توقيت القاهرة المحلي 21:11:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«تكفى يا نيكولاس»!

  مصر اليوم -

«تكفى يا نيكولاس»

بقلم - فيصل العساف

تجرى هذه الأيام محاكمة «الداعشي» الذي هزت جريمته المجتمع السعودي. أحكم وثاق ابن عمه بعد أن استدرجه إلى الصحراء، ثم وثق خيانته بمقطع فيديو مقزز، كانت فيه كلمات الرجاء، التي أطلقها المغدور، أيقــــونة تدل على مدى بشاعة النفس البشرية عندما تحتكم إلـــــى ذاتها، وتقرر نيابة عن المعاني السامية للإنسانية، أن تقطع طريق حياة أحدهم بدم بارد، كأنها بلا قلب، أو أن لها قلباً لكن الرحمة لم تعرف إليه مسلكاً في يوم من الأيام!

«تكفى يا سعد»، كانت كفيلة بردع سعد، الذي صوب سلاحه مع سبق الإصرار والمكر، لكنه بخبثه لم يكن ليفتح عقله لنداء المنطق والرحم، إنه وشقيقه الذي صور بشاعة الحادثة، مرضى، قتلة، مجرمون بالفطرة، علاقتهم بالإسلام علاقة وراثة فقط. أما «الله أكبر»، التي تعالت من أفواههم بعد تنفيذ قباحتهم، فإن صداها سيظل يتردد في ذلك الغار الذي تركوا فيه جثة قريبهم هامدة، تشهد بأنهم «سفهاء أحلام» مارقين، يتشدقون في «خير قول البرية».

في ضفة أخرى من هذا العالم الغريب العجيب، الذي يمكنك الشعور بعدم الانتماء إليه، أو عدم انتمائه هو إليك، لا فرق ما دمت بشراً سوياً، فإنه قد نمى إلى علمك، ولا بد، نبأ نيكولاس كروز، منفذ العملية الرقم 18، التي سُجّلت منذ مطلع العام الحالي، الذي لم يكمل بعد شهره الثاني، من سلسلة إطلاق النار على مستوى المدارس الأميركية!

ولسائل أن يسأل: هل كان للكنيسة، أو لتعاليم الإنجيل الذي قد تحض بعض آياته على «قتل المخالف»، دور في مجزرة مدرسة مارجوري الثانوية، التي ذهب ضحيتها 17 طالباً وطالبة؟ أم تُراها الموسيقى، تعلق بها فؤاده، بعد أن اعتاد سماعها في بيته وفي مدرسته، وفي شوارع ولاية فلوريدا الأميركية الصاخبة، حتى خامرت عقله، وشلت قدرته على التمييز، ليتمكن أخيراً، من إزهاق أرواح كل أولئك الأبرياء؟

ساذجة هي هذه الاحتمالات، مثل سذاجة تلك الادعاءات التي تقابلها، زاعمة العلاقة بين تعاليم الإسلام، وبين «الدواعش»، أو «القاعديين»، الذين أثخن الإجرام عقولهم، مورثاً إياهم حب القتل ومناظر الأشلاء التي تتناثر على جدران عطشهم إلى الدماء. ربما يطرح قائل مسؤولية الأيديولوجيا، أو العقيدة، التي تنطلق منها الجماعات المسلحة ذات الصبغة الدينية الإسلامية، على أنها أسهمت في تغذية النزعة الإجرامية عند أولئك، لكن ذلك تبسيط في الحقيقة، يرتقي إلى مستوى تهميش الوقائع، التي أدت إلى انسياق هؤلاء القتلة خلف الشعارات «البراقة» التي تتستر على ميولهم، فأسامة بن لادن لم يكن- بالإسلام- ليحشد خلفه كثيرين، ولذلك استدعى شماعة القدس التي علق على مشجبها ذنب الـ11 من أيلول (سبتمبر) ليجر على العالم الإسلامي النكبات. وفي العراق وسورية لم تكن «داعش» لتطرأ لولا احتلال أميركا وطائفية إيران وفظاعات بشار الأسد.

الإسلام ليس السبب على الإطلاق، فخيوط الزينة والأنوار، التي يعلقها أهل العروس على منازلهم قديماً، تتم إزالتها فور انتهاء الحفلة، وكذلك الإسلام، يطوى في جبهات الجشع، ثم يقذف به في مستودعات الفضيلة المزعومة، أو يعار إلى منابر التحريض الدعيّة، ليتم التصويب على هدف آخر يحتاج إلى سلالم من جماجم.

نيكولاس، هو النسخة الأميركية من سعد. وجهان لعملة واحدة، تصرف في سوق الدمار والهدم الذي هو في حاجة إلى الاستعداد النفسي لارتكاب الفظائع. أصحاب الدكاكين فيه محترفو إجرام، بضاعتهم الدم، تحركهم رغباتهم، يشبهون غيرهم في الشكل فقط، لكن حقيقتهم مختلفة جداً، لا تهزها اعتبارات التوسل ولا المناصحة، وعلاجهم الوحيد النفي من الأرض، وصلب معتقداتهم على جذوع ضلالاتهم.

 

 

نقلا عن الحياه اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تكفى يا نيكولاس» «تكفى يا نيكولاس»



GMT 05:21 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

سوف يكون يوماً فظيعاً

GMT 05:15 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

مِحنُ الهلال الخصيب وفِتَنه

GMT 05:12 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

لا حل في السودان إلا بالعودة إلى «منبر جدة»

GMT 05:07 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

مؤتمر باريس السوداني... رسائل متناقضة

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 19:13 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

دينا فؤاد تعلن شرطها للعودة إلى السينما
  مصر اليوم - دينا فؤاد تعلن شرطها للعودة إلى السينما

GMT 16:13 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية
  مصر اليوم - فولكس واغن أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 19:04 2022 الخميس ,03 آذار/ مارس

تأهيل الحكومة الرقمية من أجل التنمية

GMT 11:04 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

"فورد" تستدعى 5234 سيارة فى الصين لمخاطر تتعلق بالسلامة

GMT 03:05 2024 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

5 ملايين زائر لمعرض القاهرة الدولي للكتاب

GMT 05:32 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دول غرب أفريقيا تتخذ إجراءات جديدة لإنقاذ الغابات

GMT 18:11 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

عودة ميسي ووصول لاعبو البارسا لمواجهة رايو فاليكانو الليلة

GMT 04:18 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

"بي بي" تؤكد بدء إنتاج 50 مليون قدم من الغاز في مصر

GMT 16:41 2018 الخميس ,26 تموز / يوليو

كشف ملابسات مقتل سيدة بمنزلها ذبحًا في دمياط

GMT 08:52 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 أطعمة مهمة تساعدك في علاج الأرق المزعج

GMT 09:17 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

التناقض عنوان المجموعة الشتوية الجديدة لزياد نكد

GMT 11:42 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

عطر guess seducriv I am yours لإطلالة غامضة ومغرية

GMT 23:10 2016 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

مطار سوهاج يُجري تجربة طواريء لطائرة منكوبة

GMT 08:59 2017 الأربعاء ,05 تموز / يوليو

عائشة بن أحمد تُشعل مواقع التواصل بإطلالة رائعة

GMT 14:00 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أمسيات دينية في مساجد الإسكندرية عن أهمية الثقافة في التربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon