توقيت القاهرة المحلي 13:30:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيسنجر وإسرائيل والكاميرا الخفية

  مصر اليوم -

كيسنجر وإسرائيل والكاميرا الخفية

بقلم : نبيل عمرو

 أثناء الانتفاضة الفلسطينية الأولى، انتشرت في وسائل الإعلام لقطة تلفزيونية تصور جنوداً إسرائيليين مدججين بالسلاح، ينقضون على طفل فلسطيني ويسحقون عظامه بالحجارة وكعوب البنادق.

أحدثت هذه اللقطة انقلاباً في المزاج العالمي لمصلحة الفلسطينيين، وضربت الرواية الإسرائيلية من أساسها، وتكرست صورة الجيش الإسرائيلي أمام العالم كجيش يقوم بأعمال وحشية ضد الأطفال العزل، حينها وجه أشهر وزير خارجية في العالم هو السيد هنري كيسنجر نصيحة إلى إسحق رابين مفادها: افعل ما تشاء بالفلسطينيين ولكن وراء الكاميرا.

وعلى مدى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي غير المتكافئ من كل النواحي إلا رجحان كفة العناد الآدمي على الإمكانات الضوئية الهائلة، فإن الكاميرا لعبت دوراً حاسماً في ضرب الرواية الإسرائيلية وتجنيد أوسع قطاعات الرأي العام العالمي ضدها، ومع أن الوقائع التي تثبت ذلك كثيرة وتزدحم بها مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزيون الناجية من القبضة الإسرائيلية، فإنني أختار واقعتين لا تزالان تحتلان اهتماماً كبيراً عند كل من لا يزال لديه بقية ضمير أو موضوعية؛ واحدة بطلها شاب فلسطيني استخدم كاميرا الموبايل عن قرب، في تصوير عملية الإجهاز على الجريح الفلسطيني مشلول الحركة عبد الفتاح الشريف في الخليل، وحين وجدت اللقطة سبيلها إلى النشر تعرّت الرواية الإسرائيلية القائمة على تبرير كل قتل لفلسطيني بأنه دفاع عن النفس، ووقعت اللقطة حتى في إسرائيل ذاتها كزلزال ما زالت تداعياته متواصلة حتى الآن.

حتى إن الرأي العام الإسرائيلي لا يزال منقسماً على الفاعل واسمه ازاريا، البعض يريد تبرئته مهما فعل، وبعض آخر يريد استمرار حبسه، ليس دفاعاً عن العدالة وإنما دفاعاً عما يسمونه «طهارة سلاح جيش الدفاع».

واقعة أخرى طازجة تماماً حدثت حين تسربت إلى مواقع التواصل الاجتماعي، لقطة شديدة الوضوح يظهر فيها قناصة إسرائيليون وهم يتراهنون على قتل ولد فلسطيني يقف وراء السياج الحدودي، وبالصوت والصورة، رأى الناس وسمعوا الحوار الضاحك بين القناصين قبل قتل الولد ثم الحوار المبتهج بعد قتله، مع أن الصورة الواضحة تماماً تظهر أن الولد لا يحمل أي نوع من السلاح.

الكاميرا الخفية والظاهرة أرغمت أفيغدور ليبرمان على تغيير الرواية واعتماد بديل جديد عنها يستحق أن يقدم مبتدعها إلى المحاكم الجنائية في كل مكان، إذ قال وزير الجيش: «لا يوجد في غزة أبرياء»، وهذا يعني إطلاق يد الجنود وحتى الطيارين ورماة المدافع والصواريخ لقتل كل من يعيش على أرض غزة. وهنا أُعلنت الرواية الإسرائيلية على حقيقتها دون رتوش، كل من يعيش في غزة ليس بريئاً!

وما الفرق بين هذا القول والقول الأخطر الذي قاله سلفه حين أفصح عن أن أهم أمانيه أن يرى غزة بمن عليها وقد غرقوا في البحر.

أمام هذا المثبت بالصوت والصورة ماذا تعني في الواقع نصيحة كيسنجر، وهل لدى القادة الإسرائيليين وقت كافٍ ليفعلوا ما يشاءون بالفلسطينيين وراء الكاميرا وليس أمامها.

نقلا عن الشرق الآوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيسنجر وإسرائيل والكاميرا الخفية كيسنجر وإسرائيل والكاميرا الخفية



GMT 03:53 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الأهرامات مقبرة «الرابرز»!!

GMT 03:51 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الشعوب «المختارة»

GMT 03:49 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

اللاجئون إلى رواندا عبر بريطانيا

GMT 03:48 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

المقاومة الشعبية والمسلحة

GMT 03:38 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

خطر تحت أقدامنا

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:33 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
  مصر اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن شِقو يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 06:52 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي يقضي على التهاب المفاصل بأطعمة متوافرة

GMT 03:14 2021 الجمعة ,03 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تنتقد التبذير في جهاز العرائس

GMT 14:30 2021 الأحد ,04 إبريل / نيسان

"مايكروسوفت" تؤجل إعادة فتح مكاتبها بالكامل

GMT 05:07 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تكشف عن كمية القهوة لحياة صحية مديدة

GMT 11:21 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

وزيرة الصحة المصرية تؤكد حرص مصر على دعم لبنان ومساندته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon