدالحميد الثانى فى ظروف لم يعد لها وجود. لكن عندما وجدت الناس فى غزة والضفة يتعاملون بالشيكل، وكل مقومات حياتهم مرتبطة بإسرائيل، ووجدت العمل فى إسرائيل حلما لشباب فلسطينيين (ومصريين) بدأت أرى الموضوع صراعا أهليا بين فلسطينيين وإسرائيليين. وآمنت بضرورة أن تتحول الفصائل الفلسطينية إلى أحزاب، مثل الأحزاب الكتالونية فى إسبانيا والكردية فى العراق. ولكن لأن هذا لم يحدث فلن يكون غريبا لو شق التاريخ لنفسه مجرى بعيدا عن قيادات الفصائل، ليمضى بنا إلى مرحلة جديدة يمثل التعاون الإقليمى فيها ركيزة لما اعتدنا أن نسميه «السلام العادل والشامل»، دون أن نضع الأسس العملية لهذا السلام العادل والشامل، وضيعنا عشرات السنين على كيلومتر هنا وكيلومتر هناك.

نقلا عن المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زعيم المسيحية الصهيونية ماذا كان يفعل هنا زعيم المسيحية الصهيونية ماذا كان يفعل هنا



GMT 04:56 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المستفيد الأول إسرائيل لا إيران

GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

GMT 04:11 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

عامٌ يبدو أنه لن يكون الأخير

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:13 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

مقتل مراسل عسكري لصحيفة روسية في أوكرانيا
  مصر اليوم - مقتل مراسل عسكري لصحيفة روسية في أوكرانيا

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

خسائر خام برنت تتفاقم إلى 24% في هذه اللحظات

GMT 17:36 2020 الأحد ,12 إبريل / نيسان

الصين تعلن تسجيل 99 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 12:34 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon