توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القوة الناعمة الخفية فى مصر

  مصر اليوم -

القوة الناعمة الخفية فى مصر

بقلم - محمـد أبــوالفضـــل

لنشاط الذى تشهده بعض مؤسسات الدولة، فى السينما والمسرح والدراما التليفزيونية، يوحى برغبة فى استعادة دور القوة الناعمة لمصر، ويؤكد أن هناك من يرون فرصة مواتية للتمدد على المستوى الثقافي، والسعى للاستفادة من الأجواء الطامحة إلى تعويض سنوات ماضية من الركود.

الحيوية التى نراها فى تقديم أعمال متقنة، جزء من توجه لدى قطاع من المهتمين بالشأن العام، يريد توظيف الدعم المباشر والضمنى الذى تقدمه الحكومة، وهو ما ظهرت تجلياته فى حراك هيئات مهتمة بصناعة الثقافة، كمفهوم ناعم يضفى على الدولة بريقا وحضورا ونفوذا غاب لفترة من الوقت.

الطريق الذى يسير فيه هؤلاء، من الممكن أن ينجح فى تحقيق جانب معتبر من متطلبات الدولة العصرية، لكن الروتين الذى يواجهه البعض، وإصرار الآخرين على تغليب ثقافة الكرنفال يعرقل الوصول إلى تقدم يطول الكثير من الهيئات العاملة فى فضاء الثقافة بمفهومها الشامل، لأن الاجتهادات فى معظمها فردية، وتفتقر لرؤية كلية تعى الأهمية الإستراتيجية للقوة الناعمة المصرية.

مع ذلك يجب أن يترك المجتهدون فى نطاق المؤسسات الخاصة، التى تخرج منها قيم نوعية جديرة بالمتابعة، تعبر عن جوهر الابداع، وتشمل مجالات مختلفة، وبدأ هذا الاتجاه يحقق رواجا يعزز القدرة على إحياء القوة الناعمة، مع جهات رسمية قليلة تدرك أهميتها ويحاول بعض العاملين فيها (الجهات) مواكبة الزخم على المستوى الخاص.

بعيدا عن التعقيدات التى يصطدم بها هؤلاء، بدأوا فى التحرك من خلال نشاط دب فى عروقهم أملا فى التجديد، وهى جهود ظهرت ملامحها فى عدد من هيئات الثقافة والإعلام أخيرا، وإذا تجاوزوا النظرة الضيقة لبعض القضايا وتعاملوا معها باعتبارها مهمة وطنية وليست شرا لابد منه، يمكن إضافة بعد إيجابى ظل خاملا لفترة طويلة، عن عمد أو جهل.

بالتوازى مع التحركات التى تقوم بها مؤسسات عامة وخاصة، هناك دور كبير يقوم به أفراد، باجتهاد شخصى منهم ودون تخطيط وتنسيق مع آخرين، يقدمون نموذجا جيدا للقوة الناعمة، ويعبرون عنها بإيجابية، ويلقون استحسانا يؤكد التقدير لمواهبهم ورؤاهم، بما يفوق غيرهم ممن يعملون فى مؤسسات رسمية وينخرطون فى أنشطتها بلا هوية ثقافية.

هذا الفريق يتكون من أشخاص يعمل كل منهم فى تخصصه، نجحوا بتفوقهم فى تغيير انطباعات سلبية عن مصر، عزفت على لحن تراجع قوتها الناعمة، وتآكل نخبها، وفشلها فى التأثير الثقافي، والإخفاق فى استعادة دورها الريادي.

ربما يكون أصحاب هذه النظرة معذورين، لأن هناك من يصمت على تصرفات عدد ممن يتصدرون المشهد الثقافى والإعلامى ويسيئون للدولة أكثر مما يضيفون لها، ويخصمون من رصيدها الحضارى المتراكم، ومنهم من كان سببا فى توتر العلاقات مع بعض الدول ذات المصالح الحيوية، مع ذلك يحظى هؤلاء بدعم ضمنى وعلني، بدليل التصميم على بث رسائلهم السلبية، بينما ثمة قوة بعيدة عن الأضواء تلعب دورا مهما فى تصويب ما أفشله آخرون.

القوة الناعمة المستترة، إذا جاز التعبير، تعمل وفقا لمنظومتها الوطنية التى لا تختلف مع التوجهات الرسمية وثوابتها الرئيسية، بل هى داعمة لها، وتمتاز بمساحة جيدة من الحركة نتيجة استقلالها المهني، وأصحابها بالطبع معروفون، لكن لا يتم الاستعانة بهم، ربما لأنهم غير منخرطين فى شلة أو يمكنهم الاعتراض فى اللحظات الحاسمة.

أعضاء هذا الفريق من المخلصين، يدعمون النظام الحاكم ولا ينتمون لأحزاب سياسية، ويمثلون شريحة مؤثرة فى المحيط الذى يعملون فى نطاقه، لكن لديهم قناعة أن الانتقادات الموضوعية والتعاطى بمهنية مسألة مهمة للتعبير عن القوة الناعمة الحقيقية.

مع أن الأجهزة الحكومية تغض الطرف عنهم ولا تريد أن تراهم قريبين منها، لكن دورهم يحظى بقبول لدى مؤسسات رسمية تتابع معالم المشهد المصرى بكل جوانبه، وترى فيهم رصيدا متينا، يعملون بمفردهم وحصيلة اجتهادهم تصب فى مربع استعادة الريادة المصرية، ويمثلون مخزونا يمكن الاستعانة به، عقب الانتهاء من مرحلة البناء والوصول إلى مرحلة الانطلاق.

المؤكد أن الطموحات العريضة التى عبر عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي، تحتاج إلى بديل محترم من النخب السياسية والمثقفين والإعلاميين، بإمكانهم التعبير عن القدرات الكبيرة للدولة، ورسم خريطة طريق لاسترداد القوة الناعمة لمصر.

حدثنى مرة عالم سياسة مصري، عن اعتماد الدولة تاريخيا على نسبة ضئيلة من المحترفين والموهوبين فى مجالات مختلفة، الفكر والثقافة والإعلام والسياسة والاقتصاد.. وغيره، لا تتجاوز نسبتهم 3 بالمائة من عدد سكان مصر، وكان يضرب المثل بالفترة التى تلت ثورة يوليو 1952 وحتى حقبة الثمانينيات من القرن الماضي، وقال هؤلاء هم الذين حافظوا على قوة مصر الناعمة.

وأوضح أن هذه النسبة تراجعت الآن، ولم تعد تتجاوز نصف بالمائة، ورغم قلتها تستطيع التأثير إذا جرى توظيفها بشكل جيد، وأرجع التآكل إلى عوامل عدة، أبرزها أن من يختارون العناصر المحركة للثقافة ينطلقون من تغليب المصالح الشخصية على الوطنية.

الكلام الذى حرص عالم السياسة على توضيحه فى حوار قد يأتى وقت الحديث عنه تفصيلا، يؤكد أن النخبة هى التى تمثل الثقل الكبير للدولة، وتدهورها، بندرتها أو تخريبها، يقود إلى ضعف فى تأثير القوة الناعمة، وأن المؤسسات الرسمية لا تنحاز للنخب الشريفة فى تسيير الأعمال اليومية، لكنها تحتاج إليها فى المحكات الرئيسية.

وجهة نظره تقوم على ضرورة أن يكون هناك أشخاص يعملون بجدية لتنهض الأمة، وربما تستعين الدولة بغيرهم فى مرحلة ما، لأنهم الأقدر على تنفيذ الأوامر والتعليمات فى مرحلة لها خصوصية معينة، وفى النهاية تظل القوة الناعمة الحقيقية - الخفية هى البوصلة الثابتة لأى تقدم تنشده الدولة.

من يراقب المؤتمرات التى تعقدها مكتبة الإسكندرية يستطيع وضع يديه على نماذج جادة ومخلصة، لأن المكتبة درجت على استقبال جميع أنواع الطيف الثقافى فى مصر والعالم، ومرونة مديرها الدكتور مصطفى الفقى تستوعب الجميع بذكاء، ويدرك القائمون عليها أهمية القوة الناعمة بشقيها، العام والخاص.

نقلا عن الأهرام القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القوة الناعمة الخفية فى مصر القوة الناعمة الخفية فى مصر



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 02:41 2016 الأحد ,15 أيار / مايو

الألوان في الديكور

GMT 15:53 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

إقبال على مشاهدة فيلم "Underwater" فى دور العرض المصرية

GMT 15:43 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

مجلس المصري يغري لاعبيه لتحقيق الفوز على الأهلي

GMT 14:25 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تُوصي بالنوم للتخلّص مِن الدهون الزائدة

GMT 17:44 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يستغل الخلاف بين نجمي باريس سان جيرمان

GMT 03:56 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

عبدالله الشمسي يبتكر تطبيقًا طبيًا لمساعدة المرضى

GMT 14:00 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

أودي تطرح أفخم سياراتها بمظهر أنيق وعصري

GMT 17:49 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

مدير المنتخب الوطني إيهاب لهيطة يؤجل عودته من روسيا

GMT 19:33 2020 السبت ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل مغني الراب الأمريكي كينج فون في إطلاق نار بأتلانتا

GMT 23:01 2019 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

شبح إلغاء السوبر الأفريقي يطارد الزمالك والترجي

GMT 13:42 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon