بقلم - سعاد طنطاوى
حقا ماتت الانسانية يوم تجمدت المشاعر فى القلوب ، ودفنت يوم دفن أطفال سوريا اللائجئين على رمال الشواطىء وتحت الثلوج ، خسئت تلك الحروب التى طغت فى العالم العربى وانتجت القتلى والمهاجرين والمشردين من اوطانهم وخسء من أشعلها،أنهم لاينتمون الى الانسانية بقدر ذرة فقد انعدمت ضمائرهم حينما جعلوا الشعوب وقودا لهذه الحروب.
وها هى مأساة جديدة تخرج علينا من سوريا مجددا تنخلع لها قلوب الرحماء حينما تراها على مواقع التواصل الاجتماعى ، انها فاجعة العثور على أسرة بالكامل ماتت على الحدود السورية اللبنانية من شدة البرد والثلج اثناء هروبها من جحيم الحرب السورية غير مبالين بالمصير الذى ينتظرهم فالموت ينتظرهم فى كل مكان طالما فقدوا الوطن الذى يضمهم ويحميهم ويدفىء قلوبهم ، فيصبح بعده كل شىء هين حتى لو كان الموت بالصقيع والثلوج
هانت الانسانية ومحت من قلوب أولئك الذين نسوا كلام الله بأنهم مسئولون عن رعيتهم وسيحاسبون عليها يوم الدين ، عجزت الانسانية امام أولئك الذين هربّوا ابنائهم الى الخارج خشية عليهم ويلات الحروب ، فالشعب موجود ليدفع من حياته ضريبة الحروب من الخراب والدمار والجوع والتشرد والموت والهجرة ، هانت الانسانية على اولئك التى غلظت قلوبهم فدفعوا بالآف الى الهروب من جحيم حروبهم ليلاقوا حتفهم بالموت غرقا وليس منا ببعيد الطفل الكردى ايلان الذى عثر على جثته غريقا وهو فى عمر الثالثة على احد الشواطىء التركية بعد انقلاب القارب الذى كان يقل اسرته الى جزيرة "كوس " اليونانية " فى محاولة للعثور على حياة افضل من نار الحروب فى سوريا .
تلك المأساة التى أهتز لها ضمير العالم وشابت معها الرؤوس وأقشعرت لها الابدان وقامت الدنيا لها ، وفجأة دخل الضمير فى سبات عميق حتى خرج علينا الطفل السورى عمران وهو فى عربة الاسعاف صامدا ساكتا كبلده تماما تغطى الجروح والدماء وجهه بعد ان تم انقاذه من تحت الانقاض اثر غارة جوية روسية على شمال حلب . والجمعة الماضية موت أسرة كاملة تحت الثلوج والبرد والصقيع والسبب الهجرة عبر الحدود . لقد اكدت صورة الطفل ايلان المسجى على الرمال بعد ان لفظه البحر ليحكى للعالم كله وفاة الانسانية وانعدام الضمير التى ماتت مع موت ايلان وعمران الصامد الصامت كبلاد الشام والاسر المتوفاة تحت الجليد وسيكون غيرهم كثيرين اذا لم يستيقظ هذا الضمير !
فمنذ أن نشبت الحرب الاهلية السورية فى 15 مارس 2011 وحتى الان والشعب السورى يتجرع الامريين ، القتل والهجرة على مدار 6 سنوات و10 شهور تقريبا فقد ابنائه واهله الذين تتفاوت اعدادهم مابين قرابة ال129 الف و295 فى الوفيات وفقا لتقديرات الامم المتحدة وبحسب الجماعات المعارضة الناشطة منهم حوالى 11 ألف طفل وسيموت اكثر واكثر طالما عمت القلوب وعجزت الانسانية عن قضية اللائجين فى ظل عالم يتسكع فى انقاذ الأبرياء الذي يدفعون ثمن صراعات وحروب لا دخل لهم بها.
نقلا عن الاهرام القاهرية